30/05/2012 - 00:08

قطرات من دمي / السباعي عبد الرؤوف

إنها ترقص في دمي رقصة الموت والجنون، هي سالومي عادت من جديد لتقتحم حياتي، وتدفعني لأن أقطع رأس أقرب المقربين إلي لترضى.. وليتها ترضى..

قطرات من دمي / السباعي عبد الرؤوف

- سالومي -

إليكم، عندما انغرست السهام في صدري، تدفقت الدماء الغزيرة منه، فوضعت قلمي في الدماء الساخنة وكتبت لكم.

 

 

 (1)

أحفظ القرآن في الصباح، وأذهب لبار الوردة البيضاء في المساء، رفاقي في صلاة الفجر يتعجبون من تقواي، ورفاقي في المساء يتعجبون من هذا العجوز العابث اللاهي، ويشهد الله أني لا هذا ولا هذا.

 (2)

إنها ترقص في دمي رقصة الموت والجنون، هي سالومي عادت من جديد لتقتحم حياتي، وتدفعني لأن أقطع رأس أقرب المقربين إلي لترضى.. وليتها ترضى..

 (3)

أما شعرها فقد قمت بتصفيفه ألف مرّة، ووضعت لها الرّتوش على وجهها الجميل، وكنت مفتونًا باللّحظات التي كانت تطالبني فيها برسم الشفاه، كنت أفعل هذا بهدوء عجيب، وبآلية مذهلة، كانت تتردد علي باستمرار، ممثلة مبتدئة، ثم بدأت الشهرة تناديها شيئا فشيئا، والآن ما عادت تأتي إلي.

 (4)

قال لي: "لا تسأل عنها لقد باعت نفسها للشيطان"، قلت له: "فلتذهب للجحيم ما عادت تهمني"، وقلت لنفسي:"ليتني كنت الشيطان".

 (5)

قالت لي: "هاتيجي الفرح بتاعي يوم الخميس الجاي"، قلت لها: "آه"، قالت لي: "خلاص هستناك"، ظنت الحمقاء أني أوافق على المجيء، لم تفهم أني أتوجع..

 (6)

تعجب الرفاق عندما غررت بفتاة في الثالثة عشرة من عمرها، وتساءلوا أي ذئب أكون، لم يعلموا أنني نظرت في الغيب وعرفت أني بعد سنوات قلائل واقع في حبالها، وأنها ستلهو بي كما يلهو الطفل بعصفور مسكين، فقررت أن أعزي نفسي بأنني كنت يوما الأقوى، وأن آسرتي كانت يوما أدنى إلي من بناني.

 (7)

يتعجب الرفاق من جرأتي، ما بين صالات القمار، وحانات الخمر، وليالي لا تنتهي في علب الليل، يسألونني: ألا تخاف من أن تفسد روحك؟ أبتسم بائسًا: "وهل يخاف الغريق من البلل؟"

(8)

لم يستطع الوصول إليها، أخذ يطرق الباب في يأس، ثم بكى، ثم سقط أمام الباب ينتحب، كان طفلا في الرابعة، ابتسمت من سذاجته وشغفه، فلينتظر سيفتح الباب بعد قليل، أو فليظل موصدا للأبد، كم لبثت خلف الأبواب المغلق وكم بللت دموعي عتباتها وكم طرقتها بالأيدي وركلتها بالأقدام، وتحطمت رأسي وأنا أسعى للدخول، وباب فتح ونسيته، وباب ظل مغلقا لم يفتح رغم كل ما بذلت.

 (9)

كنت أسخر منها، كانت فاسدة، وكان كل الناس في شارعنا يتحدثون عنها بشكل غير لائق، بعد وفاتها طار نعشها في السماء، تعجبت كثيرا، جاءتني في المنام ، سألتها عن سر ما حدث ، قالت لي وهي تحلق بجناحيها: "هذا جزاء الصابرين".

التعليقات