د. عزمي بشارة: لكل جيل انتفاضته وأسلوبه

ومن المتوقع أن تتناول حلقة اليوم الملف السوري وتطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة.

د. عزمي بشارة: لكل جيل انتفاضته وأسلوبه

قدّم المفكر العربي ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدكتور عزمي بشارة، قراءة تحليليّة في المشهد السياسي الإقليمي والتحالفات الدوليّة ما بعد الهجمات التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية، باريس، على مدى حلقتين خاصتين بثتا ليلة الأمس واليوم ضمن برنامج "العربي اليوم" على قناة العربي.

بلا أفق وله كل الأفق

في الجزء الثاني والأخير من الحوار الخاص الذي أجراه برنامج "العربي اليوم" مع المفكر العربي ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة، الدكتور عزمي بشارة، وصف الأخير الحراك الفلسطيني الحالي، الذي يسميه البعض انتفاضة ثالثة ويراه البعض الآخر مجرد زوبعة لن تودي إلى شيء، بأنه "أمرٌ بلا أفق وله كل الأفق".

واستطرد موضحًا أن الذي يجعل الهبة الفلسطينية الأخيرة بلا أفقٍ سياسي واضح هو عدم وجود ممثلين سياسيين عنها؛ فالسلطة الفلسطينية يداها مكبلتان بالاتفاقات والمواثيق الدولية التي ألزمت بها نفسها، كما أن الأطراف السياسية الأخرى كحماس وغيرها تم تهميشها لعدة عوامل لم يتسع المجال لذكرها.

وأردف بشارة أن ما يجعلها أملًا حقيقيًا للفلسطينيين ومصدر قلق دائم للإسرائيليين هو أن "جيل ما بعد أوسلو لم يولد نرويجيًا"، بمعنى أنه لم يترعرع بمعزل عن الصراع التاريخي الذي عاشته الأجيال التي سبقته. وأكد أن هذا الأمر يجب أن يربك إسرائيل ويخيفها، بعد رهاناتٍ أن تموت القضية الفلسطينية مع مرور الزمن.

وشدد بشارة على أن اعتقاده ذلك ليس مبينيًا على أسس عاطفية أو رومانتيكية، وإنما الذي يجعل الجيل الحالي من الفلسطينيين جيلًا مقاومًا كسابقيه هو حقيقة أن الاحتلال مستمر، وأن آليات الفصل العنصري تزداد عنفًا وفجاجةً يومًا تلو آخر، و"طالما أن هناك احتلال حقيقي، فإن مقاومته والنضال ضده سوف يستمران أيضًا".

وانطلاقًا من تلك النقطة المفصلية، حاجج بشارة أن النضال الفلسطيني سيستمر لفترة طويلة مهما خفتت أو تصاعدت وتيرته، وأن ذلك سيضع إسرائيل أمام تساؤلاتٍ حقيقية ستجد نفسها مضطرة لتقديم إجابات لها أمام شعبها وأمام الشعب الفلسطيني وأمام نفسها.

وأشار بشارة أيضًا إلى أن السلطة الفلسطينية كان يجب عليها دعوة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين إثر اندلاع الأزمة السورية إلى الأراضي الفلسطينية، وأكّد أن العالم بأسره، بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية، كان سيقف بجانب الفلسطينيين في هذه المعركة.

وفيما يتعلق بذهاب السلطة الفلسطينية إلى المؤسسات الدولية، قال بشارة "إن هذه الخطوة إيجابية، إذا ما كانت قد اتخذت في سياق التصعيد الدبلوماسي ضد إسرائيل وكسر المفاوضات الثنائية معها". ولكنه، رغم ذلك، أبدى شكوكًا في أن يكون ذلك هو الإطار الذي تتحرك فيه القيادة الفلسطينية.

للنضال ضد عنصرية الدولة الإسرائيليّة

واختتم بشارة قائلًا "إن النضال الفلسطيني يجب أن يتخذ طابعًا إنسانيًأ ضد عنصرية الدولة الإسرائيلية"، وأكّد أن "شعوب العالم اليوم أكثر تضامنًا مع الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة ومعاناتهم من دولة الأبارتايد الإسرائيلية أكثر من أي وقتٍ مضى".

تداعيات إسقاط الطائرة الروسيّة

في حين ركّز الجزء الأول من الحوار، الذي عرض في حلقة أمس، على موضوعين أساسيين؛ تداعيات إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية على العلاقات بين البلدين، والاعتداءات الإرهابية في باريس وتونس.

أكّد بشارة أن الإجراء الذي اتخذته تركيا ضد المقاتلة الروسية كان سياسيًا بالأساس. ولفت إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي أعلن مؤخرًا أن طائرة روسية اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي، ولم تتخذ ضدها إسرائيل أي إجراء عسكري. الأمر الذي يراه بشارة محاولة من قبل الإسرائيليين لإحراج تركيا.

وفي تفسيره لما قامت به تركيا، قال بشارة إن 'الأتراك أرادوا وضع حد للعربدة الروسية الإقليمية'. وأردف أن إحالة الأمر إلى ما قام به الروس من قصف للتركمان ليست مفيدة على المستويين التحليلي والسياسي في الأوساط العربية، حيث أن التركمان المقيمين داخل الأراضي السورية لم يثيروا في أي وقتٍ من الأوقات أية مطالبات انفصالية. وتابع أن هذه النقطة قد تكون صالحةً لخطاب النظام الداخلي في تركيا، بهدف حشد القوميين، ولكن ليس من المقبول طرحها من جانب العرب.

وعلى نحوٍ عام، يرى بشارة أن هناك عدة عوامل تدفع الروس إلى التدخل في الأزمة السورية بهذا الشكل؛ أهمها 'نزوع النظام الروسي إلى إبراز روسيا كقوة عظمى في المنطقة، مستغلًا الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة'. وحاجج بشارة أن روسيا تحاول تحقيق هذا الهدف بأناة وروية، لذلك فإنها، في رأيه، لن تتورط في صراعٍ صفري - عسكريًا كان أو اقتصاديًا - مع تركيا التي تربطها معها علاقات اقتصادية بلغت 44 مليار دولار سنويًا.

وأردف أن ما تسعى إليه روسيا في هذه المرحلة هو كسب أكبر قدر ممكن من الأوراق، الأمر الذي يمكن بوتين من إعادة بلاده إلى المنظومة العالمية كقوة عظمى.

عدم الرضا الغربي

كما شدد بشارة على وجود حالة من 'عدم الرضا الغربي' عن التدخل الروسي بهذا الشكل، وقال إن 'القادة الغربيين يدركون كذب الادعاءات الروسية بمحاربة الإرهاب' ويعرفون أن التدخل الروسي يهدف، من ناحية، إلى مساندة نظام الأسد المعادي للغرب، ومن ناحية أخرى، إلى تعظيم الدور الذي تلعبه روسيا في حل النزاعات الدولية والإقليمية.

الجزء الأول:

وقال بشارة إن 'النظام الروسي الحالي يحاول إيجاد خطاب ايديولوجي متماسك يميز روسيا عن الخطابات الديمقراطية الغربية'. وأضاف أن  'نظام بوتين يعتقد أن الحراكات الشعبية ذات المطالب الديمقراطية في دول البلطيق وشرق أوروبا والجمهوريات الآسيوية تترجم بالأساس إلى تمدد غربي يتحول فيما بعد إلى نفوذ'. الأمر الذي يفسر موقف الروس المتحفظ تجاه ثورة 25 يناير في مصر، رغم احتفاء الأطراف العالمية المختلفة بها.

ومن الواضح أن بشارة يحاول الوصول إلى صورة كلية تفسر دواقع وتحركات الروس في المنطقة، وعدم الاقتصار على التحليلات التكتيكية المباشرة، التي، رغم أهميتها، قد تحجب الرؤية الشاملة للصراع وأطرافه عن الأعين.

تردّد قناة العربي:

مدار نايلسات | تردّد 10815 | 11636 عامودي | 10977 أفقيًا

التعليقات