26/02/2017 - 16:18

"لا فاميليا"... تجسيد لوجه الاحتلال/ ضياء حاج يحيى

قد تكون المنافسة على أرضية الملعب بين معسكري اللاعبين مواجهة شرسة، لكنها ليست الجوهر الذي ألْحم شعبين أمام شاشات التلفاز وفي المدرجات، إن المواجهة الأكثر احتداما بين فريقي أبناء سخنين وبيتار القدس تكمن بين معسكري الجمهور

(أ ب)

قد تكون المنافسة على أرضية الملعب بين معسكري اللاعبين مواجهة شرسة، لكنها ليست الجوهر الذي ألْحم شعبين أمام شاشات التلفاز وفي المدرجات، إن المواجهة الأكثر احتداما بين فريقي أبناء سخنين وبيتار القدس تكمن بين معسكري الجمهور، في جانب يمثل جمهور الفريق السخنيني شعبًا محُتلًا مظلوما أبى أن ينسلخ عن هويته، أمام معسكرٍ يميني صهيوني متطرف يجسد وجه الاحتلال.

وتشهد مباراة أبناء سخنين وبيتار القدس ترقبًا كبيرًا، لا سيما وأنها تمثل شعبين يعيشان في صراعٍ مستمر، وتتأثر أجواء المباراة عادة من الأجواء السياسية المحيطة، وحين ينتقل الصراع إلى أرضية الملعب، تشتعل المدرجات.

"لا فاميليا" وجه الاحتلال

"لا فاميليا" كلمة اشتهرت في أفلام المافيا الإيطالية الكلاسيكية، واختارها أعضاؤها لتحمل اسم معسكر الجمهور الشرقي في فريق "بيتار القدس" الذي يحمل فكرا صهيونيا متطرفا ويمثل اليمين الإسرائيلي في البلاد، حيث أنشأ هذا المعسكر عام 2005.

وارتبط اسم العديد من أعضاء "لا فاميليا" في الكثير من الحوادث العنصرية العنيفة، حتى أنها وصلت إلى حد الاعتداء الجسدي لكل من يعاديها سواء إن كانوا عربا أو يهودا، ناهيك عن أن الهتافات العنصرية التي تحمل أرسا مبطنًا ضد المسلمين والعرب تُطلق في كل مباراة وتُعالج بقفازات من حرير من قبل المؤسسات المسؤولة.

تتجسد حالة "لا فاميليا" في مستنقع العنصرية والعنف، المتمثلة في وجه الاحتلال، مستخفين بالقانون ومتطاولين عليه متجاوزين القضاء دون كلل. ومع نهوض المعسكر اليميني في إسرائيل وسيطرته على كافة مؤسسات الدولة، ستوفر لهؤلاء العشوائيين بيئة خصبة لإطلاق أيديهم وألسنتهم من جديد وبقوة، لنشر سم العنصرية وهدر كرامة الإنسان والعبث في الأمان، تحت مسمى كرة القدم.

وقد حرصت الأحزاب والحركات اليمينية في إسرائيل، على تشجيع ظاهرة "لا فاميليا"، ودعمها ورعايتها بكل السبل، لتمارس الفوضى والفلتان، بعيدة عما يسمى بكرة القدم، ليصبح شغلهم الشاغل، معاداة العرب والمسلمين بشكل متواصل.

تاريخ حافل بالعنصرية

في دولة تحترم نفسها، وفي اتحاد كروي يحمل قيم الرياضة، معسكر "لا فاميليا" كان محض تاريخ ليس إلا. لم يخفِ أعضائها الفكر الذي يحملوه، بل ويتفاخرون به مهللون.

سرد أعمال هذا المعسكر لا تكفِ لمقال واحد، بلمحة قصيرة سأسرد بعض الحوادث التي كانت ذروة للعنصرية.

في العام 2013 انضم إلى "بيتار القدس" لاعبين مسلمين من الشيشان، لم يتقبل معسكر "لافاميليا" كونه يتناقض مع مبادئه، فرفض الجمهور الفكرة في البداية، إلا انه وبعد إصرار الإدارة والتعاقد مع اللاعبين، أضرم أعضاء "لافاميليا" النار في مكتب السكرتارية للفريق، احتجاجا على ذلك.

وفي العام 2016 أوقع شرطي سري بـ56 من أعضاء المعسكر في قضايا عنف وحيازة سلاح، وتآمر لتنفيذ جريمة واعتداءات، إلا انه وعلى أثر تقاعس من الشرطة، تم الإفراج عن غالبية المعتقلين.

وفي بداية العام الجاري أدانت المحكمة ثلاثة من معسكر "لافاميليا" بتهمة الاعتداء على مشجع لفريق هبوعيل تل ابيب وإصابته بجروح بالغة الخطورة برأسه.

لا يمكننا تناسي المعركة الداعمة التي شنها المعسكر للجندي القاتل "أليؤور أزاريا" كونه يعتبر أحد أعضاء هذا المعسكر، بالإضافة إلى الشتائم والعبارات التي تحمل سُمًّا فكريًا عقائديًا حتى أصبح ارتباط عضوي بين "لا فاميليا" من جهة، وبين الاحتلال من جهة أخرى واضحا وجليّا.

ومن هذا المنطلق، فقد آن للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والاتحاد الإسرائيلي، التدخل في اقتلاع ظاهرة "لا فاميليا" في سبيل رسم صورة حضارية مشرقة تمثل كرة القدم التي ربيّنا عليها، وتنسجم مع القيم والأخلاق والروح الرياضية التي نشأت من اجلها رياضة كرة القدم، التي أبدت روائع ساحرة على مر السنين، ولعل اقتلاع هذه الظاهرة يكون بابا لاقتلاع الاحتلال وزواله.

التعليقات