من عين الحلوة إلى بلجيكا.. أن تكون لاجئا مرتين (2\2)

من "المطار" على الحدود السورية التركية الى غابات تركيا وعصاباتها حتى اليونان، طريق حياة او موت.. اذ ان الحياة متعلقة بأيدي السماسرة وارادتك في طرق جدران الخزان.. يمشي محمد طويلا في المجهول والى المجهول ليصل الى حياة يبدأها في بلجيكا. طريقٌ كُتبت على الفلسطيني منذ النكبة وحتى اليوم

من عين الحلوة إلى بلجيكا.. أن تكون لاجئا مرتين (2\2)

 من "المطار" على الحدود السورية التركية الى غابات تركيا وعصاباتها حتى اليونان، طريق حياة او موت.. اذ ان الحياة متعلقة بأيدي السماسرة وارادتك في طرق جدران الخزان.. يمشي محمد طويلا في المجهول والى المجهول ليصل الى حياة يبدأها  في بلجيكا. طريقٌ كُتبت على الفلسطيني منذ النكبة وحتى اليوم

اللجوء الثاني

"الناس في المخيم تعني لي واحبهم بالرغم من اختلافاتي معهم، كنت دائما احب المساعدة والتطوع.. كنت دائم الشاط وفي عدة مجالات، وبالرغم من الظروف الصعبة كنت متأقلم في المخيم وفي الكثير من الاحيان مبسوط، لكن في النهاية كرهت وتعبت.. لم استطع لوحدي ان افعل شيئ، لوحقت من قبل الاسلاميين، كون اليسار بشكل عام في المخيم لم يكن مقبولا من قبل المجتمع" يقول محمد قبل الرحيل ويضيف " غالبية الذين يهاجرون انما بسبب هروبهم من امر معين او ملاحقة واما من اجل المال، والذي يريد ان يحصل على الكثير من المال يجب ان يعمل في المخدرات او المسروقات وانا أرفض هذا".

هربوني على الحدود

خرج محمد من عين الحلوة حاملا حقيبة واحدة صباحا في شهر تشرين الثاني مع شاب لبناني ايضا يريد الهجرة ومع المهرب الذي يأخذ 4 الاف دولار مقابل كل شخص نحو مدينة اللاذقية السورية وهناك التقيا مع عائلة فلسطينية وشابين فلسطينيين، ومن بعدها ذهبوا جميعا الى الحدود السورية التركية قرب قرية حدودية اذ ان هذه النقطة تحت المراقبة كل عشرة دقائق .

انتظروا غياب الامن السوري وانطلقوا باتجاه حفرة صغيرة المعروفة بأسم "المطار" التي دخلوا بها قبل قدوم الامن السوري بلحظات لتبدأ مسيرة المشي على الاقدام الطويلة في غابات وجبال تركيا.

"كنا نمشي ليلا، وكان من الممكن ان تطلق الشرطة السورية او التركية النار علينا، مشينا قرابة 7 ساعات.. ويوجد مناطق معينة ممنوع ان نطلق اية صوت، اذكر في مرة من المرات اننا انتظرنا 3 ساعات حتى يسكت طفل العائلة الفلسطينية التي معنا، وبعد مشي طويل ومرهق خصوصا ان الشاب اللبناني الذي كان معنا كان بدينا وكنت دائما في مؤخرة الصف كي اساعده في المشي وارفع معنوياته لكي لا ينهار وسط الغابة " يروي محمد عن مسيرة اللجوء الوعرة ويضيف " كنا نمشي بالليل والظلمة حالكة.. نمشي مسافات ومسافات، حتى وصلنا الى نقطة معينة التقينا فيها مع مهرب صومالي مع مجموعة صومالية لاجئة نحو اوروبا، لكن ليست الطريق وحدها الصعبة، بل تعامل المهرب معنا بطريقة استعبادية لاننا من دونه لا نستطيع ان نفعل شيئ، فنحن مربوطون به وجوديا، في احدى المرات وخلال مسيرة المشي لم تستطع احدى النسوة الصوماليات على متابعة السير بسبب التعب، وفي نفس الوقت لا نستطيع تركها او حملها، فجروها على الارض طول الطريق، حتى وصلنا الى قرية تركية واخذنا باص الى احد البيوت المخصصة "لاستقبال" اللاجئين من قبل المهربين او قل من قبل العصابة".

في تركيا

وصلت المجموعة الى مدينة اسطنبول قاديمبن من انطاكيا واستقروا مؤقتا في احد البيوت حتى ترتيب عملية التهريب الى اليونان، اما محمد فقد بقي قرابة الشهر في اسطنبول حيث عمل مكان السمسار الذي يجلب الناس من محطة الباص في اسطنبول ويدلهم على البيت الذي يتم وضع الناس به حيث كان يجني 40 يورو يوميا من هذه العملية.

بعد اسطنبول وبعد ان اكتشف محمد ان المجموعة الصومالية التي كانت معه تم بيعهم للمافيا التركية لعصابات التجارة بالاعضاء، وبعد ملاحقة الشرطة التركية له كون المنزل الذي كان يسكن به في اسطنبول مشبوها.. اكمل مسيرته نحو اليونان: "ذهبنا الى مدينة أزمير الكردية وهي تقع على سطح البحر، الباص يستع ل 10 اشخاص كان يوجد به 25 شخص.. اذكر ان صاحب الباص كان يرفشنا برجله لكي يستطيع ان يغلق الباب، ومن ثم ذهبنا الى غابة على الحدود التركية اليونانية ومشينا من الساعة السابعة مساء حتى الصباح في غابة لكي يأتي احد ويأخذنا، كانت درجة الحرارة تصل الى ناقص 10، لم اعد اشعر برجلي من البرد.. بكينا من البرد والجوع والعطش.. كنا نمشي على الصخر، قالوا لنا اننرمي اغراضنا، فقمت انا بلبس كل ملابسي ورميت ما تبقى لان القارب لا يتحمل الوزن الثقيل".

في اليونان

" بعد ان استقلينا القارب ابحرنا نبحث على مكان ننزل به لنصل اليونان، كان السمسار يريد ان ينزلنا على صخرة في وسط البحر كي يتخلص منا خوفا من الشرطة التي كانت في المنطقة، الا انني كنت احمل سكينا هددته به، فأستمر بالبحث عن نقطة امنة حتى وجدنا مكانا للنزول" يحكي محمد عن المجهول الذي يواجهه في اليونان ويضيف " كان قد مر علينا يومين من دون ماء او طعام، مشينا حتى وصلنا قرية يونانية.. رأينا رجل وامرأة، هجمنا عليهم.. نريد ان نأكل، فأعطونا الطعام وهربوا.. استمرينا في المشي حتى وصلنا الى سوبر ماركت، قلنا لهم نحن من فلسطين.. استقبلونا.. فالشعب اليوناني يحب الفلسطينيين، لم يكن معنا اموال، فطلبنا منهم ان يطلبوا الشرطة كي تعتقلنا، فتم اعتقالنا ونقلنا الى الى مركز المدينة، فوجدنا الكثير من الفلسطينيين هناك مثلنا، بقيت اربعة ايام هناك ومضينا على اوراق تقول اننا في اليونان ومن ثم ذهبنا الى العاصمة اثينا، وهناك تفرقنا وبقيت انا والشاب اللبناني حيث ذهبنا الى منطقة في المدينة يتواجد بها الكثير من العرب لكنها كانت منطقة خطرة، اذ كنا ننام احيانا في الجامع".

تعرف محمد هناك على سمسار فلسطيني الذي رتب له جواز سفر مزور كي يسافر به على بلجيكا.

المحطة الأخيرة

استطاع محمد ان يسافر الى بلجياكا رغم العقبات والخطورة في ذلك اذ انه ان لم يحالفك الحظ قد تبقى عالقا في اليونان مثل الكثيرين الذين ما زالوا يحاولون ترتيب هروبهم من خلال المطار.

" وصلت الى بلجيكا.. ومن ثم ذهبت الى البوليص الفيدرالي، وسلمت نفسي" يقول محمد " تم اخذي الى مركز توقيف في المطار، حققوا معي تحقيق بسيط، واعطوني ورقة طرد لمدة 5 ايام، فذهبت الى هولندا لمدة شهر ونصف عند صديق لي وعدت وقمت بتقديم طلب لجوء سياسي في مكتب اللجوء السياسي اذ ان اللجوء الى بلجيكا اسهل من باقي الدول، وقلت لهم ما جرى معي وعن الوضع السيئ في المخيم وعن التمييز العنصري بحقي كفلسطيني لاجئ من قبل الدولة اللبنانية".

يضيف محمد " وبعد تقديمي للجوء تم بعثي الى مركز، وطلبت منهم نقلي الى مركزا اخر للاجئين كون الاول لا يوجد به عرب، فلمدة شهر ونصف لم اسمع او اتحدث العربية، وتم نقلي بعد ذلك".

يسكن محمد اليوم مع صديق فلسطيني، وينتظر اوراق الاقامة من قبل السلطات البلجيكية كي يستطيع ان يعمل بشكل شرعي ويحصل على مخصصات اللجوء وكي يكمل تعليمه الجامعي وكي يستطيع السفر ايضا، يعمل احيانا في بعض الاعمال ان صح له ذلك لكنها ليست ثابتة مثل العمار او تعليق ملصقات كما وينشط مع حزب العمال البلجيكي الداعم للقضية الفلسطينية.

بالنسبة لمحمد الطريق لم تنتهي بعد وما زال امامه الكثير، خصوصا وانه رحل عن المخيم وهو يحمل حلما وهدفا يريد ان يحققه، "هنالك اشياء افضل من المخيم هنا بالطبع اذ انه يتم التعامل معك كانسان بشري وباحترام" يقول محمد ويضيف " لكن طبعا يبقى عندي الحنين للمخيم واهله واهلي".

ويختم محمد بالقول: "الطريق ما زالت في بدايتها ويوما ما سأكون ما اريد.. سيكون لي طريق العودة من بلجيكا الى فلسطين".

 

تشات الشتات (تتمة)

rabeea eid says

طيب وشو مع الناس اللي بالمخيم..؟

محمد says

بالرغم من انو المخيم صعب (لكنه حالة حساسة بالنسبة لي)، بحب الناس.. علاقاتي طيبة مع الكل والي كتير اصدقاء ومن كل العائلات. انو انا ما بزعل من حدا مش محترم او حرامي او مدمن او مجرم، خاضة اذا كان فلسطيني.. بتعامل مع الكل وبقعد مع الكل...

بس بتعرف رغم اني مجروح كتير و موجوع ... ما بتفرق معي

أعند من هيك ما في، بحب  اكون بمواقف صعبة و قاسية

لانو ما بتفرق معي حياة او موت بحسو هبل ، الي بفهمو انو اقول شو براسي و احساسي بوديني.

مستحيل اتنازل عن شي ، او  اتراجع ، هاد كلو من تراكم صعب هيك طلعت النتيجة.

rabeea eid says

اها..

محمد says

كنت امشي بالليل بالمخيم يكون في ناس مقنعين، عدة مرات  يطلع انفجار وراي او قدامي بس بضل ماشي ، مش لانو انا رامبو متلا...

لا... بس ما كانت تفرق معي الدنيا للجنون.

محمد says

شفت ميتين كتير ، ناس مقتولي بمشاكل تافهة ، واشتبكات بين فصائل

وانفجرات ...... كنت اداوم بالمستشفى، اكتر من 20 قتبل مسكت ولفييت وشفتن وهني بنقتلو، وعلى شي  فاضي..

في انسان عبيتو بكيس

كان عبارة عن مجرد قطع.... اول شي كانت صعبي كتييير، بعدين صار الموت اشي كتير عادي

كنت ادياق هأرف من حالي اني وصلت لهيك مرحلة

محمد says

بس برغم كل شي في حنين كبير للمخيم

اديش بدي هقولك : ناس تعباني و ناس مبسوطة رغم كل شي

ناس بتحشش من شان تطير، بعمرن ما طارو

و هيك الشتاء و البهدلةو المي...

و اكون ماشي انا و الشباب مبسوطين كانو ما في شي

مع انو الارض كلها مجارير.... نسهر يكون ما معنا ولا ليرة

نقعد عند حدا نشرب قهوة او شاي بليل بتكون متعت الدنيا،

وزواريب صغيرة و دهاليز مثل عمرنا و حياتنا.... مركز و مكتب و نادي شبيبة .... و شباب بتحكي بعفوية ... و بتعبر عن فلسطين على طبيعتها و ببساطة.

و هيك بتطلع على المخيم من فوق من الجبل بتشوف زعم الذل و القرف و الجوع و المرض.....

علم فلسطين مرفوع هيك على السطوح

و شو احلى شي لما يكون عالي العلم ... دخلك الله ما احلى المنظر

زي لوحة.....

محمد says

ربيع

..

معي انتا...؟؟

 

من عين الحلوة إلى بلجيكا.. أن تكون لاجئًا مرتين 1/2
 
 
 
 

 

 http://www.arabs48.com/?mod=articles&ID=80980

 

التعليقات