غزة: شباب على هاوية الانتحار

ويعاني قطاع غزة الذي يعد 1.8 مليون نسمة، من أوضاع اقتصادية صعبة جدا بسبب الحصار الإسرائيلي، والدمار الذي سببته الحرب الإسرائيلية الثالثة خلال ست سنوات، عام 2014، فيما تسير عملية إعادة الإعمار ببطء.

غزة: شباب على هاوية الانتحار

شباب غزة، صورة للتوضيح

ارتفعت محاولات الانتحار وسط الشباب بغزة، وفضل الكثير منهم الموت انتحارا على واقع اجتماعي مرير. وبلغت نسبة البطالة في النصف الأول من العام 42 بالمئة، علما أن غزة تعيش وضعا صعبا بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليها.

حاول الشاب الفلسطيني، معمر قويدر، الانتحار قبل أيام من حفل زفافه، هربا من الواقع المرير في قطاع غزة، حيث تعتبر نسبة البطالة بين الأعلى في العالم، فيما يفقد الشباب الأمل بمستقبل أفضل.

ويقول الشاب البالغ من العمر 21 عاما، المنحدر من حي الدرج وسط غزة، أنه أقدم على محاولة الانتحار بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وملاحقة شرطة بلدية غزة له بشكل مستمر.

ويعاني قطاع غزة الذي يعد 1.8 مليون نسمة، من أوضاع اقتصادية صعبة جدا بسبب الحصار الإسرائيلي، والدمار الذي سببته الحرب الإسرائيلية الثالثة خلال ست سنوات، عام 2014، فيما تسير عملية إعادة الإعمار ببطء.

ويروي قويدر، بائع الخضراوات والفاكهة المتجول في غزة، 'أنا أقدمت على محاولة الانتحار لأن كل شيء أغلق في وجهي، بعد أن قامت شرطة بلدية غزة بمصادرة بسطتي، وبحجز ميزان البيع، وبضربي في سوق البلد عند الجامع الكبير'.

وقال: 'اعتقلوني أكثر من مرة من التاسعة صباحا وحتى التاسعة ليلا حتى يمنعوني من البيع'، مضيفا: 'لقد شربت السم لأنني سئمت الشرطة' حتى لو كان حفل زفافي مقررا بعد أيام.

وأردف قائلا: 'وضعي الاقتصادي صعب ولا يوجد أمامي إلا البيع في السوق. ليس لدي أجر وأنا على استعداد أن أعمل أي شيء'.

وحاول محمد أبو عاصي، شاب أمضى عدة أيام في غيبوبة بعدما تناول السم، الانتحار بسبب عجزه عن تأمين لقمة العيش لعائلته.

وقال والده تحسين أبو عاصي، 63 عاما: 'ابني محمد تحمل ضغطا شديدا جدا وفي النهاية انهار. محمد مثله مثل عشرات الألوف بل مئات الألوف من الشباب في غزة'.

ويقول محمد، وهو أب لطفلين: 'إن الوضع الاقتصادي فوق المنكوب. وعندما يفضل الإنسان الموت على الحياة يكون لم يتبق له شيء'.

ويعيش محمد في بيت مكون من غرفة وصالون، بمساحة 30 مترا مربعا، في حي التفاح شمال مدينة غزة. وحاول محمد الانتحار بعد تناوله السم في 23 آب/أغسطس الماضي، ودخل في غيبوبة حيث بقي في مستشفى الشفاء غرب غزة عدة أيام.

ويقول: 'أنا عندما ضاقت بي الدنيا ولم أستطع تدبير لقمة عيش أطفالي، أصبحت أفضل الموت على رؤية أبنائي يموتون أمامي'.

وليس هناك إحصاءات واضحة حول عدد محاولات الانتحار في قطاع غزة، لأن العائلات في هذا المجتمع المحافظ الصغير ترفض الحديث عن ذلك.

وتؤكد وزارة الداخلية في غزة، على لسان الناطق باسمها إياد البزم، أن عمليات الانتحار الأخيرة 'لا تشكل ظاهرة بشكل عام'. وترفض إعطاء أي أرقام عن محاولات الانتحار في غزة.

ويخضع قطاع غزة لحصار إسرائيلي وشبه حصار مصري. وتعتبر نسبة البطالة بين الأعلى في العالم، حيث بلغت 42% في النصف الأول من السنة، بحسب تقرير البنك الدولي.

اقرأ أيضًا| 'شراع الأمل' مبادرة شبابية لدعم اللاجئين السوريين

وهناك 60% من الشباب بدون عمل، و39% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وحوالي 80% يعتمدون على مساعدات مختلفة.

وحذر فضل عاشور، أخصائي علم النفس في جامعة الأزهر في غزة، من أن محاولات الانتحار تشكل 'رسالة لانفجار جماعي وشيك'.

وقال: 'نحن أمام عملية صراع حقيقية على الموارد، بين الأفراد والمؤسسات الموجودة في غزة، للحصول على أموال وضرائب من الناس، هذه بيئة خصبة لتوليد مشاعر عدوانية لدى الأفراد، أو رغبة في ممارسة العنف، إما ممارسة العنف تجاه المجتمع أو المؤسسات، وهذا غير متاح، أو ممارسة العنف نحو الذات، أو الهرب من المكان'.

من جهته، قال المحلل الاقتصادي عمر شعبان، إن 'السبب الأساسي في عمليات الانتحار هو فقدان الأمل'.

وأوضح شعبان، أن 'الشباب أصبحوا يدركون أن الواقع متأزم وليس هناك بوادر انفراج، وأن هذا الواقع سيتواصل ولسنوات طويلة، وبالتالي يلجأ إما للانتحار، أو الهروب للقتل أو التطرف، وتزداد درجة حقده على المجتمع، لأن هذا المجتمع يظلمه ويحرمه'.

واعتبر شعبان، 'أن الوضع الاقتصادي والإنساني في غزة يفوق الوضع الكارثي، المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية النوعية تنذر أن الوضع في غزة على وشك الانفجار'.

التعليقات