الخضريّة هي الحل للتخلص من العنف... كيف ذلك؟

إحدى الناشطات الخُضريات الداعيات لهذا الأسلوب الغذائيّ هي كرستين صايغ من مدينة الناصرة، شابّة عشرينيّة اختارت التحول للخضرية منذ ستّ سنوات تحدث "عرب 48" عن الخضرية في الحوار التالي...

الخضريّة هي الحل للتخلص من العنف... كيف ذلك؟

يتجه شبانٌ وشابات عرب كثر في الآونة الأخيرة لانتهاج نظام غذائيّ خالٍ من منتوجات الحيوانات بالاعتماد على النباتات فقط، وقد اتخذوا الخضريّة لهم نهجًا، وهو مصطلح ابتكره الناشط والكاتب والمعالج شربل بلوطين، بعد أن كتب عدد من الكتب في هذا المجال داعيًا للخضريّة التي تمتنع عن تناول اللحوم أو حتى منتوجات الحيوان كالألبان والأجبان.

إحدى الناشطات الخُضريات الداعيات لهذا الأسلوب الغذائيّ هي كرستين صايغ من مدينة الناصرة، شابّة عشرينيّة اختارت التحول للخضرية منذ ستّ سنوات تحدث 'عرب 48' عن الخضرية في الحوار التالي:

لماذا الخضرية؟

إن خُيّرت فطرة الإنسان بين الدجاجة والتفاحة فلا بدّ أن يختار الإنسان أكل التفاحة وملاطفة الدجاجة ولكن تمّت برمجة الإنسان على أكل الحيوان، بينما الأطفال يرفضون تناول اللحوم إن رأوها تذبح أمامهم ما يعني أنّ فطرة الإنسان نباتيّة، وتظهر من خلال بُنية الأسنان لدى الإنسان التي تختلف عن الحيوان، فالأسد ومعظم الحيوانات تمتلك أنياب كبيرة وحادة لافتراس الحيوانات الأخرى نيّئة والتهامها وتقطيعها، أما الإنسان فأنيابه مصممة لتقطيع الخضروات والفواكه.

كرستين صايغ

كيف حدث هذا التحول ولماذا؟

التغيير من النظام الغذائي العاديّ إلى الخضريّة هو نتيجة سيرورة مررت بها قبل حوالي ستّ سنوات نتيجة إدراكي حقيقة النظام العالميّ في قتل الإنسان والحيوان على حدٍ سواء، وهو ما اكتشفته بعد بحثٍ عميق ومؤلم، فكل 3 ونصف ثوانٍ يموت طفل في العالم بسبب الجوع بينما 60% من حبوب الأرض في العالم تذهب للمواشي في المصانع الكبرى بدل أن يستفيد منها الإنسان والأطفال للتخلص من المجاعة العالميّة، أما التلوث البيئي فهو أكثر من 40% بسبب تصنيع المنتجات الحيوانيّة، فلو توقف الإنسان عن قتل الحيوان رحمةً بالكائنات الحية غير الناطقة ورأفةً بالإنسان أيضًا لكان حالنا أفضل.

التحول إلى الخضرية حمل معه تغييرًا جذريًا ليس فقط على مستوى النظام الغذائيّ بل بالمفاهيم، وأخذت بالتعلّم شيئًا فشيئًا عن هذا العالم، التغيير أتى بعد انقلاب عميق في ذاتي ومفاهيمي، وللوهلة الأولى لم أشارك أحدًا بقرار التحوّل إلى الخضريّة، بقيت لمدة شهر أتناول الخبز والماء فقط وانقطعتُ تمامًا عن اللحوم ومنتجات الحيوان، بعد شهرٍ غاضب أخذت بالبحث عن البدائل الطبيعيّة كالخضار والفواكه والحبوب وبدأت معرفتي بهذا العالم تتسع، ومن هنا بدأت أرافق الخضريين الجدد لمساعدتهم بعد أن نمت المعرفة في أعماقي لأسهل عليهم سيرورتهم.

هل واجهتِ المشاكل إثر هذا التحول؟

مشكلتنا أننا ننفر من كل ما هو جديد عنّا ولا نتقبل من هو مختلف عنّا، وقد تعرضتُ شخصيًا لعدم تقبل إثر عدم تناولي اللحوم ووجدت الرفض والمحاربة أحيانًا من العائلة، وللغرابة منهم من نعتتني للمرة الأولى مجنونة حين سمعت عن الخضرية، ولكنها تحوّلت فيما بعد إليها وأصبحت خضريّة، هذا لأنهم يعتقدون أنّه لا بدائل عن اللحوم وعدم تناول اللحوم تعني الحرمان من كثير من الأشياء وهذا غير صحيح.

يقول كثر في مجتمعنا: 'الله حلل ذبح الحيوان ومن نحن لنحرّمه؟'، ما هو ردك؟

أقول لهم أنّ الله يحب الحياة والرحمة والرأفة بباقي المخلوقات، في الصيام المسيحيّ يصوم المسيحيون عن التهام كل المنتجات الحيوانيّة واللحوم كطريقة للتقرب من الله من خلال ابتعاد الإنسان عن كل ما هو دمويّ، وكذلك في الأحاديث النبوية هناك الكثير من دعوات الرحمة والمودة تجاه الحيوان، فالرحمة والرأفة بالحيوانات لا تنافي الدين أبدًا كما يعتقدون ولكننا نتمسك بعاداتنا خوفًا من التغيير ولكن قال مهماتا غاندي: 'كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم'.

لفد تربينا من الصغر على أنّ الحليب مفيد ولكنّه في الحقيقة ضار لجسم الإنسان ويسبب السرطان والسكري للأطفال، يعتقد الناس أنّ الحليب يقوي العظام ولكنه يعمل العكس وهو ما اكتشفته في جيل كبير نسبيًا بعد البحث والتنقيب في المعلومات.

كثر يتذرعون 'الإنسان يقتل فلماذا نكترث بالحيوان لا بالإنسان؟'، ماذا تقولين؟

الخضريّة تمنح كلّ شخص سلامًا داخليًا تجاه سواه من المخلوقات ما سيؤدي إلى سلام عالمي عظيم فيما بعد، وهي مقولة أؤمن بها رغم سخرية واستخفاف الكثير من أبناء مجتمعنا بالخضرية، الخضرية ليست نظام غذائي للدفاع عن الحيوان فقط بل هي خطوة كبيرة وعظيمة للبشرية، هي الطريق للتخلص من العنف بالعالم، فمن يرفض العنف تجاه الحيوان سيرفضه على الإنسان بالطبع ولن يقبل بكافة أنواع العنف، ولهذا الخضرية هي المفهوم نحو السلام العالميّ للإنسان والحيوان والطبيعة، فبدلًا من إطعام الحيوانات في المصانع الكبرى وترك الأطفال جياعًا للموت الأفضل أن نقدم الطعام للإنسان والامتناع عن أكل الحيوان رأفةً به وبنا.

عدا عن ذلك تشير الأبحاث إلى أنّ نسبة التوتر تزداد لدى آكلي اللحوم، وتزداد أكثر لدى الجزارين والعاملين في مصانع الحيوانات الكبيرة إثر استمراريتهم لمدة زمنية طويلة بذبح الحيوانات ورؤية الدماء لينعكس ذلك على قلقهم أثناء النوم وحالات اليأس التي يصابون بها، كل هذه المعطيات تثبت أن فطرة الإنسان غير مبنية لالتهام الحيوانات.

ما هي نشاطاتك في النهج الخضريّ؟

توعية الناس حول بدائل اللحوم والأطباق التي بإمكانهم صنعها، توعيتهم لفوائد الخضرية لأجسادهم والنظام الصحيّ والطبيعيّ، ولهذا قمت بتمرير ورشات حول المطبخ الخضريّ لتسهيل سيرورة الخضريين الجدد، هناك الكثير من الإقبال المتزايد مع السنوات للتوجه إلى الخضرية وهذا لم يكن موجودًا قبل أعوام قليلة، وأصبحت ألاحظه اليوم في ورشاتي والإقبال عليها خاصةً من الجيل الشاب اليافع، ولكن بالمقابل هناك أهالٍ يعلّقون بالقول: 'هذه موضة وستنتهي' ولكنني أجيبهم أنّ هذا مبدأ وليس فقط صحن طعام.

الورشة الأخيرة اشترك بها 9 مشتركين، تضمنت صنع مأكولات خضرية كالفلفل المحشو والششبرك، حلويات، وكيفية صنع اللبن المطبوخ واللبنة الخضريين، وبالأساس الطعام الخضريّ مليء بالتنوع ولا يعني الحرمان.

مطبخنا العربيّ مفعم وغني بالمأكولات الخضريّة مع الاستغناء عن اللحوم، ومنها الملوخية، البازيلاء، سبانخ، خبيزة، علت، ورق دوالي، وهناك بدائل كالهامبرغر الخضري والشاورما الخضريّة المصنوعة من فول الصويا أو السيتان.

 

التعليقات