إعلان الدولة لا يقلق أولمرت وليفني..

-

إعلان الدولة لا يقلق أولمرت وليفني..
تحذير ياسر عبد ربة هذا الأسبوع بان الفلسطينيين سيعلنون الاستقلال من جانب واحد، ككوسوفو، لا تقلق تسيبي ليفني. ما يقلقها حقا هو أن يتنازل الفلسطينيون عن مطلب الدولة ويطالبون بأن يصبحوا مواطنين متساوين في الحقوق في دولة ثنائية القومية.

ظهيرة يوم الأربعاء، وبعد دقائق من تناول وسائل الإعلام لتهديد ياسر عبد ربو عضو طاقم المفاوضات الفلسطيني، بإعلان الاستقلال من جانب واحد، على غرار خطوة كوسوفو هذا الأسبوع، إذا لم تحرز المفاوضات الثنائية تقدما، كان أبو علاء، رئيس طاقم المفاوضات، على خط هاتفي مباشر مع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. وطمأن أبو علاء نظيرته، وقال أن عبد ربو يتحدث من خياله، وأبلغها أن النفي الرسمي على الطريق. ولم تبد وزيرة الخارجية بوادر قلق. فما يقلقها حقا هو الخشية من أن لا تفضي المفاوضات التي تجريها مع أبو علاء إلى دولة فلسطينية.

بشكل فعلي منظمة التحرير الفلسطينية كانت قد أعلنت الاستقلال في حدود عام 1967. وفي نوفمبر/ تشرين الأول سيمر 20 عاما على الدولة التي لم تولد. وقد انطلق الإعلان عام 1988 في جلسة للمؤتمر الوطني الفلسطيني في الجزائر ، والذي اعترف أيضا بالدولة اليهودية إلى جانب الفلسطينية. والآن يبدو حقا أنه في حال، وكما حذر عبد ربو، بقاء المفاوضات متعثرة حتى نهاية العام، سيجد الإعلان مكانه في مزبلة التاريخ.

تجري الاتصالات مع الفلسطينيين في ظل تخوف كبير في تل أبيب من مستقبل حل الدولتين. وحينما قال إيهود أولمرت لصحيفة هآرتس بمحاذاة لقاء أنابوليس إنه إذا لم نتوصل خلال وقت قريب إلى تسوية الدولتين، فالدولة اليهودية "منتهية"، هو لم يتحدث من خياله. رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية يعرفان أنه إذا كان مصير مسار أنابوليس كمصير مسار كامب ديفيد ابن مسار أوسلو فالسلطة الفلسطينية ستسقط بعده.

100 ألف راتب لموظفين ورجال شرطة هي الوقود الوحيد لجهاز التنفس الذي يحافظ على السلطة على قيد الحياة. في تل أبيب يعرفون جيدا مبادرة عدنان أبو عودة، سياسي أردني من أصل فلسطيني الذي كان وزير البلاط للملك حسين، والذي دعا قبل عدة شهور جهارا إلى تفكيك السلطة الفلسطينية وإعادة المفاتيح للحكم العسكري الإسرائيلي.

شخصية من فتح، من الأكثر اعتدالا، والذي توقيعه يظهر على تفاهمات جنيف، قال لي هذا الأسبوع أقوال مشابهة. إذا تبين له في نهاية العام أن المفاوضات عالقة، سيطالب بإعادة المناطق إلى الجيش. "وبدل أن يمول الاتحاد الأوروبي معظم الخدمات في المناطق، سيلقى الحمل مجددا على عاتق إسرائيل. وبدل الحديث عن الاحتلال سنعترف بأننا نعيش في دولة أبرتهايد"، قال الرجل. وبدل الكفاح من أجل الاستقلال، سنكافح من أجل المساواة في الحقوق. لن نسمح للسلطة أن تكون نسخة جديدة من روابط القرى، نفس المحاولة الإسرائيلية الفاشلة في سنوات الثمانين لتنشئة قيادة محلية بهدف تسليمهم مسؤولية الشؤون اليومية في المناطق.

المقالة " شكرا ولكن ليس شكرا" للدكتور أحمد خالدي من معهد ساييط أنتونيوس في أكسفورد، التي نشرت في الغارديان في 13 ديسمبر/ تشرين الثاني عام 2007، أشعلت هي أيضا الأضواء الحمراء في إسرائيل. خالدي، والذي حمل لقب، الرأس المفكر لأبي مازن، غير متيقن إذا كان نصح بـ أم حذر من ، بقوله إنه إذا رفضت إسرائيل الانسحاب من المناطق المحتلة عام 1967، الفلسطينيون سيثيرون الكابوس الفظيع لأولمرت- حل يعتمد على احترام متبادل، مساواة وشراكة حقيقية، في تقسيم البلاد.

ولسوء حظ أولمرت وليفني، التهديد الديمغرافي لا يقض مضاجع الرابي عوفاديا يوسف وإيلي يشاي. واصطلاح الأبرتهايد لا يترك أي أثر على حزب رؤساؤه يؤمنون أن المثليين يتسببون في هزة أرضية وأن العرب ليس لديهم ما يبحثون عنه في البلدة القديمة من القدس.

أحد أعضاء المجلس الوزاري المصغر شبّه أولمرت هذا الأسبوع ببهلوان يسير على حبل رفيع، على جانبه الأيمن الشركاء الفلسطينيين، وعلى جانبه الأيسر الشركاء في الائتلاف. و "كلما عزز أبو مازن يمس بإيلي يشاي، وكلما عزز إيلي يشاي يضعف أبو مازن" قال عضو في المجلس الوزاري.

هذا تماما ما حصل حينما أعلن أولمرت هذا الأسبوع أن عباس وافق على إرجاء التفاوض حول القدس إلى نهاية العملية التفاوضية. ويقول مسؤول سياسي رفيع إن السؤال ليس إذا ما كان أبو مازن حقا وافق. فإذا وضعنا لأحد ما مسدس على جبهته- سيوافق على أي طلب، ولكن هذا قد يعني انتحار شريكنا". بكل حال، وافق أبو مازن أم لم يوافق؟ فحسب الوصف الذي يعرضه أولمرت في أحاديث خاصة، فقد توصل هو وأبو مازن لتفاهمات مبدئية حول جميع القضايا- بما في ذلك القدس.
ليفني الوزيرة المفوضة من قبل رئيس الحكومة بملف المفاوضات، هربت من النقاش حول مكان القدس على طاولة المباحثات. وقد اتفقت مع أبو علاء على ثلاث مبادئ. الأول، كل القضايا الجوهرية مطروحة على الطاولة، دون استثناء، ولكن دون تحديد ترتيب مسبق؛ الثاني: عدم إهدار الوقت في نقاشات حول موضوع البؤر الاستيطانية والحواجز، وليس حول العمليات التفجيرية وصواريخ القسام. أي الإرهابيون(المقاومة) والمستوطنون لن يؤثروا بعد الآن على العملية.

المبدأ الثالث- عدم خروج أي معلومة من غرفة المفاوضات - إلى أن يتقرر غير ذلك. والسؤال الذي يحلق حول الغرفة- إذا ما كان هناك شيء يستحق التسريب. ليفني تقول أنه يوجد تقدم. وهل كان أحد يتوقع أن تقول إنه لا يوجد تقدم؟ وأحاديث أبو علاء عن التقدم لا يمكنها أن تضيف شيئا- لأن الاعتراف بأن كل شيء متعثر سيلعب لصالح حماس. ومن أجل فحص التقدم ينبغي معرفة إلى أين نريد أن نصل. قدماء العملية السياسية اقترحوا على ليفني الاكتفاء بشيء متواضع، كوثيقة مبادئ من صفحة واحدة. ويقول نائب رئيس الوزراء حاييم رامون إن وثيقة من هذا النوع من شأنها أن تعزز من قوة أبو مازن مقابل حماس وتشحيم عجلات المفاوضات حول الاتفاق المفصل.

وقررت ليفني أن تغامر بكل شيء- اتفاقية سلام شاملة. تريد اتفاق يعالج أيضا السيطرة على المجال الجوي للمناطق الفلسطينية ويرتب مسألة السيطرة على موجات الاتصال(الحقول الألكترومغناطيسية) في المنطقة. أبو علاء وافق، فقد تعلم على جلده ان الصياغات العامة، مثل أوسلو، لن تقود إلى أي مكان.

ويريدون إنهاء كل ذلك خلال أقل من عام، في لقاءين أو ثلاثة أسبوعيا. ومن أجل منع التسريبات، يبدلون الفنادق ويكتفي كل منهما بمساعد أو اثنين، يسجلون الأقوال وأحيانا يلفون الخرائط. ليفني تشرك فقط المدير العام أهرن أفرموفيتش والمساعد طال بكر. وبالمقابل، «مديرية السلام» التي انطلقت هذا الأسبوع يفترض أن تحاول بلورة اقتراحات مع الفلسطينيين حول قضايا ثانوية نسبيا، كالمياه وجودة البيئة.

ويدعي موظفون في وزارة الخارجية أن ليفني تخدع نفسها. وتشك أوساط أخرى في الوزارة بأن الحديث يدور عن تمثيلية كبيرة، وجولتها المقبلة ستقود ليفني إلى مكتب رئاسة الحكومة. ومن أجل الوصول إلى هناك، ينبغي أن يدعوها رئيس الدولة لتشكيل حكومة جديدة . وكي يدعوها ينبغي تفكيك الحكومة. ومن أجل تفكيك الحكومة يجب أن تنسحب شاس. وكي تنسحب شاس ينبغي التقدم في المفاوضات حتى القدس.

رجل استخبارات رفيع يراقب التطورات عن كثب في المسار الفلسطيني، يعتقد أن في واقع الأمر أولمرت هو من يناور ليفني. "فقد قيدها بقيود مفاوضات افتراضية" يقول. لا يوجد أي احتمال بأن توافق قيادة فلسطينية ضعيفة إلى حد كبير، والتي فقدت غزة، على تنازلات مؤلمة إلى هذا الحد". هذا التقدير سائد أيضا في أوساط الأجهزة الأمنية ويشرح، برأيه، أن أولمرت هو أول رئيس وزراء في التاريخ يتناول عن صلاحيات إجراء مفاوضات سياسية مع طرف عربي.
أبو مازن لا يبذل جهدا للتقرب إلى إلى الشعب. فقد أجرى الرئيس زيارات في الشهور الأخيرة إلى العواصم الأوروبية أكثر من نابلس والخليل. ولا يضيع فرصة للتذكير بأنها دورته الأخيرة، وأننا بعد أقل من سنة سنضطر للبحث عن شريك جديد.

رئيس الوزراء سلام فياض اضطر إلى أن يجوب العالم وإجراء تقليصات من أجل إنهاء الشهر. وقد حصل فياض على تعهدات بسبعة مليارات دولار، إلا أنه في الوقت الراهن يدفع بصعوبة رواتب موظفي السلطة، الذين أكثر من نصفهم يحسبون موالين لفتح في غزة والذين يقضون معظم أوقاتهم في تدخين النارَجِيلَة. ومن أجل تحسين نظام الدفع، يفرض فياض على المواطنين الذين يريدون تجديد رخصة قيادة أو استصدار شهادة ولادة لأبنائه، التزود بشهادة بأنه دفع ديونه لشركتي الكهرباء والمياه.

الأوضاع تذكّر الوزير عامي أيالون بصيف عام 2000، حينما حذر كرئيس للشاباك من اندلاع انتفاضة ثالثة. "لم نتعلم شيئا من تقرير فينوغراد" قال أيالون. "لا يوجد استراتيجية ولا يوجد عملية اتخاذ قرار، كلنا نتحمل المسؤولية وهذا الطاقم لا يقوم بواجبه". ورئيس الوزراء قال: عامي على حق فلنجري مداولات".

التعليقات