"دعوة للخيانة"..

-

ليس التهديد الإيراني هو ما يجب أن يقلقنا، إنما الأزمة الإقتصادية، التي تضطر نتنياهو إلى قذف شاس إلى الخارج لأجل ليفني وباراك. صحيح أنهم سيقولون إنه خان. لكن "بيناتنا"، من هو الذي لم يخن؟

يسأل الناس في قاعة سحب الدم في (مستشفى) إيخيلوف الذي أتواجد فيه مرتين في الاسبوع: "لماذا لا تقوم ولو مرة واحدة حكومة علمانية؟ لماذا لا تقوم حكومة يمكنها عدم الخنوع لكل من ابتغى أن يحلب أكثر وأكثر؟

يستطيع بنيامين نتنياهو أن يشكل حكومة يمينية ضيقة، لكنه لا يريد ذلك. وترغب تسيبي ليفني لكنها لا تستطيع، وكذلك إيهود باراك. لو أنهم تعالوا على أنفسهم لكانوا استطاعوا سوية إقامة حكومة يمكنها السيطرة حيث من الممنوع إتاحة إقامة حكومة يمينية – دينية. ففي حالة انهيار الإقتصاد، هنالك حاجة لرب بيت يمكنه أن يدير البيت كما يجب.

ربما لا يحب براك وليفني أحدهما الآخر. فماذا في هذا؟ يمكنهما أن لا يحبّا، لكن عليهما أن ينقذا دولة قد سقطت على الحلبة. ونتنياهو، أفضل من غيره لإدراك ذلك. صحيح أنه لم يقل بعد كلمة "سلام"، لكنه يدرك أنه ملزم للتماهي مع الأمريكان حتى مع البيت اليهودي. لقد مرّ في هذه التجربة وانسحب من الخليل. إذن ليتنازل قليلا، وتتنازل ليفني قليلا ويتنازل حزب العمل قليلا.

يجب على نتنياهو أن يبدو طبيعيا وأن يتوقف عن إخافتنا بالنووي الإيراني. وكذلك باراك أيضا. فالإيرانيون ليسوا أغبياء. فهم لن يلقوا على إسرائيل قنابل ذرية لأنهم يدركون أنها الدولة الوحيدة في العالم التي ستردّ عليهم بالأسلوب ذاته. فلماذا يموتون كي يميتونا؟ لقد لعبوا علينا بحماس وبحزب الله، وكذلك جزء من عرب إسرائيل. إنهم يريدون أن يصبحوا قوة عظمى، وسيصبحون. وهم يريدون السعودية وليس تل أبيب. وهم يحبون أن يغيظونا بكلمة إبادة. ألعرب أيضا قالوا مرات كثيرة إنهم سيلقون بنا إلى البحر. حينها تعلمنا السباحة.

على نتنياهو أن يقذف شاس خارجا وكذلك كل من فكّروا أن يكونوا شركاءه. سيقولون عندها إنه قد خان. لكن من لم يخن؟ عندما وقف يوسيف ليشانسكي تحت المقصلة في دمشق العام 1917 وعلّق على جسده شعار: "هكذا جزاء الخائن"، قال بما معناه: "لم نخنك يا عثمانية الحقيرة (الدولة العثمانية)، حيث يجب أن يسبق الحب الخيانة، ونحن لم نحبك".

نتنياهو أيضا لا يحب شاس. وحتى لو أنه يحب البيت اليهودي ويحب ليبرمان، فهو يدرك أنه سيسقط معهما. إنه يعتقد الآن أن عليه الخنوع لهما من أجل إقامة حكومة ضيقة. سيقولون إنه خانهما. فليقولوا. من لم يخن ليقم.

تستطيع ليفني أن تنتظر في المعارضة سقوط نتنياهو إن هو أقام حكومة ضيقة، حيث سيقال إنها تمسكت بمبادئها. لكنهم سيقولون أيضا إنها ضحت لذلك بالدولة.

لا حاجة لأن تكون على حق دائما. ولا حاجة لأن نكون دائما رجال كرامة. يجب على باراك أن يتعلم كيف يشنون حربا حكيمة وصغيرة، وليس أن يبعث سلاح جو كاملا لقتل العرب. بالإمكان أن يعمل بشكل جيد مع نتياهو، الأمر الذي لم يكن ممكنا مع أولمرت.

نهاية أي أيديولوجية أن تحفر أنهارا من دماء. لا توجد حقيقة واحدة، بل الكثير من الحقائق، وعليه، فإن الحقائق الثلاث – حقيقة شيلي يحيموفيتش وحقيقة نتنياهو وحقيقة مخضرمي (عصابة) الإيتسل، يمكنها أن تجتمع سوية، إلى أن يخرج الدخان الأبيض، والمهم أن يكون علمانيا. ليذهبوا أيضا إلى عملية سلمية دون أن يقودهم أوباما إليها.

وكل ذلك بشرط واحد هو ألا يكون في الحكومة حزب من الأحزاب اليمينية المتطرفة.. ليجلسوا في المعارضة وليتحدثوا عن العرب وعن إيران وعن الله وعن المخلص وعن جبل الهيكل.

أما نحن فنريد أن نحافظ على وجودنا. أمريكا، الدولة العنصرية، اختارت رئيسا أسود لأنها أرادت أن تنقذ نفسها. وسنرى إذا كانت ستنجح هذه الخطوة. ولكن وبما أنهم قاموا بها، فلماذا ا يستطيع ذلك ليفني ونتانياهو؟

التعليقات