"سيدي الرئيس، إسرائيل مشلولة"..

-

لا نعرف ماذا قال المبعوث الأمريكي جورج ميتشيل لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما، لدى عودته من جولته في الشرق الأوسط، لكنّنا نأمل أن تكون أقواله جاءت على الشكل التالي:

"سيدي الرئيس، لا يوجد لدي، للأسف، بشائر طيبة. إنه أمر سهل الخطأ في تقييم إسرائيل. فهي حقا دولة منتعشة من نواح معينة، إلا أنها وصلت إلى شلل مطلق من الناحية السياسية. ففي جميع نشاطي الدبلوماسي على مدى سنين طويلة لم أر مجتمعا ينعم باقتصاد متطور وديمقراطية نشطة، كما يبدو، لكنه يعيش حالة من القلق وفقدان الأمل.

"لا يرى الناخب الإسرائيلي مخرجا من دائرة العنف والقمع. يتحدثون في مباحثات تركيب الإئتلاف عن "البلوك القومي" في مقابل "بلوك المركز – يسار"، لكن المجموعة الأبرز هي مجموعة الخوف، والبلبلة والشلل، والتي تنتمي إليها الأحزاب الأساسية – من إسرائيل بيتنا مرورا بليكود وكاديما وصولا إلى العمل. حيث تشير نتائج الإنتخابات إلى أن الإسرائيليين لا يصدقون أن بالإمكان التخلّص من الجمود وفقدان السبيل، واللذين يسودان إسرائيل منذ فشل محادثات كامب ديفيد. فصعود سياسيين مثل أفيغدور ليبرمان هو دائما إشارة إلى أن الديمقراطية تضيع دربها وتطمح إلى تنجيع مخاوفها ويأسها بالكراهية.

"لقد بدت إسرائيل موحدة فقط في الأسابيع الثلاثة التي حوّل فيها جيش الدفاع الإسرائيلي غزة إلى خرائب. ويحاول نتنياهو وليبرمان وباراك جني مكاسب سياسية من ذلك ويتنافسون فيما بينهم على لقب "الزعيم الأكثر حربية". فالديمقراطية الإسرائيلية معطّلة، وليس فقط بسبب طريقة الانتخاب. حيث توقفت إسرائيل منذ زمن عن كونها تدار بواسطة إجراءات ديمقراطية. فما يحدّد الأمر الواقع في الضفة الغربية هي صفقات سرية بين جهاز الأمن والمستوطنين – خارج إطار سلطة الجهاز السياسي وبعيدا عن أنظار الجمهور.

"الوضع في الطرف الفلسطيني مشابه. لكن السلطة الفلسطينية موحدة أكثر. حماس مجزّأة وتستصعب اتخاذ قرارات، وتفقد فتح التأييد والشرعية، لأن إسرائيل لم تعمل ولو النزر اليسير لإقناع الفلسطينيين باستعدادها التقدم نحو السلام. ألشعب الفلسطيني في طريقه إلى الخنوع لمفهوم "المقاومة"، أي نضال عنيف ضد إسرائيل بدون حساب الثمن أو حتى النتائج.

"في هذه الحالة، فإن المحادثات الثنائية لن تكون أكثر من تظاهر ومصيرها الفشل. مع ذلك، فإن انتفاضة ثالثة ستتفجّر إذا لم نفعل شيئا. وستلاقي الأنظمة العربية صعوبة في مواجهة غضب الشارع في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية أخرى، ما سيؤثر ربما على استقرار المنطقة.

"سيدي الرئيس، أدرك أنك الآن مشغول بالأزمة الإقتصادية، لكننا لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بتدهور آخر في الشرق الأوسط. أقترح أن تضع الولايات المتحدة كامل ثقلها من أجل الضغط على إسرائيل لقبول مبادرة السلام العربية. ونستطيع أن نفعل هذا إذا نحن أعطينا لإسرائيل الضمانات بأننا سنفعل كل شيء لدرء هجوم إيراني عليها، حتى لو أن إيران تحوّلت إلى دولة ذريّة. في مقابل ذلك، فإنه يجب على إسرائيل أن تبدأ بفك المستوطنات.

"علينا إقناع الدول العربية لإرسال قوات عسكرية لحفظ الأمن في الضفة الغربية، وعلينا تنظيم مؤتمر سلام برعاية الولايات المتحدة، وروسيا والإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، لا ينفضّ حتى التوصل إلى اتفاق. هكذا عملت، كما تذكرون، وبنجاح في إيرلندا الشمالية. ورجاء، أقنع الرئيس السابق بيل كلينتون أن يساعدني. فقد حظي كلينتون بالحب والثقة في إسرائيل، وباستطاعته أن يساعد في ترميم الثقة بأن السلام ممكن".

التعليقات