عن أية عنصرية تتحدّث يا بيرس؟ /زهير اندراوس

-

عن أية عنصرية تتحدّث يا بيرس؟ /زهير اندراوس

هل لاحظ رئيس الدولة أنه فيما هو يتمنى نهاية العنصرية، يستمر تفضيل اليهود في جميع المجالات؟

كشف انتخاب الرئيس الأسود الأول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، مدى تلوّن القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم حضرة رئيس الدولة السيد شمعون بيرس.

لست محسوبا على تلك الجهات السياسية والإعلامية في العالم العربي التي صلّت لفوز أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وإني واثق كل الثقة بأن الرئيس المنتخب لن يغيّر قيد أنملة في سياسة الدولة العظمى في العالم فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ربما تجري هنا وهناك تعديلات تجميلية، لكن الموقف الأمريكي سيبقى على حاله.

لكن بيرس، كعادته، صاغ بيانا للإعلام، في تعقيبه على انتخاب أوباما: "بالنسبة لي كإنسان، فإن انتخاب رئيس أسود قد وضع النهاية، إلى حدّ ما، للعنصرية في العالم". وقطع د. مصطفى البرغوثي في مقابلة صحفية قبل أسبوعين، بأن بيرس هو السياسي الإسرائيلي الأخطر الذي عرفته الدولة اليهودية منذ إقامتها.

والسؤال الملحّ هو أية عنصرية يقصد بيرس؟ من المناسب أن نناقش رئيس دولة اليهود في الموضوع.

أولا، سيدي الرئيس، فإن إسرائيل دولة عنصرية تجاه الأقلية العربية الفلسطينية التي تعيش فيها. الأقلية ذاتها التي ولدت فيها. الفلسطيني ليس ضيفا في وطنه وهو بالتأكيد ليس عابر سبيل. إنه صاحب هذه الأرض الحقيقي. فكيف يحارب السيد بيرس العنصرية علما أن كراهية العرب أضحت رياضة وطنية في صفوف الإسرائيليين، رياضة احتراف تحاول أن تغطي على الخيبات المستمرة للرياضيين الذين يخفقون في الفوز بميداليات في المسابقات الدولية، مثل الأولمبيادة؟ لقد تلقينا مثالا صارخا بالأمس فقط على التمييز حيث حكم قاض في المحكمة المركزية على شرطي قتل معتقلا فلسطينيا بسنة سجن واحدة فقط.

في اليوم الذي سجّل فيه أوباما حدثا تاريخيا، بحسب الرئيس بيرس، باشرت حكومة إسرائيل بعملية طرد ألف من المواطنين العرب البدو من قريتهم غير المعترف بها، قرية أم عتير في النقب. وهذه هي المرة الثالثة التي تقوم السلطات الإسرائيلية، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بترحيلهم.

سيدي الرئيس، لقد كنت وزيرا لتطوير النقب والجليل، وهو تعبير للتغطية على تهويد المنطقتين المذكورتين. هذه هي النتيجة للمخططات التاريخية التي خططها مكتبك لرفاهية المواطنين العرب؟ تعيش العنصرية. لم يجئ مواطنو القرية إلى إسرائيل. فقد ولدوا هنا. وإسرائيل هي التي أتت إليهم.

لا نريد أن نصبح رؤساء حكومة إسرائيل، فهذا غير ممكن. إسرائيل ليست أمريكا. حسبنا أن نعتبر قبول الجامعات في إسرائيل طلابا عربا لدراسة الطب انجازا تاريخيا إزاء هيمنة العنصرية في كل الحيّز الإسرائيلي تقريبا. وبالمناسبة، مثير للإهتمام لوأننا نعرف ماذا وراء قرار جامعة تل أبيب تحديد سن المرشحين لدراسة الطب ب 20 عاما؟ هل يمكن أن لا نشتم رائحة العنصرية ضد العرب الذين لا يخدمون في الجيش؟.

هكذا أيضا، عندما يؤكّد رئيس "شاباك" على أنه سيلاحق كل عربي يتجرّأ على رفض تعريف الدولة كدولة يهودية لا نقبلها.

كما تعلم يا سيد بيرس، فأنتم تجبروننا على أن نتعلم التوراة وسفر الآباء في المدارس الثانوية. وتمنعوننا من دراسة تاريخ شعبنا العربي الفلسطيني. تتهموننا بالتآمر والتطرف إذا ما طالبنا باستقلال ثقافي. لقد تعلمنا أن هنالك في التوراة جملة تقول "أحب لغيرك ما تحبّ لنفسك". فكيف تطبّقون هذا المبدأ يا سيد بيرس في الدولة التي أقمتموها في العام 1948؟.

سيدي الرئيس، هل لك أن تشرح لي كمثقف، ما هي العلاقة بين العمل في دكان للملابس وبين أمن الدولة؟ تصادفني إعلانات عن وظائف شاغرة في دكاكين للملابس: "مطلوب عاملة بعد الخدمة في الجيش". لا حاجة للإستفاضة في الحديث عن الفحص الأمني في المطار، حيث يجرون تصنيفا بين اليهود والعرب، على رغم أن هذا المصطلح يثير إيحاءات سلبية فيما يتعلق باليهود الذين خبروا الكارثة. شركة الكهرباء التي تشغل 14 ألف عامل، من بينهم خمسة عمال فقط من غير اليهود، نشرت في الصحف أنها في حاجة إلى موظفي هاتف بعد الخدمة في الجيش، لماذا؟ سؤال جوابه مفهوم ضمنا ربما.

لكن، بودي هذه المرة، لو سمحت، أن أتطرق إلى نقطة أساسية لا علاقة مباشرة لها بالعرب: كيف يمكنني أن أفسر لنفسي وللآخرين أنه ومنذ قيام الدولة قبل 60 عاما لم يفلح أي يهودي من أصل شرقي أن يصل إلى المقام الأسمى والأهم: رئيس حكومة إسرائيل؟ لماذا جميع رؤساء الحكومات المتعاقبة هم من أصل أوروبي؟ ماذا بشأن أبناء الطوائف الشرقية الذين قال شاعركم حاييم نحمان بيالك إنه يكرههم كونهم يشبهون العرب؟

هل الأمر مصادفة أن المرشحين الثلاثة لرئاسة الحكومة، تسيبي ليفني،بنيامين نتنياهو وإيهود براك، ينتمون إلى النخبة الأشكنازية؟

التعليقات