"نتنياهو على حق، إذن ما العمل؟"

-

بالذات لأن حل الدولتين يبتعد، علينا التفكير بالطريقة التي بواسطتها يمكننا أن نصلح التمييز ضد الفلسطينيين.

إن نتنياهو محق للأسف. فقد عفا الزمن على حل الدولتين. ما زال أبو مازن يؤمن به لكنه ليس مستعدا أن يقطع الشوط الكبير المطلوب من أجل أن يكون هذا (الحل) مقبولا حتى على اليسار في إسرائيل. غير أبو مازن لا يوجد فلسطيني آخر تقريبا يؤمن بهذا الحل، وكما قد يبدو غريبا، فإنك لن تجد كثيرا من المعنيين به حتى بشروط مثالية كما يرونها.

إن مبدأ الدولة، بعكس الجمهور اليهودي، لم يكن ذات مرة مهما لمعظم الجمهور الفلسطيني، مثل حق العودة واسترجاع الحقوق. ومثل كثيرين من العرب، فإنهم (الفلسطينيين) لا يهتمون بفكرة الإستقلال المتميز، إذا كان فلسطينيا أو أردنيا أو سوريا. وقليلون هم الذين يعترفون بأن مبدأ الدولتين هو ما تبقى في الساحة، ولذا فإنه الوسيلة الوحيدة للضغط على إسرائيل.

لكن عندما يطلب إليهم أن يقرروا، فإن القلب يعارض. بكلمات أخرى، حتى لو أن أبو مازن قرر أن يوقع، وفق سيناريو غير معقول، على اتفاقية تقسيم إلى دولتين في الصيغة التي تقبلها إسرائيل، فإن الجمهور الفلسطيني سيرفضها وسينطلق الإرهاب سريعا ومجددا.

إن دولة عاصمتها رام الله أو حتى في ضواحي القدس هي ليست أمنية أي فلسطيني من الذين أعرفهم. وإمكانية إعادة بضع عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، والتي نعتبرها تنازلا كبيرا وصعبا، لا تلبّي حتى طرف أطراف الطموح الفلسطيني.

إذا ما أضفنا هذه المشاعر القوية لدى الفلسطينيين إلى حقيقة أن نتنياهو وبراك وإسرائيل بيتنا في هذه التركيبة أو بأخرى، سيديرون الحكومات الإسرائيلية في العقد القريب، فإننا سنتوصل إلى استنتاج أن لا أساس مشتركا للحديث عن دولتين.

يمكن لدان مريدور وأبو علاء أن يمضيا في الجلوس إلى الطاولة حتى موعد صلاة الفجر، ويمكن أن يمضي نتنياهو في ذر الرماد في أعين العالم بأنه يبغي التوصل إلى اتفاق، لكن ذلك لن يؤدي إلى دولتين تعيشان بسلام الواحدة إلى جانب الأخرى. ومن حق نتنياهو أن نذكر أنه حتى لو أن بيلين كان رئيسا للحكومة فإننا نشك أن يتم التوصل إلى ذلك.

عليه، فإن الخطوة الأولى للتحرر من نموذج حل الدولتين هو في إدراك أنه لم تعد لاتفاقيات أوسلو أية أهمية وأن المساحة ما بين الأردن والبحر – يهودا، السامرة،غزة، الجليل، السهل، الشارون، الساحل والنقب - هي دولة واحدة. أجل، كذلك رفح وخانيونس هما جزء من هذه الدولة،، ونعم، إنها دولة يسودها تمييز قاس جدا وبشع ضد الفلسطينيين. ونتنياهو على حق في قوله إن الخطوة المهمة الأولى هي اقتصادية. علينا أن نبذل كل الجهود من أجل جلب استثمارات دولية إلى المناطق الفلسطينية وأن نطور الإقتصاد هناك.

لكن حتى لو أنه على حق في أن حل الدولتين ليس واقعيا، فإن رؤية نتنياهو ناقصة في كل ما يتعلق بالبدائل. هل هو مستعد أن تخسر إسرائيل الأغلبية اليهودية فيها؟ أو هل هو ينتظر أن يسيطر إلى الأبد على المواطنين العرب كمواطنين بدون حقوق؟


بالذات، لأن حل الدولتين يبتعد، علينا أن نفكر كيف ستكون طبيعة هذه الدولة مستقبلا وكيف سنصلح غبن التمييز ضد الفلسطينيين. كثيرون منا يعتقدون باستمرار أن نسلب حقوقهم المدنية، لكن حتى لو أن مسألة العدل لا تهمنا، فإن من الواضح أنه خلال سنوات عدة سنتحول حتى في عيون أصدقائنا القلائل إلى نظام حكم ظلامي مضطهد، حتى أنه أسوأ من معظم الدكتاتوريات العربية.

هنالك الكثير من الأفكار التي تتيح عيشا مشتركا للفلسطينيين والإسرائيليين من خلال منح حكم ذاتي لكل من الطرفين. إيرلندا والعراق، على سبيل المثال، يطوران توجهات كهذه التي من شأنها إتاحة العيش لمجموعتين اثنيتين تحت سقف الدولة ذاتها. لقد طورت سويسرا مفهوم الكانتون الإثني، وحتى في كوسوفو تطورت أفكار لتقسيم سيادي في المساحة ذاتها. ربما تكون بعض هذه الأفكار قابلة للتطبيق عندنا. حان الوقت لأن نفكر خارج العلبة.

التعليقات