كتبت صحيفة "هآرتس" أن الصعوبة الأساسية التي طرحت في المحادثات الأخيرة بين رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، تكمن في مسألة حق العودة، وذلك لكون عباس رفض إبداء مرونة ملموسة بهذا الشأن. ويأتي ذلك نقلاً عن جهات دولية تم إطلاعها على تفاصيل المحادثات بين أولمرت وعباس. وبحسبهم فقد توصل الإثنان إلى عدد من التفاهمات، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاقات.
ومن المتوقع أن يلتقي أولمرت وعباس في نهاية الشهر الجاري من أجل مواصلة المباحثات بشأن "المواضيع الجوهرية" مثل إقامة الدولة الفلسطينية والحدود الدائمة والقدس واللاجئين، وذلك بهدف صياغة "وثيقة مبادئ" مشتركة تمهيداً للقاء الإقليمي المرتقب في الخريف.
ونقلت الصحيفة عن كبار المسؤولين في الجهاز السياسي وفي السلطة الفلسطينية أنه في المحادثات التي جرت بين أولمرت وعباس في الشهرين الأخيرين، والتي كانت على انفراد وبسرية تامة، قد نوقشت إمكانية بلورة وثيقة من صفحة واحدة، تتضمن 4-5 مبادئ عامة متفقا عليها من قبل الطرفين، ويتم عرضها على اللقاء/ المؤتمر الإقليمي.
وبحسب المصادر الدولية ذاتها فإن مستشاري عباس يطالبون بعدم عقد اللقاء الإقليمي إلى حين استكمال الوثيقة المذكورة، في حين يقول مكتب أولمرت إن الوثيقة ليست شرطاً لعقد اللقاء.
وبحسب "هآرتس" من المقرر أن تصل وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، إلى البلاد في الأسبوع الأول من أيلول/ سبتمبر، من أجل محاولة التوسط بين الإثنين. كما تضيف أن رايس مصممة على مناقشة المواضيع الأساسية وليس المسائل التكتيكية مثل الحواجز والتسهيلات للفلسطينيين. وبعد استكمال الوثيقة المذكورة والمصادقة عليها في اللقاء، فإن طاقماً موسعاً إسرائيليا- فلسطينياً سيقوم بمناقشتها وإجراء مفاوضات مفصلة بشأنها، بهدف التوصل إلى اتفاق. وفي هذا السياق فلم يتم بعد تشكيل طاقم مفاوضات إسرائيل، خلافاً للجانب الفلسطيني.
وتابعت الصحيفة أنه إلى جانب الاتصالات من أجل بلورة المبادئ المشتركة، فقد تبلورت في الأشهر الأخيرة في إسرائيل "استراتيجية مفاوضات"، هدفها مساندة المحادثات بين الطرفين، وتجنيد الدعم اللازم والبيئة الإيجابية على المستوى الإقليمي والدولي. وذلك انطلاقاً من أنه بالرغم من وجود إمكانية للعمل العسكري ضد حركة حماس في القطاع، إلا أنه يجب إيجاد "بديل سلام" للفلسطينيين، وبناء خيار سياسي حقيقي لـ عباس ورئيس حكومته سلام فياض.
كما جاء أن تطبيق هذه الإستراتيجية يتم عن طريق ثلاثة دوائر متوازية؛ إضعاف حماس وتعزيز قوة حكومة السلطة، وتجنيد الدعم الإقليمي المتمثل في الدول العربية، وتجنيد الدعم الدولي المتمثل في الرباعية الدولية.
وفي الدائرة الأولى لإضعاف حماس تتم مواصلة الحرب ضد المقاومة، بالإضافة إلى النشاط السياسي لمنع تواصل تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع، والعمل على منع وصول تمويل إلى حماس وحصول اعتراف دولي بسلطتها.
وفي المقابل، يجري تنفيذ خطوات عملية، جارية أو على المدى البعيد، إزاء عباس ورئيس حكومته فياض، وذلك من خلال تجديد التنسيق بين إسرائيل وحكومة فياض على كافة المستويات، بالإضافة إلى "بوادر حسن النية" مثل إطلاق سراح أسرى وتحويل أموال وتعزيز الأجهزة الأمنية ونقل المساعدات الإنسانية. وعلى المدى البعيد، تتواصل المحادثات تباعاً بين أولمرت وعباس.
وتابعت الصحيفة أنه في مركز الدائرة الثانية، الإقليمية، فإن مصر والأردن تقفان في مركزها كممثلتين للدول العربية، كما تقع في هذه الدائرة الاتصالات الهادئة مع قطر والمغرب، ودول أخرى في الخليج، وإلى حد ما مع السعودية أيضاً. حيث تعمل إسرائيل على تجنيد دعم هذه الدول، وخاصة للقاء الإقليمي، علاوة على تقديم المساعدة لإضعاف حركة حماس، وأن تقف جميعها إلى جانب عباس. بيد أنه لا تخفي الصحيفة أن هناك عناصر سياسية إسرائيلية تشير إلى أنه يجري العمل بحذر مع هذه الدول العربية، وأن هناك مخاوف بشأن مدى احتمالات نجاح اللقاء الإقليمي.
وتتابع المصادر ذاتها، أنه من أجل توفير المناخ الداعم، فإن إسرائيل لن تطالب بالتطبيع الفوري مع الدول العربية، وإنما أن يتم "تجديد العلاقات مع إسرائيل على مراحل، وذلك بموجب التقدم في المحادثات الثنائية مع الفلسطينيين". كما تشير إلى أن "اعتراف الدول العربية بإسرائيل ينظر إليه في إسرائيل كجزء من هذه العملية، وذلك في أعقاب التقدم بين أولمرت وعباس".
وتتابع الصحيفة أنه في الدائرة الثالثة فإن الإستراتيجية الإسرائيلية موجهة إلى المجتمع الدولي، وعلى رأسه أعضاء الرباعية الدولية. حيث تطمح إسرائيل في تجنيد الدعم الاقتصادي والسياسي الدولي لحكومة فياض، من خلال مبعوث الرباعية الدولية، طوني بلير، خاصة وأن أوروبا والولايات المتحدة تدعمان بشكل واسع العملية الآخذة بالتبلور بين أولمرت وعباس.
ومع ذلك، تضيف الصحيفة أن عناصر إسرائيلية ذات صلة بالاتصالات مع الفلسطينيين تؤكد على صعوبة التطبيق، حتى بعد التوصل إلى "وثيقة مبادئ"، ومن هنا تأتي المخاوف من الرغبة الفلسطينية في وضع جدول زمني ودعامات واضحة. وتبرر العناصر ذاتها هذه المخاوف بأن تحديد جدول زمني قد يؤدي إلى أزمة، ومن هنا فإن الاتجاه هو نحول الانشغال في السياق السياسي الواسع قدر الإمكان.
31/10/2010 - 11:02
هآرتس: المرونة التي يبديها عباس تجاه حق العودة لا تزال غير ملموسة..
استراتيجية المفاوضات الإسرائيلية: إضعاف حماس وتعزيز قوة حكومة السلطة، وتجنيد الدعم الإقليمي المتمثل في الدول العربية، وتجنيد الدعم الدولي المتمثل في الرباعية الدولية..
التعليقات