"وقاحة رئيس الحكومة"..

-

كتبت هيئة تحرير صحيفة "هآرتس" أن إيهود أولمرت بات مألوفا لمحققي الشرطة الإسرائيلية والنيابة العامة والمحاكم. فمنذ عقدين من الزمن وهو متورط في قضايا جنائية مختلفة، أحيانا بدور الشاهد، وأحيانا أخرى كمشتبه، وفي أحيان أخرى كمتهم. وهو حقوقي في ثقافته ومحام، بالإضافة إلى عمله السياسي، وهو يعلم أن من ينسف الإجماع على قواعد اللعبة في سلطة القانون يشيع الفوضى.

وتضيف أن جميع هذه الحقائق كانت صحيحة قبل أن يصبح أولمرت رئيسا الحكومة أيضا، وستبقى صحيحة في المستقبل، حتى لو نزعت منه رئاسة الحكومة. فالمجتمع والدولة والقانون، مكتوب أو غير مكتوب، أقوى وأهم من أي فرد. إلا أن أولمرت، وفي طريقه إلى الخارج، يهدد بزرع الخراب في كافة المؤسسات التي بدونها لن يكون هناك حياة ديمقراطية في إسرائيل.

وتتطرق هيئة التحرير إلى الهجوم العنيف الذي شنه أولمرت على المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، وعلى المدعي العام موشي لادور، ورئيس شعبة التحقيقات والاستخبارات يوحانان دانينو، وعلى زملائهم في النيابة العامة والشرطة. وأعتبرت الصحيفة أن هذا الهجوم لن يكون مجديا لأولمرت، إلا أنه سيمس بثقة الجمهور الضرورية لعمل سلطات التحقيق والنيابة العامة والقضاء. فمن لا يعيش في هذا الواقع الرمادي من الممكن لسذاجته أن يعتقد أن التهم الخطيرة الموجهة لأولمرت صحيحة، ولكنه أيضا سيفكر فيما إذا كانت التهم الكيدية التي يطلقها صادقة.

وتتابع أنه مثل أي مواطن فمن حق أولمرت أن تجرى له محاكمة عادلة. ولكنه، ليس مثل أي مواطن، يستغل حصانته من أجل عرقلة هذه العملية. فالمواطن العادي يعتقل للتحقيق، ويكن بيته ومكتبه خاضعا للتفتيش المشدد، ويقوم محققو الشرطة بالتنصت على مكالماته الهاتفية بتصريح من قاض، ويتم تمشيط مضمون المكالمات، ومقارنتها بمضامين مكالمات مشتبهين آخرين.

وتضيف أن عضو الكنيست لديه حصانة أمام عدد من وسائل التحقيق، إلا أنه يمتثل للمحققين بحسب طلباتهم ومكاتبهم. وكذلك لا يوجد وزير ولا رئيس حكومة يقرر للمحققين موعد التحقيق وطول مدة التحقيق ووتيرة التحقيق. وفي الشهور الثلاثة الأخيرة ومنذ أن بدأ التحقيق في قضية "مغلفات الأموال"، التي تفرعت إلى التحقيق في رحلات أولمرت، أتاح أولمرت للمحققين بعدد من الساعات التي لا تصل إلى يوم عمل واحد، أو رحلة جوية واحدة إلى نيويورك.

وبحسب الصحيفة فإن أولمرت يثبت أن منتقديه كانوا على حق عندما ادعوا بأنه قادر على الإمساك بالسلطة والخضوع للتحقيق في الوقت نفسه. ونظرا لكونه يجب أن يخضع للتحقيق في سلسلة من الملفات المرتبطة ببعضها البعض، يتوجب عليه أن يخرج إلى عطلة طويلة إلى حين الانتهاء من التحقيق. ومن الناحية القضائية فإن هذا ما يجب أن يكون موقفه. وطالما لا يستطيع أن يقدم ادعاءاته، فهو لا يستطيع نقض الشبهات الموجهة ضده. إلا أن الإنطباع هو أن أولمرت يعرف أن وضعه خطير من الناحية القضائية، وهو يفضل تأجيل تقديم ادعاءاته قدر الإمكان، وتأجيل استكمال التحقيق وقرار النيابة العامة والمستشار القضائي بشأن تقديم لائحة اتهام ضده.

وتنهي الصحيفة بالقول إن أولمرت بمماطلته في التحقيق، وبهجومه على سلطات القانون في الوقت نفسه، فهو يحدد من جديد الوقاحة الإسرائيلية، فوزراء حكومته والمستشار القضائي، مزوز، كل ضمن اختصاصه، يجب ألا ينتظروا إلى حين تفرض عليهم المحكمة العليا إخراج أولمرت إلى عطلة لاستكمال التحقيق.

التعليقات