كشفت دراسة أميركية أجراها فريق من الباحثين الأميركان، تخصصوا في مجال علم الأحياء الدقيقة وتناولوا مهمة إظهار المخاطر التي يحتمل أن يتعرض لها الموظفون، عقب تناول الأطعمة على مكاتبهم أثناء العمل.
وتبيّن بعد الانتهاء من الدراسة، أن البكتيريا الدقيقة تنتشر وتتمركز على هذه الأسطح، نظرا لوجود بقايا الطعام غير المرئية، حتى بعد القيام بعملية التنظيف الشامل، ولمعرفة نوعية وطبيعة الأمراض التي تصيب الإنسان، تم إجراء فحص على مدى تأثير هذه البكتيريا الدقيقة، في عدد من المدن داخل ثلاث ولايات أميركية على رأسها كندا، وخلال عام تم فحص محتويات مكاتب هذه المدن لمتابعة عمل الكائنات الدقيقة وقوة تأثيرها على الموظفين، والأوقات التي تتكاثر خلالها وحجم النمو الذي يحدث لها، ومعرفة الأنواع الأكثر خطورة على صحة الموظفين، والتي تتمركز بين الأجهزة على أسطح المكاتب وتظل لأسابيع، لاعتمادها على بقايا الأطعمة غير المرئية الملقاة على المكتب، وقطرات المياه التي تسكب على المكتب من حين لآخر.
ويوضح د. وليد العربي، استشاري الصحة العامة، أن الدراسة تم إجراؤها نظرا لانتشار العديد من الأمراض غير معلوم مسبباتها ومؤشراتها، خلال الفترة الأخيرة في مدن ولايات كندا وكاليفورنيا وأريزونا بالولايات المتحدة، مما عزز من رغبة الباحثين في مجال الأحياء الدقيقة، في البحث عن المسببات داخل نوعية الأطعمة التي يتناولها الأشخاص المصابون، والأماكن التي يترددون عليها.
وخلال الدراسة التي استمرت أكثر من عام، تبين أن تناول الموظفين للأطعمة على المكاتب أثناء العمل يؤدي إلى انتشار البكتيريا والكائنات الدقيقة، حتى بعد القيام بعملية التنظيف، حيث تظل لأسابيع متعاقبة معتمدة في غذائها على بقايا المأكولات وقطرات المياه التي تسكب على الأسطح، لا سيما أنواع معينة من الأطعمة وهي التي تتناثر سريعا ولا تظل لفترات ممتدة متماسكة.
وأضاف قائلا: قام فريق من الباحثين بفحص مكونات المكاتب التي توجد في هذه الولايات، وتبين وجود الكثير من الكائنات الدقيقة والبكتيريا بأنواع مختلفة، تتسبب في الإصابة بأمراض متعددة، من بينها السرطان وتلف خلايا الجسم والجلطات الدماغية، لأنها تتواجد حول الأشياء التي كثيرا ما يستخدمها الموظفون، مثل أجهزة الحاسوب ولوحات المفاتيح وأدراج المكاتب الداخلية، الأمر الذي يساعدها على الانتشار سريعا والبقاء لفترات زمنية ممتدة، مما يؤدي إلى سرعة الإصابة بالأمراض وانتشار العدوى بين الأشخاص.
وتابع: كما تتسبب هذه العادة السيئة في الإصابة بأمراض أخرى مصاحبة لأمراض الكائنات الدقيقة، أبرزها مرض السمنة وتصلب الشرايين، نظرا لتناول كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على دهون مشبعة، تتعسر المعدة في عملية هضمها، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الدهون أسفل خلايا الجلد من الطبقة الأولى، ومن ثم يزيد وزن الإنسان بالتزامن مع استمرار تناول المأكولات بهذه الطريقة، بالإضافة إلى زيادة فرص الإصابة بكوليسترول الدم.
من جانبها، تؤكد د. جيهان عبد المولى، استشاري الصحة العامة، أن الدراسة أثبتت وجود نوع من الكائنات الدقيقة، تعمل على نقل الأمراض من شخص لآخر، حيث تتحرك سريعا وتنتقل بين الأسطح لتتمكن من السير على الطبقة الأولى من جلد الإنسان، ومن هنا تنتشر الأمراض التي يصاب بها أحدهم نتيجة استخدام أسطح المكاتب في تناول الأطعمة بين الزملاء سريعا، حتى وإن كان لا يمارس نفس العادة، تبعا لحيوية البكتيريا التي تتمركز على الأسطح وحول الأجهزة المستخدمة.
وتقول: إن الباحثين توصلوا أثناء إجراء الدراسة وفحص هذه الكائنات الدقيقة، إلى أنها تتسبب في الإصابة بالعقم وانحناء الحيوانات المنوية، نتيجة تراكم وسريان البكتيريا على الطبقة الأولى من الجلد، مما يؤدي إلى تخللها داخل الجسم وتمكنها من الأجهزة الحيوية به وإصابتها بالشلل، كما تعمل هذه البكتيريا على تعرقل حركة الدماء داخل أوردة الجسم، مما يؤدي إلى إصابة القلب بجلطات متكررة، فضلا عن الأمراض الأخرى مثل السرطان، حيث تعمل البكتيريا والكائنات الدقيقة الأخرى على تلف خلايا الجسم، وتكوين الأجسام السرطانية التي يمتد ويكبر حجمها مع مرور الوقت، لا سيما الأماكن التي تقترب من فتحات الجسم، مثل الأجهزة التناسلية.
وتؤكد أن أنواع البكتيريا التي تتواجد على أسطح المكاتب، من بينها ما يسبب تفتت كرات الدم الحمراء والبيضاء، التي تعمل على تزويد الجسم بالمواد الغذائية اللازمة لحيوية الأجهزة، فضلا عن تقليل فرص استفادة الجسم منها، خاصة التي يمتصها عقب الانتهاء من تناول الأطعمة، حيث تعمل على إضعاف الجهاز المناعي، وبالتالي تسهل مهمتها في إصابة الأشخاص بالأمراض المختلفة وانتشارها بين العامة.
وعن التأثيرات الأخرى لتناول الأطعمة على المكاتب أثناء العمل، يشير د. فوزي الدالي، أخصائي الصحة العامة، إلى أن البكتيريا التي تتكون على الأسطح تعمل على اختراق الجسم بعد دقائق من تمركزها على الأجهزة، وتقوم بإصابة الجسم بنقص في مستويات بعض الفيتامينات، مثل فيتامين “C” و”E” بالدم.
ويوصي بضرورة تنظيف الأسطح باستمرار لتقليل تواجد الكائنات الدقيقة التي تتسبب في نقل وانتشار الأمراض باستخدام مواد حارقة، حتى تقضي على بقايا البكتيريا التي تظل بعد كل عملية تنظيف لا تحتوي على هذه المواد، حيث تعمل على انتقال العدوى بين الأشخاص، والتأكيد على الموظفين بضرورة الانتهاء من هذه العادة السيئة، والتخلص من بقايا الأطعمة عن طريق التنظيف المباشر بعد تناول الأطعمة، كما يجب تنظيف المفروشات والحوائط والأسقف لأنها عندما تتكاثر تصل إلى هذه الأماكن بسهولة”.
اقرأ/ي أيضًا| أضرار رمال الشاطئ على صحة الإنسان
التعليقات