عزمي بشارة: الثورات العربية لم يخطط لها أحد وتوقعتها في كتاباتي

في الحلقة الخامسة من سلسلة المقابلات التي يجريها التلفزيون العربي، في برنامج "وفي رواية أخرى"، قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن أهم اسباب نجاح الثورة التونسية هي أنها كانت احتجاجات اجتماعية، وتحولت لثورة سياسية.

عزمي بشارة: الثورات العربية لم يخطط لها أحد وتوقعتها في كتاباتي

في الحلقة الخامسة من سلسلة المقابلات التي يجريها التلفزيون العربي، في برنامج 'وفي رواية أخرى'، قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إن أهم اسباب نجاح الثورة التونسية هي أنها كانت احتجاجات اجتماعية، وتحولت لثورة سياسية.

وأضاف بشارةفي حوار مع برنامج 'وفي رواية أخرى' على التلفزيون العربي أن الثورات العربية في 2011 كانت في البداية احتجاجاً اجتماعياً عفوياً، والناس خرجت بسبب الوضع الاقتصادي وعددٍ من المطالب الاجتماعية، وأتفه ما يقال عنها 'إنها مؤامرة'، ولكنها احتجاجات اجتماعية تحولت لثورة سياسية لإسقاط النظام.

وأشار بشارة إلى أن من بين أسباب نجاح الثورة التونسية وجود نسبة عالية من المتعلمين وهامشِ عملٍ سياسي لتدريب الناس وكذلك الحريات، فدولة تونس ليست هشة بل قوية، وفيها مؤسسات دولة تسيطر على البلاد، والناس مع مؤسسات الدولة وليسوا ضدها.

وتابع قائلا، الدولة في مصر أيضا قديمة وعتيقة، ولكن هنا تدخل عوامل أخرى من بينها أن الجيش في مصر لديه طموحات سياسية، فالجيش التونسي ليس له طموح سياسي ولم يحكم يوماً، وعلى الجانب الآخر الجيش المصري كبير ولديه مشاريع اقتصادية ولديه طموحات سياسية'.

وأكد بشارة أن الشباب المصري والتونسي عادوا لمنازلهم بعد رحيل رأس النظام، ولكن الفرق بين مصر وتونس، أنه في مصر جاءت نخبة هي في الواقع جزء من النظام القديم، وبدأوا الادعاء بأنهم حلوا محل الشباب واستقطبوا علمانيين وإسلاميين ولم يتوصلوا لقيم ديمقراطية للتعايش المشترك، والجيش استغل حالة الخلاف تلك واستثمر فيها أحيانا حتى وصل للحكم. أما في تونس فقد كاد أن يحدث ذلك، ولكن ثبت أن نخبة تونس قادرة على التوافق والتوصل لحلول وسط، وهذا ناتج عن طبيعة النخبة التونسية وتثقيفها وممارستها السياسة.

ورداً على قول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المتكرر بأن على المصريين أن 'ينظروا لسوريا والعراق'، قال بشارة لماذا لا ينظرون إلى تونس وما حدث بها.

وأضاف بشارة أن مقولة 'الشعوب العربية غير جاهزة للديمقراطية' ليست صحيحة، فكل الشعوب هي غير جاهزة للديمقراطية حتى تخوض غمار التجربة التي تتعلم من خلالها ثقافة المواطنة والتعايش المشترك والوعي بالحقوق والواجبات والالتزامات المتبادلة.

وتابع قائلا: إن التيارات الرئيسية في تونس أثبتت أنها قادرة على التعايش، وإن هناك إمكانية للتوافق ونزع فتيل الأزمات في مراحل الاحتقان الخطيرة، وهي إمكانيات لا غنى عنها لتمر المرحلة الانتقالية بسلام'.

وأكد بشارة أن تراجع حركة النهضة وقبولها بالتخلي عن الحكم، والقبول بانتخابات جديدة أنقذ التجربة التونسية، ولو خضعت لرأي المتطرفين دينياً لأوْدَتْ بالتجربة إلى مسار يشبه ما حدث في مصر، ولتحولت لحرب أهلية.

وقال بشارة في حواره مع برنامج 'وفي رواية أخرى' إنه أشار في كتاباته إلى تطور واقعٍ عربيٍّ جديد بالتحالف الثلاثيِّ بين رجال الأعمال والطبقة الأمنية والأسرة الحاكمة القائم على الفساد؛ مما أدى لانتشار أسباب النقمة على الحكم.

وأضاف: 'كان لدى العرب شعور عام أن القمع تغوَّل في البلدان العربية، وقلت إن مسألة طرح الأنظمة الحاكمة للنقاش ومستقبلها مسألة وقت، ولكن لم أتحدث عن توقيت الحدوث'.

وأوضح 'بشارة' أنه كتب كتاباً عن أسباب الحالة الثورية، وقال فيه إن العالَم العربي نشأت فيه طبقة واسعة من المواطنين لا يقبلون بأدوات الحكم بالطرق القديمة، وكذلك اضطرار الأنظمة في الثمانينيات لفتح العمل السياسي والحزبي في مصر وتونس فكان هذا تدريباً للجمهور.

وأشار بشارة إلى وجود هامش حريات أنشأ جيلاً يفكر في إمكانية التغيير، وحدثت كذلك طفرة ديموغرافية عربية لأجيال الشباب، الذين لا يجدون عملاً بعد تخرجهم من الجامعات.

ورأى الدكتور بشارة في حواره أن مسألة ظهور حركات احتجاجية على غزو العراق، ودعماً للانتفاضة الفلسطينية؛ كل ذلك أفضى للوضع الذي سمح للثورات العربية بالاندلاع.

أما عن الأسباب غير المباشرة لقيام الثورات؛ قال 'بشارة' إن الظلم والهوَّة بين الغني والفقير، حتى في الدول التي كان نظامها قائماً على القطاع العام كمصر، فقد فسدَ فيها هذا القطاع العام، ونشأت فئة من رجال الأعمال الذي يعيش قسم منهم على فساد الدولة، ونشأت هوة جديدة بين الأغنياء والفقراء، وشعر المواطنون أن تراكم ثروات هؤلاء جاء نتيجة للظلم الاجتماعى والفساد.

وأضاف بشارة، كذلك الأجهزة الأمنية كان لها دورٌ في إذلال الناس؛ فالأجهزة الأمنية لديها هوسٌ بإذلال جسد المواطن ليعرف من هو 'سيده'، مما أدى إلى تصاعد الغضب داخل النفوس العربية، وحتى الآن لم تتعلم الأجهزة الأمنية الدرس، ولم تعرف أن مفجِّر الثورة في مصر كان خالد سعيد، وفي تونس كان محمد بوعزيزي.

التعليقات