كيف تساعد التطبيقات المراسلين في الحصول على الحقيقة؟

يواجه المراسلون في مناطق الحروب مشكلة الحصول على المعلومة وإيصالها في المناطق النائيّة، التي عادة ما تكون مسرحًا لهذه الحروب والتي يصعب على المدنيين الوصول إليها، بل وتمثل خطورة على حياتهم.

كيف تساعد التطبيقات المراسلين في الحصول على الحقيقة؟

يواجه المراسلون في مناطق الحروب مشكلة الحصول على المعلومة وإيصالها في المناطق النائيّة، التي عادة ما تكون مسرحًا لهذه الحروب والتي يصعب على المدنيين الوصول إليها، بل وتمثل خطورة على حياتهم.

ولكن مشكلة نقص المعلومات بالنسبة للصحافيين تحولت الآن إلى مشكلة تدفقها بشكل يصعب معه متابعتها، إذ تسبّبت حروب مثل تلك التي تدور في سورية في سيل من المقاطع المصورة والتغريدات على موقع تويتر والمنشورات على موقع فيسبوك، والتي توفر للباحث نظرة عن الأحداث الجارية في تلك المناطق، ولكن من الصعب على الصحافيين استيعاب حجمها الهائل على الإنترنت.

ولكن تم الآن تطوير بعض الأدوات التي من شأنها أن تغيّر الصحافة بعض الشيء.

عن ذلك، يقول مقطع فيديو خاص بشركة "جيجسو" المعنية بتطوير الأفكار والمملوكة لشركة جوجل العملاقة: "إن طول مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت عن الصراع في سورية أطول من الصراع نفسه".

يتم رفع هذه المقاطع المصورة من قبل مسلحي المعارضة والمدنيين وتنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش)، والنظام السوري وغير ذلك من الجماعات.

يعتبر هذا الصراع هو أول صراع يتم توثيقه على الإنترنت بهذا الشكل وتداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تظهر نحو 4.9 ملايين نتيجة عند البحث عن كلمة "سورية" في خانة بحث موقع يوتيوب. ولكي يستطيع الخبراء المعنيون الاستفادة من هذا الحجم من المقاطع المصورة المنشورة على موقع يوتيوب الذي يتبع هو الآخر شركة جوجل العملاقة، فقد طورت شركة "جيجسو" تطبيقًا أطلق عليه اسم "مونتاج"، والذي يسمح للمستخدمين بتمييز مقاطع الفيديو التي تحتوي على معلومات معينة بعلامات مثل التاريخ والمكان وتفاصيل عما تتضمنه هذه المقاطع.

وبمساعدة هذه العلامات، يمكن جمع مقاطع الفيديو في مجموعات وانتقاؤها ثم استدعاؤها فيما بعد ومشاركتها مع آخرين.

الصحافي اِليوت هيجِنس من بين مستخدمي هذا التطبيق وهو متخصص في التحقيقات الاستقصائية التي تعتمد على المصادر المتاحة للجميع.

كانت الصدفة هي التي ساقت البريطاني هيجِنس إلى هذا العمل، إذ لم يكن يعرف قبل أربع سنوات أي شيء عن الأسلحة ولم يكن أبدًا في منطقة حرب ولم تكن لديه أي خبرة كمراسل، حسبما يحكي هو عن نفسه.

كان يقرأ في تقارير الحرب عن سورية وتساءل آنذاك عن نوع الأسلحة المستخدمة في الصراع، ولكنه لم يجد تقارير بهذا الشأن تقريبًا غير أنه وجد بدلًا من ذلك العديد من مقاطع الفيديو على موقع يوتيوب للمقاطع المصورة، وهي المقاطع التي شاهدها الصحافي البريطاني بالتفصيل وأجرى أبحاثه على الإنترنت وقارن الأسلحة الموجودة في مقاطع الفيديو بالمعلومات المتوفرة على الإنترنت وكتب تقاريره على هذا الأساس.

سرعان ما أصبحت مدونة هيجنس المعروفة باسم براون موزيس من أهم المصادر، التي تعتمد عليها وسائل الإعلام في العالم بشأن الحرب في سورية.

كما أصبح الصحافي البريطاني ينشر الآن بالتعاون مع مدونين وصحفيين آخرين مقالات عن سورية وأوكرانيا وليبيا وغيرها من أماكن النزاعات وذلك عبر موقع بيلينج كات، حيث نشر فريقه، على سبيل المثال، تقارير حمل فيها المسؤولية للقوات الروسية في إسقاط طائرة ركاب إم إتش 17 فوق الأراضي الأوكرانية، واعتمد في ذلك على مراجع منها صور نشرت على مواقع للتواصل الاجتماعي.

وأوضح هيجِنس أن "أصعب شيء هو التعامل مع حجم المعلومات الموجودة على الإنترنت"، وقال إن نحو 100 إلى 300 مقطع مصور عن سورية ينشر يوميا على موقوع يوتيوب، وأنه كان يضطر في سبيل جمع هذه المقاطع وتصنيفها إلى نسخ روابطها أولًا، ووضعها في قائمة خاصة وأن هذا كان يتطلب منه عملا شاقا وكان من الصعب الإلمام بنتائج التصنيف.

كما أوضح الصحافي البريطاني أن تطبيق مونتاج الخاص بشركة "جيجسو" سرع من عملية التصنيف وسهلها، إذ جعل هذا التطبيق على سبيل المثال كتابة تقارير عن هجمات الغاز السام في منطقة الغوطة السورية في آب/أغسطس عام 2013 أمرًا بسيطًا للغاية، بعد أن كانت مقاطع الفيديو العديدة بهذا الشأن متضاربة ويصعب الإحاطة بها حيث ساعد برنامج مونتاج في تسهيل فرز هذه المقاطع وانتقائها وتحليلها "فليس هناك أداة مشابهة لهذا التطبيق".

غير أن برنامج مونتاج لا يعمل إلّا مع برنامج يوتيوب وهذا ما يحد من إمكانياته حيث أوضح هيجِنس أن هناك الكثير من المواد التي تنشر بشأن الأزمة الأوكرانية على شبكة "فيه كيه دوت كوم" الروسية.

وقال هيجِنس إن هناك أدوات أخرى إلى جانب برنامج مونتاج مثل برنامج "إيكو سيك"، الذي يساعد في تبسيط البحث على الإنترنت، حيث يتيح هذا البرنامج البحث الجغرافي عن أسماء أماكن في شبكات التواصل الاجتماعي إذا كانت هذه الأسماء مرفقة بإحداثيات.

كما يساعد هذا البرنامج في البحث داخل منطقة بعينها عن منشورات في فيسبوك وتويتر. ويسمح برنامج جوجل إيرث بالوصول لصور الأقمار الصناعية.

وباستخدام برنامج " تشيك ديسك" يستطيع متصفح الإنترنت التحقق من المنشورات على برنامج تويتر وفيسبوك وغيرها من المعلومات. قال أصحاب موقع بيلينج كات إنهم استخدموا هذا البرنامج لتتبع حركة المركبات العسكرية الروسية من روسيا إلى أوكرانيا.

غير أن فريدريك ريشتر من مركز أبحاث كوريكتيف يقول: "لم تأت مقولة: إن الحرية هي أول ضحية للحرب، من فراغ"، وإن ذلك ينسحب، أيضًا، على المصادر العامة للمعلومات والبيانات المتوفرة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يمكن التلاعب في هذه المصادر من قبل جميع الأطراف المعنية، وإن التحقق من صحة هذه المصادر أمر بالغ الصعوبة "حيث يستوجب ذلك الكثير من الحساسية ومراعاة سياق الحدث ".

لذلك فإن استخدام هذه المصادر العامة للمعلومات لا يعني بالنسبة لمركز كوريكتيف سوى واحدة من عدة أدوات غير أن ريشتر أشار إلى أن هذه المصادر تزداد أهمية يومًا بعد يوم بالنسبة للمراسلين "خاصة في المناطق التي لا تتوافر فيها الكثير من وسائل الإعلام التقليدية".

التعليقات