بخلاف الشائع.. "هواوي" ليست عرّابة تقنية "الجيل الخامس" الوحيدة

لا تكمن "المعركة الحقيقية" في سرعة نشر التقنية الجديدة، بل في إنتاج التقنيات الأساسية الهامة التي ستشكل مستقبل "الجيل الخامس"...

بخلاف الشائع..

(أ ب)

روجت شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي"، على مدار الأعوام الماضية، لنفسها، كرائدة في مجال تطوير تقنية "الجيل الخامس" (5G)، إلى حد أثار بعض الحكومات وخصوصا الولايات المتحدة لمحاولة محاربتها، عبر حظرها، بزعم "التهديدات الأمنية".

لكن صحيفة "فورين بوليسي" أعدت تقريرا، السبت الماضي، أشارت فيه إلى أن ادعاء الشركة بأنها الرائدة الوحيدة في المجال، "مضلل"، معتبرة أن اندفاع الدول إلى تبني التكنولوجيا قد يكون تهورا خاطئا، و"يزيد من احتمالات الانتهاكات الأمنية"، دون أن تتطرق للانتهاكات الأمنية المزعومة المنسوبة إلى الحكومة الصينية، كما تروج إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل إلى المعايير التقنية الصرف.

وذكرت الصحيفة أنه "ليس هناك شك بأن تقنية الجيل الخامس مهمة، فهي تعد بالسرعة الفائقة (للتواصل)، والاتصال الفريد المطلوب لإطلاق الإمكانات الكاملة لـ'إنترنت الأشياء'؛ أي الشبكة المتنامية باستمرار من الأجهزة المتصلة بالإنترنت، والذكاء الاصطناعي. ويمكن أن تكون التقنية في غاية الأهمية بالنسبة للقدرة التنافسية الاقتصادية. لكن الأمر لا ينتهي بكونه سباق لتثبيت نظام قد يأتي بنتائج عكسية، هناك أيضًا سبب لإعادة التفكير في مزاعم شركة 'هواوي' الصينية بأن بإمكانها وحدها تشكيل مستقبلنا التكنولوجي".

ولفتت الصحيفة إلى أن آلة التسويق في "هواوي"، أرست طابعا، بأنه من دونها لا يُمكن تثبيت تقنية "الجيل الخامس"، حيث أنها تحاول الترويج لهذه الفكرة، لتأمين شراكات تجارية في جميع أنحاء العالم، وقد باتت تمتلك حتى الآن أكثر من 50 عقدًا في حوالي 30 دولة.

ورغم تأكيد الصحيفة على قدرات "هواوي" التكنولوجية المتفوقة إلا أنها شككت تحديدا في تفوقها المزعوم بتقنية "الجيل الخامس".

وارتكزت الصحيفة في نقدها للشركة على عدّة تفاصيل أشارت من خلالها إلى أن الشركة تتبنى "السرقة" كنموذج عمل، حيث أن بحثها عن الهيمنة العالمية في قطاع التكنولوجيا "تضمن تكتيكات وممارسات تتعارض مع المنافسة العادلة والصحية".

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن "هواوي" نفت مرارا وتكرارا، سرقتها للملكية الفكرية، كما تعتبر السلطات الصينية أنه يحق للجميع الاستفادة من المعرفة، حتى لو لم تنتجها.

قالت الصحيفة إن هناك "العديد من الاتهامات للشركة بسرقة الملكية الفكرية"،  مشيرة إلى أن ما تكشفه هذه الممارسات المشبوهة هو أن "هواوي" ليست في التطور التي تزعمه في مجهودها الدعائي.

وذكرت "فورين بوليسي" أيضا، أن الشركة التي تهيمن على 30 بالمئة من الحصّة السوقية في صناعة معدات الاتصالات العالمية، ما يمكنها من تقويض المنافسين، خصوصا أن قدرتها على توفير خدمات ومعدات رخيصة الثمن، تعرض منافسيها لضغوطات شديدة، ورغم أنه يمكن اعتبار ذلك أمرا عادلا من حيث معايير النظام الرأسمالي العالمي، إلا أن ما يخل بهذه المعايير، هو الدعم الحكومي الذي تحصل عليه من حكومة الصين.

تبعات تدافع الدول نحو تبني "الجيل الخامس"

أكدت الصحيفة أن "هواوي" رائدة في مجال تقنية "الجيل الخامس"، فقد استثمرت عشرات مليارات الدولارات على مدار العقد الأخير لتطوير اتصالات الجيل الجديد، كما أنها توفر حقا معدات "ناضجة، وفعالة من حيث التكلفة"، مضيفة أنها "إحدى اللاعبين القلائل الذين يقدمون حلا يرتكز على مبدأ الطرفين لـ'الجيل الخامس'، مع قوّة محددة في شبكات الوصول اللاسلكي".

لكن، وكما تدعي الصحيفة، ليس من الواضح بعد مدى تكامل أنظمة الشركة مع البنية التحتية الحالية لـ"الجيل الرابع، من البائعين الآخرين. كما أن تقييم الأمان الرقمي في منتجات "هواوي" يتسم بأنه منخفض جدا.

وأضافت الصحيفة أن الأداء طويل المدى لشبكات "الجيل الخامس" لا يزال موضع تساؤل. وأن البلدان التي تختار هذا الخيار منخفض التكلفة خوفًا من الخسارة في سباق "الجيل الخامس" تخاطر بإنشاء أساس غير مستقر وغير آمن لمجتمعاتها واقتصاداتها المستقبلية.

وركزت الصحيفة على أنه رغم ريادة "هواوي" في البنى التحتية لـ"الجيل الخامس"، دون منافس، إلا أن ذلك لا يعني أن هذا هو المعيار الوحيد للتقدم في المجال، فهناك معايير أخرى مثل العقود التجارية، والأداء على أرض الواقع، والتكامل مع البنية التحتية للشبكة، والابتكار التكنولوجي الحقيقي. 

ويحظى منافسو "هواوي" بنقاط قوة خاصة بهم على مستوى التقنيات الأساسية التي ستشكل اتصالات "الجيل الخامس"، أي أنها قد تحتاج إليها.

وقالت "فورين بوليسي" إن النظام البيئي السليم للاتصالات يعتمد على تنوع السوق والمنافسة العادلة وسيؤكد على أهمية الهيئات التنظيمية والمعايير وتحالفات الصناعة لضمان الأمن وقابلية التشغيل التوافقي.

وحذرت الصحيفة من احتكار "هواوي" للتقنية الجديدة، قائلة إن ذلك سيضر بالأعمال والأمن على حد سواء. فعلى سبيل المثال، حتى لو تمكنت الشركة من تطوير آلية الأمان الخاصة بها، فإن ثغرة أمنية واحدة كفيلة بالتسبب بأضرار عالمية إذا كانت "هواوي" تهيمن على القطاع بالكامل.

شبكة اتصالات جديدة و"صحية"

أشارت الصحيفة إلى أن "المعركة الحقيقية" لا تكمن في سرعة نشر التقنية الجديدة، بل في إنتاج التقنيات الأساسية الهامة التي ستشكل مستقبل "الجيل الخامس"، مطالبة شركات الصيانة وصناع القرار ومشغلي شبكات الهاتف المحمول، بوضع تطبيق المعايير الصارمة للأمن في الأولوية القسوى.

وعليه، فترى الصحيفة أنه من أجل تحقيق ذلك، يجب حماية المنافسة في سوق متنوع لدفع الابتكارية، حيث قدّر بعض خبراء الصناعة، أن أنظمة "الجيل الخامس"، ستعمل بشكل غير مستقبل جنبا إلى جنب مع شبكات "الجيل الرابع" لمدّة لا تقل عن 15 عاما، إلى أن ينضج نظامها المتكامل.

وأضافت الصحيفة أنه برغم التفوق الذي تحظى به "هواوي"، إلا أن منافسيها يكتسبون مكانة متزايدة في القطاع، كما أن امتيازات الشركة الصينية في المجال، قد تبدو "غير مرئية" في صناعة تطور بتسارع كبير ومستمر.

التعليقات