الطيّبة تحتفي بالتراث الفلسطينيّ وتحميه

مسرحيّة "العودة"

أزياء فلسطينيّة فلكلوريّة، لوحات فنّيّة، أدوات تراثيّة، تنثر عبق التاريخ وتزيّن مدينة الطيّبة في مهرجانها التراثيّ الفلسطينيّ، تحت عنوان، 'تراثنا حاضرنا ومستقبلنا، نحميه ونُحييه.'

انطلق احتفاء الطيّبة بتراثها الفلسطينيّ أمس الخميس، ويستمرّ حتّى يوم غدٍ، السبت، بعد أن غُيِّبَ هذا المشهد الحافل عن أروقة المؤسّسات مدّة تسع سنين، في ظلّ تعاقب لجان معيّنة من قبل وزارة الداخليّة الإسرائيليّة على بلديّة الطيّبة، والتي أدارتها في تلك الفترة كشركة ربحيّة ليس إلّا.

يعمل الاحتلال الإسرائيليّ منذ أن وطئت قدماه هذه البقعة، على سرقة التراث الفلسطينيّ الأصيل ونسبه إليه، ولم تتوقّف محاولات محوه له بهدف طمس الهويّة، وإفراغ الوعي الفلسطينيّ من ذاكرته ومخزونه الفكريّ والثقافيّ.

معارض، مسرح، غناء

يتخلّل الأسبوع معرضًا للصناعات الحرفيّة التقليديّة، والمطرّزات والأشغال اليدويّة، وفعاليّات وطنيّة عديدة، ثقافيّة هادفة وملتزمة، من غناء فلسطينيّ، ودبكة، ومسرحيّات تجسّد الواقع وتحكي عن التراث.

صور الشخصيّات الوطنيّة المكرّمة على مبنى البلديّة

كان في اليوم الأوّل عرضٌ لفرقة مزمار، وعرض مسرحيّ قصير بعنوان 'العودة'، وعرض غنائيّ للفنّانة سلام أبو آمنة. كما يشمل باقي برنامج المهرجان عرضًا لأوبيريت فرقة عطر القدس، ولفرقة المسرح البلديّة، ولفرقة التشوبي للفنون الشعبيّة، بالإضافة إلى أمسية شعريّة يشارك فيها عدد من شعراء الطيبة، ومسرحيّة 'حرّيّة' لمسرح المجد، وعرض غنائيّ فولكلوريّ لماريا أبو واصل.

ينتهي المهرجان بحفل ختاميّ تكريميّ، تحت عنوان 'الطيّبة تُكَرّم فردوسها الخالد'، يوم السبت، ستُكرّم البلديّة فيه أعلامًا من أبناء المدينة، الذين قدّموا الكثير، نضالًا وتثقيفًا، كقائد الثورة الراحل، الشهيد عارف عبد الرازق، وشهيد كفر قاسم، محمود محمّد حبيب، والقائد عثمان أبو راس، والقائد صالح برانسي.

رسالة

عقّب رئيس بلديّة الطيّبة، المحامي شعاع منصور مصاروة، لفُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة: 'هذا أقلّ واجب نقدّمه إحياءً لتراثنا وتاريخنا. إقامة البلديّة للمهرجان في مرافقها وساحاتها رسالة مهمّة، ثقافيّة وإنسانيّة ووطنيّة. ندعو الجميع لحضور المهرجان لزرع قيم الانتماء والعطاء، وتعزيز الروح الوطنيّة لدى الأجيال الصاعدة. سيُتوّج المهرجان بحفل ختاميّ تكريميّ لتخليد ذكرى فردوسنا الخالد؛ شخصيّات عريقة لها تاريخها وعطاؤها في البلد. مثل هذه التكريمات سنجعلها نهجًا إن شاء الله.'

جانب من معرض المقتنيات التراثيّة

وعقّب الفنّان عبد العظيم شاهين قائلًا: 'رغم الساعات المكثّفة والجهد الكبير من أجل تنظيم هذا الحدث، إلّا أنّه، ومع كلّ قطرة عرق تنهمر، ثمّة متعة جميلة، لأنّ التراث هو الماضي والحاضر والمستقبل، التراث الفلسطينيّ حاضر دائمًا فينا. جمال الحدث ينسينا الإرهاق ويجعل من المشقّة أمرًا عذبًا نفخر به وطنيًّا.'

وتابع: 'سوف يكون حدثًا يزخر بروح الانتماء للوطن وللتراث الفلسطينيّ الأصيل. من واجبنا تكثيف الجهود لتنظيم مثل هذه الفعاليّات والمهرجانات، في حين لا يزال المحتلّ يسرق منّا تراثنا وينسبه إليه، مثل الأكلات الشعبيّة الفلسطينيّة، ويحاول في شتّى الطرق والوسائل تغييب ما يمتّ لهويّتنا الفلسطينيّة العربيّة. يجب علينا تذويت هذه الثقافة في نفوس أطفالنا وطلّابنا وشبابنا، لأنّ مَنْ لا تُراث له، لا مستقبل له.'

من أجل الأجيال القادمة

وأشار مؤمن عبد القادر من 'فرقة الأصالة' للدبكة الشعبيّة، إلى أنّ 'الدبكة رسالة، وليست مجرّد غناء ورقص شعبيّ، ويمكن من خلالها نقل صورة معاناة شعبنا، بالزيّ واللحن والكلمة والحركة. الدبكة إحياء للتراث الأصيل بصورته الطيّبة، ومحاولة لمنع سرقة هذا التراث.' 

رئيس بلديّة الطيّبة، شعاع مصاروة، إلى جانب عدد من ضيوف المهرجان

وتابع عبد القادر حديثه، قال: 'نلمس تعطّشًا كبيرًا في المجتمع العربيّ، لا سيّما لدى شريحة الشباب، للانخراط في الفعاليّات التراثيّة. لكن، للأسف، تبقى الفعاليّات المنظّمة قليلة، والكثير من الشباب يغيبون عنها لشُحِّها. يجب العمل على تقديم الأعمال الفنّيّة ونقلها للأجيال القادمة بتفاصيلها الدقيقة، وعلى استمرار الرقص والدبكة بما فيها من حركات ومعانٍ تروي التاريخ والواقع الفلسطينيّين، وقصص الألم والصمود والإصرار على الحياة.'

من أجواء المهرجان