بضغط من الشّارع؛ إلغاء منع "مشروع ليلى"

تراجعت محافظة العاصمة الأردنيّة عن قرارها بإلغاء حفل 'مشروع ليلى'، والّذي كان من المفترض تنظيمه مساء اليوم، الجمعة، 29 نيسان (أبريل) 2016، في المدرّج الرّومانيّ بعمّان.

وقد جاء في بيانٍ على صفحة 'ستارة'، الشّركة المنظّمة لحفل إطلاق ألبوم 'ابن اللّيل' لفرقة 'مشروع ليلى'، أنّ المحافظة أصدرت موافقةً لتنظيم الحفل، في يوم الخميس، 28 نيسان (أبريل) 2016، مؤكّدةً على أنّها تثمّن 'إعادة النّظر في قرار المنع، إلّا أّنه جاء متأخّرًا جدًّا، إذ لم نحصل على تأكيد حجزٍ للمدرّج الرّومانيّ من دائرة الآثار العامّة، إضافةً إلى استحالة إعادة تنظيم حفلٍ بهذا الحجم في أقلّ من 24 ساعةً.'

قرارٌ سببه ردّة فعل النّاس

وأضاف 'ستارة' في بيانها: 'منذ تبليغنا بقرار منع الحفل يوم الأحد (24 نيسان) من المحافظة، وحصولنا على كتاب رفض من دائرة الآثار العامّة يوم الاثنين، توقّفنا عن بيع التّذاكر انطلاقًا من مسؤوليّتنا الأخلاقيّة تجاه جمهورنا، لكن لم ندّخر جهدًا لإقناع الجهات الرّسميّة بالعدول عن المنع والمضيّ قُدُمًا بتنظيم الحفل. انتظرنا حتّى ظهر الأربعاء قبل الإعلان عن إلغاء الحفل رسميًّا.'

واختتمت البيان بالقول: 'نحن نقدّر للجهات الرّسميّة عودتها عن قرار المنع، وإن كان متأخّرًا، ونرى أنّ هذا التّراجع لم يكن ليحدث لولا ردّة الفعل المدافعة عن حرّيّة التّعبير والحرّيّات الفنّيّة والثّقافيّة، والمدافعة عن تعدّديّة وتنوّع المجتمع الأردنيّ. إنّ هذا يعيد الأمل والثّقة بإحياء فعاليّاتٍ ثقافيّةٍ وفنّيّةٍ في الأردنّ مستقبلًا.'

علّمنا الأردنيّون درسًا مهمًّا

أمّا 'مشروع ليلى'، فقد نشرت بيانًا على صفحتها في فيسبوك، باركت من خلاله للشّعب الأردنيّ الّذي علّم الجميع درسًا مهمًّا، وفق الفرقة، معربةً عن أسفها من أنّ الموافقة على تنظيم الحفل 'لا تعتذر ولا تنفي حملة التّشهير الّتي شنّتها بعض الجهات المعنيّة ضدّ الفرقة.'

وأملت 'مشروع ليلى' أن تكون هذه الموافقة 'خطوةً أوّليّةً تجاه تمكين عزفنا في الأردنّ في المستقبل القريب، لربّما بإنصاف؛ لكن ليس لدينا أيّ سببٍ ملموسٍ لنثق بحتميّة هذا الاحتمال، بما أنّ الموافقة لحفلة الغد (29 نيسان) مستحيلةٌ، ولا تعدنا بأيّ موعدٍ آخر.'

كما شكرت 'مشروع ليلى' الإعلام العالميّ وآلاف المؤيّدين للفرقة في الأردنّ والعالم، 'لدعمهم النّبيل طوال اليومين الماضيين، والإعراب عن فخرنا الكبير بعزف الموسيقى لجمهورٍ كجمهورنا. نودّ أيضًا شكر الكثير من الفنّانين والمثقّفين والنّاشطين في قطاع الحرّيّات والمجتمع المدنيّ من الأردنّ والعالم لوقفتهم معنا. نودّ أيضًا الإعراب عن فخرنا بأن نكون جزءًا من الحديث الّذي يسعى إلى رفع مستوى الفكر عن موضوع الرّقابة الفنّيّة والفكريّة، ووضع الحرّيّات الثّقافيّة وحرّيّة التّعبير.'

معالجة آفات المجتمع وصراعاته

وجاء في البيان عن مضمون ادّعاءات بعض الجهات الأردنيّة بحقّ 'مشروع ليلى'، والرّسالة الّتي تحاول إيصالها الفرقة للنّاس: 'إنّ تلخيص الفرقة ببضع كلماتٍ مأخوذةٍ من إطارها المجازيّ والفنّيّ، هو تشويهٌ للفرقة ومعتقداتها. أيّ قراءةٍ غير سطحيّةٍ لمضمون أغاني الفرقة ولموقف الفرقة، تظهر أنّنا معنيّون بمعالجة الصّراع في المجتمع، والتّساؤل عن طبيعة الحرّيّة، وأنّنا نعالج آفاتٍ سياسيّةً واجتماعيّةً لا يمكن نكران وجودها داخل مجتمعاتنا، كالقمع والظّلم والرّقابة، وانتشار السّلاح وكبت الحرّيّات الجنسيّة، وقمع النّظام الأبويّ للنّساء كما الرّجال، وصعوبة التّعايش في مجتمعٍ نراه يبلور إحباط آمالنا وطموحنا، وها هو القرار يعيد لنا البلورة'!

النّقد شرعيٌّ إن كان ديمقراطيًّا

وأكّدت 'مشروع ليلى' على أنّها تؤمن 'بانفتاح الشّعب الأردنيّ وبمناصرته الدّائمة لحقوق الإنسان، وبأنّه يحترم التّعدّديّة الفكريّة والثّقافيّة والاجتماعيّة. كما يجب التّساؤل عن ازدواجيّة المعايير في حرّيّة التّعبير، فها نحن في موقفٍ حيث تُعطى إحدى الجهات المعنيّة في النّقاش الحقّ بالتّشهير بالفرقة، دون أيّ اعتراضٍ من السّلطات، بينما الجهة الثّانية، أي الفرقة، تمنع من العزف، وتشنّ عليها حربٌ إعلاميّةٌ من قبل مسؤولين، لمجرّد ممارسة حرّيّة التّكلّم عن حقوقٍ إنسانيّةٍ أساسيّةٍ.

وأضافت: 'نحن نشجّع النّقد، ونرغب بثقافة نقدٍ وانتقاد، بغضّ النّظر إذا جاء هذا النّقد من ناقدٍ فنّيٍّ، أو من سلطةٍ دينيّةٍ، أو سياسيّةٍ، أو غيرها، من معارضين للفرقة ومضمون إبداعاتها، فهذا حقٌّ لهم لا ننفيه، لا بل نشجّع ممارسته. لكن يجب اتّباع الدّيمقراطيّة حتّى في النّقد الفنّيّ والثّقافيّ. فالمشكلة هنا تكمن في استغلال أيّ جهةٍ لنفوذها، كي تنفي وتلغي صوت الآخر، وتستأصله من النّقاش.'

ضجّةٌ كبيرة

يذكر أنّ ضجّةً كبيرةً شهدها المجتمع الثّقافيّ والفنّيّ الأردنيّ، إثر الإعلان عن إلغاء حفل 'مشروع ليلى'، بادّعاء تعارضه مع قيم الأردنّ وعاداته وتقاليده، أو لأسبابٍ دينيّةٍ كما ظهر في تصريحات بعض الشّخصيّات الممثّلة للمحافظة والحكومة الأردنيّتين، حتّى أنّه كان من المزمع تنظيم تجمّعٍ تضامنيٍّ مع 'مشروع ليلى'، في مكان وموعد الحفل نفسه، تحت عنوان 'بدنا ليلى في عمّان.'

وقد أدانت أصواتٌ أردنيّةٌ وفلسطينيّةٌ عديدة - إذ أنّ جزءًا كبيرًا من جمهور 'مشروع ليلى' فلسطينيّ – قرار المنع، معتبرةً إيّاه مؤشّرًا خطيرًا على تراجع الحرّيّات الفنّيّة والثّقافيّة في الأردنّ، واستجابةً لجهاتٍ وُصِفَت 'بالرّجعيّة' و'المتسلّطة'، تريد فرض رؤيتها على المجتمعات العربيّة.