عالم موازٍ: الإنتاج الموسيقيّ الفلسطينيّ عام 2016

من مشروع تامر أبو غزالة الموسيقيّ، "ثُلْث"

في محاولة رصد المشهد الموسيقيّ الفلسطينيّ، يلحّ السؤال، دومًا، عمّا يمكن وصفه بـ 'الموسيقى الفلسطينيّة'؛ فهل ترتبط بمكان الإنتاج الموسيقيّ؟ أو بالموسيقيّين والفرق الموسيقيّة الفلسطينيّة في أماكن وجودهم كافّة؟ ولأنّ الفلسطينيّ يعيش في شتات مستمرّ، سواء في ظلّ حكم الاستعمار المباشر أو خارجه، ولأنّ الأمكنة هي الناس، تكون الإجابة دومًا أنّ المشهد الموسيقيّ يُحَدّد ويوصف وفق أصحاب الإنتاج؛ الموسيقيّين والفرق الموسيقيّة، لأنّ الإنسان هو الأهمّ.

سؤال الهويّة

ولسؤال هويّة العمل والإنسان مركّبات عديدة؛ فالهويّة موروثة ومختارة في الوقت نفسه: ماذا يفعل مكان يختاره الفلسطينيّ، أو فُرض عليه، بهويّته؟ فاللاجئ الفلسطينيّ السوريّ، هو فلسطينيّ بقدر ما هو سوريّ، والفلسطينيّة التي اختارت أن تنقل إقامتها إلى تونس، على سبيل المثال، وتعيش هناك لسنوات، ستختار أن تكون بعض مركّبات هويّتها، تونسيّة أيضًا. حتّى الفلسطينيّ الذي بقي في حيفا، وتعرّف إلى ثقافات وهويّات أخرى، عربيّة أو أمازيغيّة أو باكستانيّة، وشعر أنّه قريب منها، من حقّه أن يعرّف عن نفسه وفق ما يراه قريبًا من روحه، والروح، كما الهويّة، بحّارة.

من مشروع أكرم عبد الفتّاح الموسيقيّ، 'جوى'

لطالما كانت الموسيقى من أكثر المجالات الفنّيّة والثقافيّة الفلسطينيّة قوّة وحضورًا، لأنّها جزء أساسيّ من الثقافة العربيّة اليوميّة، ولأنّها ترتبط بطقوس الحياة جميعها؛ الفرح، الحزن، الولادة، الوداع، الموت، إلخ.. ولأنّها مرتبطة، أيضًا، بالكلمة والقصيدة، سواء المحكيّة أو الفصحى، بالإضافة إلى كونها من أكثر الفضاءات اتّساعًا لسرد قصص الناس والأمكنة، والتي تنتقل شفويًّا من إنسان لآخر، ومن جيل لآخر.

سأحاول في هذا التقرير، رصد ملامح مركزيّة في المشهد الموسيقيّ الفلسطينيّ خلال عام 2016.

في الزمن الرقميّ

أعتقد أنّ الموسيقى أكثر المجالات الفنّيّة الحيّة والحيويّة في فلسطين، على الرغم من كلّ الظّروف الصعبة والمعيقات التي تواجهها، إن كانت السياسيّة، بسبب الاستعمار والشتات، أو أزمة الإنتاج الموسيقيّ التي يعاني منها المشهد الموسيقيّ المستقلّ بعامّة. كما ثمّة أزمة صحافة ومنصّات ثقافيّة فلسطينيّة رسميّة وغير رسميّة، صوتيّة بالأساس، تمنح فضاء للنشر الموسيقيّ الإبداعيّ على حساب الأغنية التجاريّة؛ وهذا لا علاقة له برفض أو نقد المشهد التجاريّ أبدًا، بل له علاقة بحصر المساحات الإعلاميّة في النشر التجاريّ فقط، وهنا تكمن الأزمة.

مع ذلك، استطاعت الأغنية والمقطوعة الموسيقيّة الفلسطينيّة أن تنتج وتنتشر، فنجد فرقًا موسيقيّة عديدة وموسيقيّين يعتمدون على الإنتاج الذاتيّ، وثمّة، أيضًا، مشاريع إنتاج قليلة أقيمت مؤخّرًا، تعمل على دعم الموسيقيّين والفرق، كشركة سامر جرادات للإنتاج على سبيل المثال، ومؤسّسات فلسطينيّة، مثل مؤسّسة عبد المحسن القطّان التي تدعم الإنتاج الموسيقيّ وغيره.

من أوبرا 'كليلة ودمنة' لمنعم عدوان: الفنّانان محمّد جبالي وريم تلحمي

أمّا ما يتعلّق بالنشر، فإنّ العالم الرقميّ الحديث، ومنصّات الإعلام الرقميّة بعامّة، تتيح، لا نشر الأغنية أو المقطوعة الموسيقيّة فقط، بل التعاون الموسيقيّ بين الموسيقيّين والفرق الموسيقيّة، على الكلمة أو اللحن أو التوزيع، من خلال التواصل الرقميّ وما تتيحه هذه المنصّات من إمكانيّات. وإن لم يكن بمقدور الأفراد اللقاء بسبب الواقع الجيوسياسيّ، إلّا أنّهم استطاعوا خلق عالم موازٍ، بلا حدود أو حواجز أو استعمار أو أنظمة، نتج عنه تعاون موسيقيّ مُنْتِج.

الألبومات الموسيقيّة

أسلّط الضوء الأكبر في هذا التقرير على إنتاج الألبومات الموسيقيّة، والتي تتوزّع بين الأغاني التراثيّة وإعادة تقديمها، وتقديم أغانٍ جديدة، والموسيقى الآلاتيّة.

 تحضر إعادة تقديم الأغاني التراثيّة على نحو دائم في المشهد الموسيقيّ الفلسطينيّ، ولعلّ ذلك لضرورة مواصلة نشر التراث وتقديمه برؤية معاصرة، على مستوى التوزيع والوسائط الفنّيّة الحديثة، بالإضافة إلى الحاجة الإنسانيّة لهذا النوع من الموسيقى، لا سيّما في ظلّ واقع سياسيّ يعمل دومًا على طمس الهويّة، والتراث جزء أساسيّ منها.

أمّا إنتاج الأغاني الجديدة، كلمة ولحنًا وتوزيعًا، فيتميّز بكلمات الأغاني غير المباشرة، والمتعلّقة، أحيانًا، بتجارب الفرد الوجوديّة في سياق المكان والزمان والتاريخ والجماعة. إنّها تحكي عن 'الفلسطينيّ'، لكن يمكنها أن تلائم تجارب إنسانيّة عديدة في العالم.

أحد عروض مشروع 'يا ستّي' للفنّانة دلال أبو آمنة

الإنتاجات الموسيقيّة الآلاتيّة تعدّ حديثة في المشهد الموسيقيّ العربيّ بعامّة، حيث تميّز المشهد، تاريخيًّا، بالحضور القويّ للكلمة، لكنّ تجارب موسيقيّة عديدة تحاول اليوم خلق فضاء للموسيقى الآلاتيّة، لا سيّما تلك التي تدمج الموسيقى الشرقيّة والعربيّة بتجارب موسيقيّة عديدة من العالم. نجد أنّ هذا التوجّه سمح بتوسعة مساحة التعاون الموسيقيّ المنتج، الذي يثمر أغاني أو مقطوعات أو مشاريع موسيقيّة تجمع موسيقيّين من فلسطين والعالم.

وقد اخترت عددًا من الألبومات الموسيقيّة التي أُنتجت عام 2016 للتعريف بها:

'مينا'؛ لقاء فلسطينيّ برتغاليّ

أطلق مشروع 'مينا' الموسيقيّ الفلسطينيّ البرتغاليّ ألبومه الأوّل، الذي حمل الاسم نفسه، نهاية آذار (مارس) 2016. وبالتزامن مع ذلك، أُقيمت جولة عروض موسيقيّة في مدن فلسطينيّة عديدة، بالإضافة إلى الجولان السوريّ المحتلّ، بالتعاون مع مؤسّسات ثقافيّة فلسطينيّة. والألبوم مجموعة أغانٍ منتقاة من الإرث الموسيقيّ الذي أغنته تجارب الشعوب، وفق تعريف المشروع.

يضمّ المشروع كلًّا من الفلسطينيّة تريز سليمان، والبرتغاليّون صوفيا برتغال، وروي فيريرا، وبيدرو بيريرا وريكاردو كويلو. أمّا أغانيه فنتاج بحث للفرقة دام أكثر من عامين، وصل إلى تسع أغانٍ في الألبوم الأوّل، من فلسطين والبرتغال وإسبانيا والعراق وسوريا ومصر والمغرب وتونس. تسلّط الأغاني الضوء على الحبّ والحرب والعلاقات الإنسانيّة والتفاصيل الحياتيّة المتنوعة، كعودة البحّارة إلى زوجاتهم ولقاءات العشّاق... ويتميّز المشروع ببحثه سؤال: ما هو التراث؟

ضمّ الألبوم، أيضًا، كُتيّبًا بثلاث لغات؛ العربيّة، والبرتغاليّة، والإنجليزيّة، وفيه قصص الأغاني ومسارات الإبحار فيها. وقد أُنْتِجَ بدعم من مؤسّسة عبد المحسن القطّان والصندوق العربيّ للثقافة والفنون 'آفاق'. وقد نشرت الفرقة فيديوهات لبعض الأغاني عبر صفحة 'مينا' في فيسبوك، وكذلك عبر قناتها في يوتيوب.

 

'فُرات' نزار روحانا

جاء إطلاق ألبوم 'فُرات' للموسيقيّ الفلسطينيّ نزار روحانا، المقيم في هولندا منذ سنوات، مع جولة عروض أُقيمت في فلسطين خلال نيسان (أبريل) 2016، بدعم من مؤسّسة عبد المحسن القطّان، وقد رافقه موسيقيًّا كلّ من ماتياس تزانداي على الكونتراباص، ومعن الغول بالإيقاعات.

'فُرات' الذي صدر عن شركة الأسطوانات الهولنديّة 'لويلوب'، وأُنتج بدعم من الصندوق العربيّ للثقافة والفنون 'آفاق'، يضمّ سبع مقطوعات موسيقيّة من تأليف وألحان وتوزيع روحانا، عدا عن مقطوعة 'سماعي محيّر' من تأليف جميل بيك الطنبوري. وقد أشرف فنّيًّا على الألبوم، الموسيقيّ الفلسطينيّ بشارة الخلّ.

في حوار أجريته مع روحانا لفُسْحَة، قال روحانا حول اسم الألبوم: 'كان الهدف من ألحان ألبوم ’فُرات‘ أن تحتوي على تدفّق. يجب على اللحن أن يكون متماسكًا من بدايته إلى نهايته، جاريًا كالنهر، فيه انسياب، وهذه هي الفكرة الأولى قبل اختيار الأسماء. حين ألّفت الموسيقى كانت بأسماء مؤقّتة، لكن حين اكتملت الصورة، وبحضور مقطوعة مثل ’جورجينا بياتي‘ في الألبوم، وهي على إيقاع عراقيّ، وجدت أنّ الاسم الأنسب هو فُرات، كونه نهرًا، ولمعناه التاريخيّ ورمزيّته. أنا، الفلسطينيّ، لا أتصوّر أن يأتي اليوم الذي سأرى فيه الفُرات... لكنّني لطالما سمعت عن أهمّيّته الإنسانيّة وليس العربيّة فقط، وهذا يتزامن مع أحداث العصر، وقد حُوِّلَتِ العراقة التي أحاطت النهر إلى مأساة نسمعها ونعيشها يوميًّا'.

 

'جوى' أكرم عبد الفتّاح

أطلق الموسيقيّ أكرم عبد الفتّاح ألبومه 'جوى'، من ألحانه وتوزيعاته، والذي أنتجه إنتاجًا ذاتيًا. وكان قد ذكر عبد الفتّاح في أحد البيانات الصحافيّة في حديثه عن مشروع 'جوى' الموسيقيّ: 'أردت أن أقوم بتمويل ذاتيّ لمشروعي الشخصيّ، بما في هذه الخطوة من التحدّي والمسؤوليّة، وكذلك رغبتي بإنجاز هذا العمل'.

يضمّ 'جوى' مقطوعات موسيقيّة تدمج بين آلات وموسيقى شرقيّة مع أساليب موسيقيّة متنوّعة، منها الجاز والبوب. وقد رافقت صدور الألبوم، خلال عام 2016، جولة عروض في مدن فلسطينيّة عديدة، منها؛ حيفا ورام الله.

 

'ثُلْث' تامر أبو غزالة

أصدر تامر أبو غزالة (القاهرة/ بيروت)، في أيّار (مايو) 2016، ألبومه الموسيقيّ الثاني بعنوان 'ثُلْث'، الصادر عن شركة 'مستقلّ'. وفي حديث مع أبو غزالة لفُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة، بتاريخ 13 أيّار (مايو) من العام نفسه، قال إنّ تسمية الألبوم بالاسم 'ثُلْث' جاء لأنّه 'ثُلْث ألبوماتي حتّى الآن، ويعكس ثُلْثَ مراحلي العمريّة، كما أنّ أغنياته التسع مقسّمة إلى ثلاث مراحل، كلّ مرحلة متمثّلة بثلاث أغانٍ. يعجّ الألبوم بالأثلاث!'

ضمّ الألبوم تسع مقطوعات وأغانٍ، معظمها لم يصدر من قبل، من بينها أغنيتان من ألبوم أبو غزالة الأوّل بعنوان 'مرآة' (2008)، لكنّه قدّمها بتوزيع جديد، بالإضافة إلى أغانٍ طُوّرت خلال عروضه الموسيقيّة في الوطن العربيّ وأوروبّا خلال السنوات التي مرّت بين الألبومين الأوّل والثاني.

اختار أبو غزالة، وبالتزامن مع صدور 'ثُلْث'، إقامة حفلات استماع للألبوم في فضاءات ثقافيّة متنوّعة في مدن عربيّة؛ بيروت، والقاهرة، والإسكندريّة، وحيفا، ورام الله، وقد نبع اختياره هذا من أنّ أحد 'المعيقات الأساسيّة أمام الإنتاج الإبداعيّ في المنطقة هو إمكانيّة التنقّل، من حيث الإجراءات والتكاليف على حدّ سواء'. تلت حفلات الاستماع للألبوم عروض موسيقيّة في مدن عربيّة، كبيروت والقاهرة، وكذلك في أوروبّا.

 

'يا ستّي' لدلال أبو آمنة

كما أصدرت الفنّانة الفلسطينيّة دلال أبو آمنة (الناصرة) مشروع 'يا ستّي' الموسيقيّ، في أيّار (مايو) 2016، الذي ضمّ فيديو وعرضًا ممسرحًا وألبومًا موسيقيًّا، يحكي التراث الفلسطينيّ. يهدف مشروع 'يا ستّي'، وفق أبو آمنة، إلى إعادة تقديم المادّة التراثيّة الشاميّة، وهو نتاج مسار بحثيّ في التراث المسموع، وكيفيّة إعادة تقديمه بأسلوب معاصر، حيث للوسائط فنّيّة، كالفيديو والمسرح، مساحة في ذلك.

ضمّ مشروع 'يا ستّي' مجموعة من الموسيقيّين بقيادة الموسيقيّ درويش درويش، بالاشتراك مع مجموعة من النساء الحافظات للتراث، والباحثة في التراث، نائلة لبّس. وفي العمل المسرحيّ، اشتركت أبو آمنة مع الفنّان الفلسطينيّ عامر حليحل، الذي أخرج عمل المشروع المسرحيّ، بالإضافة إلى إخراج الفيديو كليب الذي صُوّر في قرية كفر برعم المهجّرة.

 

Am I?'' لرشا نحّاس

أصدرت الموسيقيّة الفلسطينيّة رشا نحّاس (حيفا)ـ ألبومها الأوّل بعنوان 'Am I?'، في تمّوز (يوليو) 2016، والذي كتبت كلمات أغانيه وألحانها. بدأ مشروع ألبوم رشا حين تعرّفت إلى منتج الألبوم، مارك سموليان، فسجّلا أغنية واحدة، ثمّ بدأ التحضير لإنتاج أوسع، حيث كان 'السكايب' منصّة لاحتضان بدايات التعاون بينهما، ثمّ جاء قرار رشا بالسفر إلى إنجلترا ولقاء منتجها الذي أثمر عن اللقاء ألبومها الأوّل، والذي قدّمته لأوّل مرة في مدينتها، حيفا.

يضمّ الألبوم أربع أغانٍ باللغة الإنجليزيّة، وحين سألتها عن السبب في حوار خاصّ بفُسْحَة، قالت رشا: 'تخرج الكلمات، تكون شعورًا أوّلًا، من المهمّ لي أن يفهم الجميع ما أقوله، والإنجليزيّة لغة يفهمها الجميع. ثمّة حدود كثيرة في العالم، لا سيّما لنا نحن الذين نعيش تحت الاحتلال، وعلى قدر ما هو صعب أن تكسري الحواجز لتصلي إلى الناس، فإنّني في الوقت نفسه أريد أن أكسر هذه الحدود، وأن يفهم الجميع ما أقوله'.

 

'جسور' عيسى مراد

أصدر الموسيقيّ الفلسطينيّ عيسى مراد، ألبومه الأوّل 'جسور'، وأطلقه في أيلول (سبتمبر) 2016، من العاصمة الفرنسيّة، باريس، حيث يقيم. جاء الألبوم بعد مرور أربع سنوات على تأسيس فرقته المكوّنة من الموسيقيّ الهنديّ ريشاب براسانا (الناي الهنديّ)، والسوريّ سمير حمصي (إيقاعات)، والفرنسيّين مارك بورونفوز (كونترباص) وريتشارد توريغانو (بيانو) وفردريك شابيرون (درامز)، والذين كان لهم تأثير في المنتج الموسيقيّ النهائيّ الذي دمج موسيقى عربيّة، وهنديّة، وبلقانيّة، وجاز.

 

'هاجس' سناء موسى

بعد 'إشراق' (2010)، أصدرت الفنّانة الفلسطينيّة سناء موسى، في كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي، ألبومها الثاني بعنوان 'هاجس'، وأطلقته في كلّ من الناصرة ورام الله، وهو يضمّ عشر أغانٍ تراثيّة فلسطينيّة عن النكبة، والحرّيّة، والحبّ، والفقدان، وحقّ العودة، والأسر، بالإضافة إلى تسليط ضوء على الأغاني التراثيّة من فترتي الحكم العثمانيّ والانتداب البريطانيّ في فلسطين، وبشكل خاصّ الأغاني التي تُغنّى على لسان الرجال. واحتوى الألبوم لأوّل مرّة تجربة سناء في كتابة الكلمات والتلحين. وقد سجّلت الألبوم بمشاركة والدها، الفنّان علي موسى، وقد دعمت وزارة الثقافة الفلسطينيّة إنتاج الألبوم.

 

مهرجانات وعروض

فرقة 'دواوين' غزّة

بدأ اسم الفرقة الغزّيّة 'دواوين' بالانتشار منذ بداية عام 2016، وهي التي أخذت على عاتقها إعادة غناء الأغاني الوطنيّة، الثوريّة والتراثيّة الفلسطينيّة. تتكوّن الفرقة من عدد كبير من الأشخاص؛ مدرّبين موسيقيّين وفنّيّين، و13 موسيقيًّا، من ضمنهم مغنّيتان، روان عكاشة وهبة غنّام، ويقوم عاطف عكاشة على تدريب الفرقة، وكذلك على الإشراف الفنّيّ.

وكان من المفترض أن تغنّي 'دواوين' في القدس ضمن 'مهرجان فلسطين الدوليّ' 2016، إلّا أنّ الاحتلال منعها من مغادرة غزّة، فأقامت عرضها الموسيقيّ عند حاجز بيت حانون (إيرز).

 

'كليلة ودمنة' لمنعم عدوان

خلال تمّوز (يوليو) 2016، اعتلى المنصّة العمل الفنّيّ الموسيقيّ 'أوبرا كليلة ودمنة'، لصاحبها الموسيقيّ الفلسطينيّ منعم عدوان، والذي افتتح مهرجان 'إكس أون بروفانس' للأوبرا والموسيقى، في الجنوب الفرنسيّ.

يعتمد العمل الفنّيّ على نصّ 'كليلة ودمنة' الذي نقله عبد الله بن المقفّع إلى العربيّة بتصرّف، بعد أمر كسرى الأوّل بنقله إلى الفهلويّة من النصّ السنكسريتيّ للفيلسوف الهنديّ بيدبا. وفي 'كليلة ودمنة' لصحابها الموسيقيّ عدوان، اختار الشاعر السّوريّ فادي جومر كتابة نصّه الغنائيّ بالمحكيّة السوريّة، وثمّة أغنية واحدة بالفرنسيّة، وقد أطّر كلام الراوي الذي كتبته كاثرين فريلاج، بالفرنسيّة أيضًا، نصوص الأحداث والأغاني العربيّة.

جمع 'كليلة ودمنة' فنّانين وموسيقيّين من العالم، فضمّ كلًّا من الموسيقيّ والموزّع زياد الزواري (تونس، كمان)، والموسيقيّ صامد سيليكال (تركيا، قانون)، والموسيقيّ صلاح الدين كباشي (تركيا، كلارينيت)، والموسيقيّ وسيم حلّال (فلسطين، إيقاعات) والموسيقيّ ياسر بو سلام (تونس، تشيلو). أمّا الفنّانون المغنّون والممثّلون، فهم الفنّانان رنين الشعّار وجان شهيد من لبنان، والفنّانان منعم عدوان ريم تلحمي من فلسطين، ومحمّد الجبالي من تونس.

في حوار أجراه الشاعر ورئيس تحرير فُسْحَة، علي مواسي، مع ثلاثة من طاقم العمل؛ ريم تلحمي، ورنين الشعّار، وفادي جومر، أشار جومر حول استناده إلى نصّ تراثيّ لإنتاج عمل يُقدّم للجمهور عام 2016: ''ترتكز حكايا ’كليلة ودمنة‘ في عمقها على طبيعة العلاقات النفسيّة بين البشر، وهذه طبيعة فطريّة راسخة. قد تتغيّر دوافعها ظاهريًّا، لكنّها في العمق، ما زالت راسخة؛ فالصراع على زعامة قطيع ’في بدايات التجمّع البشريّ‘ هو ذاته حرب الأحزاب من أجل السلطة، واختلاف أدوات الصراع لم يغيّر من طبيعته. تظهر براعة الكاتب الأصليّ، الفيلسوف الهنديّ بيديا، في رواية القصص على ألسنة الحيوانات وأنسنتها، لتمرير الرسائل إلى ملكه دبشليم، وإن كان المغزى بشريًّا'.

 

مهرجان فلسطين الدوليّ 2016

اتّخذ 'مهرجان فلسطين الدوليّ' من 'حرّيّة الحركة والتنقّل' ثيمة لدورته السابعة عشر، والتي انطلقت من رام الله نهاية تمّوز (يوليو) من عام 2016، مع عرض لفرقة “47 Soul” الفلسطينيّة الأردنيّة البريطانيّة، والتي كان لها حضور لامع خلال العام الماضي، ضمن جولات عروض أُقيمت في العالم.

استضاف المهرجان مجموعة من الفرق الموسيقيّة والموسيقيّين من فلسطين والوطن العربيّ والعالم، مثل فرقة 'طرب باند' من السويد، المكوّنة من الفنّانة العراقيّة نادين الخالدي المقيمة في السويد، إلى جانب مجموعة من الموسيقيّين السويديّين، والفنّانة التونسيّة غالية بنعلي المقيمة في بلجيكا، ومن فلسطين شارك كلّ من 'كورال الثورة'، و'نقش للفنون الشعبيّة'، و'العنقاء للفنون'، و'شمس الكرامة للثقافة والفنون'، و'فرقة براعم' التابعة للفنون الشعبيّة الفلسطينيّة، وغيرها. ومن غزّة شاركت فرقة 'دواوين' التي منع الاحتلال خروجها نحو القدس، فأقامت حفلًا عند حاجز بيت حانون (إيرز) كما أسلفنا.

 

ماراثون ثلاثي جبران

بمبادرة من 'الثلاثي جبران'، أقيم في رام الله 'ماراثون الثلاثي جبران' في تشرين الأوّل (أكتوبر) 2016، في إطار حملة توعويّة للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وقد جمعت المبادرة مبلغًا قدره مليون و56 ألفًا ومائتي دولار.

الحدث الذي رعاه بنك فلسطين، عزف فيه الثلاثي جبران، بمشاركة حوالي 70 فنّانًا وموسيقيًّا فلسطينيًّا، من المجالات الفنّيّة كافّة، مدّة 12 ساعة، من العاشرة صباحًا حتّى العاشرة مساءً، الأمر الذي أدخل كلًّا من سمير ووسام وعدنان جبران موسوعة 'غينيس' للأرقام القياسيّة.

 

أخيرًا... عالم موازٍ

لا شكّ في أنّ المشهد الموسيقيّ الفلسطينيّ خلال عام 2016 مليء بالإنتاج الموسيقيّ، من إصدار لألبومات موسيقيّة، وتنظيم أحداث ومهرجانات موسيقيّة، على الرغم من صعوبة الظروف الإنتاجيّة، للموسيقى المستقلّة بخاصّة.

 وهنا أرغب بالإشادة بدور مبادرة الموسيقيّ الفلسطينيّ سامر جرادات، الذي أسّس 'شركة سامر جرادات للإنتاج'، والتي تحتضن عشرات المشاريع الموسيقيّة في فلسطين والجولان السوريّ المحتلّ، سواء بإصدار ألبومات، أو فيديو كليب يُنشر عبر الفضاء الرقميّ.

استطاع الموسيقيّون أن يتعاملوا مع هذا الواقع الصعب، وابتكروا طرقًا إبداعيّة لإنتاج ونشر موسيقاهم، إلّا أنّه ثمّة حاجة ملحّة لاحتضان أكبر لهذه المبادرات، بأن توفّر المؤسّسات الثقافيّة الفلسطينيّة، وربّما تخلق، فضاءات جديدة لاحتضان الموسيقيّين والفرق الموسيقيّة؛ أن تقدّم الجديد، وغير المألوف إلى الجمهور، وأن لا يقتصر الاحتضان على ما يمكن 'أن يسوّق أكثر'. نعم، نحن نحبّ 'المألوف'، لكن دور المؤسّسات أن تمنح منصّات لتجارب جديدة وتنشرها بوسائلها المتاحة، وبالأساس من خلال منصّات عديدة تُنصب في الفضاءات العامّة. وعلى قدر محدوديّة الحركة والتنقّل، إلّا أنّ الفضاء الرّقميّ أتاح مساحة غير محدودة لهذا التعاون، فخلق الموسيقيّون عالمًا موازيًا، عالم تنتقل فيه الأغنية والمقطوعة الموسيقيّة، من حيّز إلى آخر، بلا جوازات سفر ولا حواجز عسكريّة ولا إملاءات من أحد.

 

رشا حلوة

 

كاتبة وصحافيّة ثقافيّة من مواليد عكّا. حاصلة على بكالوريوس علم الاجتماع وعلوم الإنسان (الأنثروبولوجيا) من جامعة حيفا. تكتب مقالات وتقارير متخصّصة في الثقافة والفنّ، وكذلك الثقافة بمفهومها الأوسع؛ قصص الناس، وطقوس حياتهم، والسفر، وغيرها. حصلت عام 2016 على إقامة صحافة ثقافيّة من 'أكاديميّة العزلة' في مدينة شتوتغارت الألمانيّة، وكان مشروعها خلال إقامتها التي استغرقت خمسة شهور، الكتابة عن حضور الثقافة العربيّة في ألمانيا تحديدًا، وأوروبّا بعامّة، من خلال تغطية نشاطات ثقافيّة وفنّيّة، ومن خلال قصص الناس. تكتب في مدوّنتها الإلكترونيّة 'زغرودة' منذ عام 2007.