دليل الأمكنة

البحر الأزرق العميق | إليزم

 

في الحديقة العامّة

الّتي من المفروض أن تكون،

مقاعد كافية للجميع

يجلسون عليها ويضحكون من تعاستهم!

 

في السّاحة فائض من منابر

يرتفع الكلام فيها أعلى

من قامات الخطباء

ثمّ يرتطم بالأرض

 

في الجليل أكثر من زيتونة

تختبئ في جوفها حيّة

وحولها آلاف يدّعون

أنّهم شعراؤها الأوحدون

 

في مرج ابن عامر

أكثر من نصروايّة

ونُدبة بيّنة

وغريب يلتقط صورة لعبّاد الشّمس

 

في لغتنا فائض من ثقوب

ينفذ منها المبتذلون إلى القصيدة

ويتسلّل الأشقياء

ويأتي منها 'الأصدقاء المنافقون' أفواجًا!

 

في البحر ما يكفي مِنْ زُرقة

لي ولك

نغيب فيها عن أعين الحرس

ونحضر

 

في الغابة ما يزيد من خضرة

يجري فيها القلب

وراء أكثر من حبّ

 

في الشّرفة، ما توالد من ورد

وقصّة حبّ باقية

وأماني لا تزال هناك

وأغاريد

 

على جنبات الشّارع

أوراق شجر متعبة

تؤنسنا كلّما سرنا وحيدين

 

في أيّامنا الّتي لم تُفلت من قسوة الجفاف

شقوق،

تطلع منها العفاريت

 

في الفجر ما نحتاجه من ضوء

يدفع العتمة خارج الوقت

كي يوقظنا الدّيك

 

في المساء أكثر من فُسْحَة

تسكنها الآمال الّتي تبقينا

أحياء

 

على الشّاطئ ما يفيض من الرّمل

لقصور نبنيها

وموج يهدمها

وضحكاتنا ونحن أطفال

 

في الإطار صورة

يظهر فيها ملائكة بيض،

وأنبياء من الرّجال،

وشيوخ ملتحون،

ونسوة مكسورات الأعناق في انتظار الّذي لا يأتي

 

في تاريخنا هُوًى سحيقة

يخرج منها تنّين ينفث النّار

فتحترق الصّورة لدينا عنّا

 

في موروثنا أساطير

وفي الأساطير أبطالنا يذبحون أبطالهم

فيستقرّ الوجود!

 

في حكايتنا فائض من تفاؤل

شديد

تجعل النّهايات متوقعة

والخيبات أشدّ!

 

في جرحي المفتوح

ملح، عبّأه الأخوة ذرّة ذرّة

وعلى شفة الجرح نظراتهم الّتي تعرفونها

من جراحكم!

 

في ظهري اكتظاظ شديد

بألسن تستغيب وأيادٍ تطعن

المهمّ أن وجداني بقي حيًّا!

 

وبين أصابعي منزلق للوقت

لكنّ السّبابة باقية هناك

 

على شباكي ماء وحبّ للعصافير

وبطاقة اعتذار على ما فعلته بها

في صباي

 

في أرضنا ما يفيض

من شواهد وقبور

وأكاليل زهور لا تستطيع حجب الجريمة

 

في كلامنا أكداس من أفعال القلوب

والقليل القليل من الأفعال

خفيفة الحركة

القادرة على السّير

 

في المُنجد أكوام من الخردة

وفي متنه جثث لمفردات ميتة

تعيق الأفعال!

 

في مدخل حديقتي منشأة

لتدوير الأغصان الجافّة

والوقت الهارب منّا

سهلة التّشغيل، فاضغط على الزّرّين الأزرق والأبيض

وأنت قادم!

 

في قلبي أمكنة

للّذين أحبّهم

ولا كراهية لأحد

 

في عيني،

كلّ أحزان الحلّاج

وإشراقة العارفين

ولمعة العاشقين العاشقين

 

في العقل،

مجرّة من أسئلة

وإمام واحد

وقوافل من الآلهة التّائهين!

 

في الدّنيا،

متّسع لكلّ شيء

لكي نعيش

وكي نموت دون أن ينقصنا شيء