في سؤال المثقّف العربيّ

تمثال ابن خلدون في قصبة بجاية، الجزائر

 

مقدّمة

من نافل القول أنّه ليس ثمّة تعريف متّفَق عليه لمفهوم ’المثقّف‘ في الخطاب العربيّ، خاصّة أنّه مستورد من السياق الغربيّ، وهي الإشكاليّة الأساسيّة الّتي تتعلّق بالاستلاب اللسانيّ والثقافيّ، وهما مظهران لتراكم الركود الثقافيّ والتاريخيّ. يُشار إلى أنّ أوّل مَنْ استخدم مفردة ’ثقافة‘ في اللغة العربيّة الحديثة هو سلامة موسى (1987-1958)، الّذي أخذها من ابن خلدون الّذي استعملها بمعنى شبيه لمفردة ’Culture‘ الشائعة[1].

محاولةً لفهم مَنْ المثقّف بعيدًا عن السياق الغربيّ؛ دخلنا في رحلة إلى عدد من عقول المفكّرين العرب؛ من أجل فهم تنقّلات مفهوم ’المثقّف‘ من عقل إلى آخر، ودوره في التحوّلات السياسيّة والاجتماعيّة في منطقتنا العربيّة.

 

المثقّف في الفكر العربيّ والإسلاميّ

في سرد عربيّ - إسلاميّ لمفهوم ’المثقّف‘، اعتبر الكثير من الباحثين أنّ لعصور النهضة المتوالية على المجتمعات العربيّة، دورًا ساهم في تداول مفاهيم جديدة غير مألوفة، ومقاربات أبستمولوجيّة بين اللفظ والمفهوم، مثل الإصلاح، والتقدّم، والاقتباس، والمدنيّة، والحرّيّة، وغيرها من المصطلحات[2]. الصورة الثقافيّة الّتي اتّسمت بالقوّة في الفكر العربيّ - الإسلاميّ، كانت مستعدّة لاستقبال معانٍ ومفردات جديدة؛ لأنّها كانت متّصلة على مدًى بعيد بها، لكنّ العوامل السلبيّة الّتي تداخلت في المجال الثقافيّ الإسلاميّ، وعدم فهم الخطاب الإلهيّ بشكل جيّد، أدّيا إلى اعتبار هذه المفاهيم غير مألوفة داخل الفكر الإسلاميّ، على سبيل المثال ’الحرّيّة‘، الّتي قيل إنّها لم تُستخدم في الفكر الإسلاميّ، ولم تكن مصطلحًا جديدًا، بل كان المفهوم قديمًا، لكن بشكل آخر، مثل إنهاء العبوديّة. أمّا في تصنيف الكلمات فيُقصد بالحرّيّة ’الإرادة‘ أو ’القدرة‘، وهي الاختيار وما شابهها[3].

داخل رؤية عبد الوهاب الأفندي لملامح المثقّف، اعتبر أنّ أهمّ خصائص المثقّف هو بناء كمّ هائل من الثقافة والمعرفة في مجال ما، يحقّق من خلاله نجوميّته؛ من خلال تكريس أخلاقه الّتي ساعدت في بناء شخصه، وصولًا إلى اتّخاذ موقف في كثير من القضايا...

وفق رؤية عبد الوهّاب الأفندي لملامح المثقّف، اعتبر أنّ أهمّ خصائص المثقّف بناء كمّ هائل من الثقافة والمعرفة في مجال ما، يحقّق من خلاله نجوميّته؛ من خلال تكريس أخلاقه الّتي ساعدت في بناء شخصه، وصولًا إلى اتّخاذ موقف في كثير من القضايا، و"المثقّف الحقيقيّ يستمدّ نفوذه من سموّ الثقافة وتجسيدها لكلّ ما هو راقٍ في المجتمع"، ولربّما تكون هذه المقاربة تمييزًا بين طبقات المثقّفين[4]، حتّى وصل إلى فكرة ’المثقّف الإسلاميّ‘، الّذي تتكرّس وظيفته في تفسير التعاليم الدينيّة بما يتناسب مع العصر الحاليّ، بالإضافة إلى صدّ هجوم المستشرقين، وأنّ دور المثقّف الإسلاميّ مهمّ جدًّا في الوصول إلى تجربة التحديث في العالم الإسلاميّ، المحصور بين انعزاله عن الحداثة، وبين التواصل مع الواقع الاجتماعيّ، ولا علاقة للصراع بين العلمانيّين من جهة، والإسلاميّين من جهة أخرى، وإنّما التأزّم الأخلاقيّ هو الّذي يخلق فجوة عند المثقّفين[5].

عرّف سعيد بن سعيِّد العلويّ ’المثقّف‘ بأنّه: "الشخص الّذي يسخّر ما يمتلكه من أدوات معرفيّة؛ من أجل فهم الواقع أوّلًا، ثمّ العمل على التأثير فيه بغية المساهمة في تغييره، وذلك بالتنبيه إلى مظاهر السلب والقصور، واقتراح حلول تساهم في التأثير المباشر في الحوادث الخطيرة الّتي مرّ أو يمرّ بها المجتمع"[6].

"الكلمة هي سلاح المثقّف"، باعتبار أنّ الانخراط في هموم الآخرين، وتبنّي قضاياهم والدفاع عنها، تمثّل مسؤوليّة أخلاقيّة، تقع على عاتق المثقّف؛ من خلال مباشرة فعله الثقافيّ؛ لا بوصفه مسؤولًا عن الفعل مسؤوليّة إداريّة أو مهنيّة، وبناء على ذلك؛ قدّم علي الصالح مولّى تعريفًا للمثقّف الهُوَوي[7] بحسب دوره، وهو انتشال المثقّف من مدارات التوظيف والتشغيل للحساب الحزبيّ أو المذهبيّ أو الطائفيّ، وأن يحرّره من الارتهان بمقاربات تستثمر دوره في تعزيز مواقع فاعلين آخرين[8]. هذا ما أكّده فريدريك معتوق في قراءته لحركة المثقّفين العرب الكبرى، باعتبار أنّ المثقّف النهضويّ وقع في خطأ ’الوضعة الذاتيّة‘[9]؛ فبدلًا من أن يحقّق الأهداف بشكل جماعيّ وواسع، يشمل المشاريع الثقافيّة والاجتماعيّة، عالجها بمقاربات فرديّة وذاتيّة، تبتعد عن متطلّبات الجماعة[10].

في ذات السياق، أضاف النور حمد بُعْدًا روحانيًّا لتعريف المثقّف بناءً على موقفه من الصالح العامّ، واعتبر أنّ المثقّف ليس مَنْ يمتلك المعرفة، ما لم يكن قادرًا على التزام موقف أخلاقيّ صحيح، وهو الموقف بجانب الجماعة والصالح العامّ[11]. علاوة على ما سبق، أضاف عبد اللطيف المتديّن، بُعدًا أكثر سياسيّة لمفهمة المثقّف، لكن داخل سلطة الحاكم في سياق تاريخيّة الدولة الإسلاميّة، معالِجًا الفكرة الثوريّة للمثقّف بين التحريم والتحليل، واعتبر أنّ المثقّف فيه خاصّيّتان أساسيّتان: القوّة واتّقاء الفتن؛ من أجل مواجهة حاكم ظالم وأهمّ مدخل إلى السلطة، من خلال عنصرَي الجيش والثروة[12]، وما دون ذلك فعلى المثقّف أن يصمت، والمقصود بالجيش بحسب فهمنا هو المجتمع، والثروة هي المعرفة، بالإضافة إلى أنّ المثقّف هو أهل حلّ وعقد، وأهل الزمن، لا أهل زمن فات، والمثقّف هو رهين الوقت والحالة[13]، باعتباره جزءًا من المجتمع.

 

المثقّف العربيّ والحداثة: ثورات الربيع العربيّ مدخلًا

لاحظنا تناقضًا داخل الفكر العربيّ أثناء قراءة المثقّف؛ فالبعض اتّجه صوب دراسة الثقافة وتعريفها، وأسس وجودها، قبل دراسة المثقّف ودوره في المجتمع، وهذا يعني "دراسة الحقل الّذي ينشط فيه المثقّف"، لكنّ الواقع يقول عكس ذلك تمامًا؛ أي لا يمكن تقديم أيّ تعريف للمثقّف إن لم يُعطِ بالًا للمجتمع ودوره بالتغيير المجتمعيّ، وإذا ما عدنا إلى ثورات الربيع العربيّ لمفهمة المثقّف ودوره، نرى أنّه ليس من الضروريّ أن يقرأ المثقّف واقعه ويقدّم اقتراحات من أجل تغيير المجتمع أو النظام، فإذا لم يكتب المثقّف فالمجتمعات العربيّة ستتغيّر به أو بدونه، سواء بوجوده أو ضعف وجوده، لكنّ المفارقة هي أنّ المثقّفين العرب الّذين انتظروا التغيير من أعلى إلى أسفل، وليس من أسفل إلى أعلى؛ بمعنى أنّ التغيير الّذي انتظروه هو من النظام نفسه، وليس من المجتمع، لكنّهم فشلوا في التنبّؤ، ومثال ذلك ثورات الربيع العربيّ، فمن قاموا بالثورة فئات بسيطة لا يحملون أيّ مشروع فكريّ أو سياسيّ، ومرارة الحياة هي ما دفعتهم إلى التحرّك، ليس الثقافة أو المعرفة[14].

تمسَّك حسن طارق بالربيع العربيّ من أجل الوصول إلى تعريف للمثقّف، وبدأ سرديّته بـ ’المثقّف الثوريّ‘ وربطه بالديمقراطيّة؛ من أجل أن يبقى مثقّفًا ثوريًّا، واتّجه بفكره إلى المنطقة الإصلاحيّة، مراهنًا على الانتقال الديمقراطيّ، وارتبط الحديث بالثورة بوجود المثقّف الثوريّ من عدمه، وحديثه عن جدليّة الثورة والمثقّف، ارتبط باختلاف الأيديولوجيّات في مختلف الأوساط، كما التيّارات الإسلاميّة، والتيّارات القوميّة، وتداخل مفهوم النضال الديمقراطيّ كجزء من التبعيّة الليبراليّة الّتي تطرّق إليها بنسالم حميش، وتبنّى توضيح عزمي بشارة في مقاربة المثقّف الثوريّ الّذي بالنهاية مرتبط بالإصلاح والثورة[15]، وأنّ المثقّف الثوريّ يقود إصلاحًا في نهاية المطاف، كما يمكن أن يكوّن الإصلاحيّ تحوّلًا ثوريًّا.

على ذلك؛ وجد إدريس الكنبوري في المثقّف أنّه الّذي يراقب المؤسّسة وينقد أداءها، وألّا يكون صاحب عمًى أيديولوجيّ، وممارسة النقد على أدواته نفسها ومناهجه، بالإضافة إلى مراودة الأسئلة، وقراءة الوقائع من خلال مراقبة التحوّلات الكبرى من موقع فاعليّ وتأثيريّ، كواصف، ومحلِّل، ومستكشف، ومدقّق في المفاهيم[16]. جادل أيضًا الكنبوري بأنّ اختلاف المثقّفين وأنواعهم، من مثقّف إصلاحيّ، أو مثقّف سلفيّ، ومثقّف ليبراليّ، ومثقّف دينيّ، وأخيرًا المثقّف الديمقراطيّ، لا يضرّ ببناء الدولة، ومن أجل التحقيب لمرحلة ما بعد فشل الدولة، عمليّة الإصلاح مرتبطة بالاختلاف، والوصول إلى ركيزة محدّدة من أجل بنائها، سياسيًّا وثقافيًّا.

"الكلمة هي سلاح المثقّف"، باعتبار أنّ الانخراط في هموم الآخرين، وتبنّي قضاياهم والدفاع عنها، هو مسؤوليّة أخلاقيّة، تقع على عاتق المثقّف؛ من خلال مباشرة فعله الثقافيّ؛ لا بوصفه مسؤولًا عن الفعل مسؤوليّة إداريّة أو مهنيّة...

قدّم بنسالم حميش في ذات السياق، معتمدًا على "ماكس فيبر وأنطونيو غرامشي"، رؤية حول ’المثقّف الأنموذجيّ‘[17] تتماشى ومبدأ الصالح العامّ، الّذي يتموقع فيه المثقّف داخل المجتمع المدنيّ، باعتباره يمتلك في حزمته المعرفة والفكر، الّذي يعمل على تحريك المجتمعات من خلال إيقاظ الهمم والضمائر؛ لمعالجة قضايا وأوضاع خطرة في المجتمع، وعليهم أن يكونوا "فاعلي الثقافة ومنتجيها"، متوافقًا مع تعريف ريني ماريا ريلكي: "المثقّف هو الّذي يساهم في تحريك البحر المتجمّد فينا"[18]. أمّا من منظور محمّد جبرون، فقد نال ’المثقّف الحداثيّ‘ النصيب الأكبر من النهضة والحداثة العربيّة، كونه صاحب وجهة نظر إصلاحيّة لا يتردّد في التعبير عنها، سواء من خلال المقالات أو الحوارات، أو العرائض، ولا يفوّت أدنى فرصة لذلك، وهاجسه هو التقدّم، ويستند إلى عقله بوصفه مصدرًا للمعرفة"[19].

 

خاتمة

مفهوم المثقّف في سياقنا العربيّ أُعيد بناؤه بعد الاتّصال الاستعماريّ بالثقافة الغربيّة، وركيزة وجوده في السياق العربيّ[20] تتناسب ورؤية حيدر سعيد له، وهو ’المثقّف اللادولتيّ‘، وهو الشخص الّذي يحمل نزعة رسوليّة[21] في المساهمة في تغيير العالم؛ من خلال النقد الّذي يُعْتَبَر ’ضمير‘ المثقّف، والنزعة الفكريّة الناتجة بين نهضة العلوم الاجتماعيّة وفكرة المثقّف، الّتي تتطلّب وجود مشروع جماعيّ بفريق عمل متكامل، تتقاطع مع وضعيّته الذهنيّة وأهدافه المتمثّلة بالتميّز أن تكون موادّه مرجعيّة تأسيسيّة، لا تتجرّد في كونها إعلاميّة عامّة؛ أي طابع استعاديّ استشرافيّ متعدّد التخصّصات، ليس بالضرورة أن يكون تعريف المثقّف أدبيًّا، أو أن يكون مكتوبًا بلغة النهضة بطريقة أدبيّة، وإنّما التركيز على الجانب العقلانيّ في التعريف والتقديم والدعم؛ إذا كان دعم المثقّف ذاتيًّا فهذا يعني عدم تبعيّة المشروع للواء السلطة، وبالتالي استقلاليّته نحو جمهور متنوّع، يقرأ له الماضي والحاضر والمستقبل، محلّلًا لهم التاريخ بشكل متناسق متكامل؛ من أجل تحسين الحاضر وبناء المستقبل، بما يتناسب والمصلحة العامّة.

 


إحالات

[1] أحمد مفلح، "دلالات مفهوم المثقّف: قراءة في كتاب «دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة»"، تبيّن، مج 8، العدد 31 (2020)، ص 32.

[2] مجموعة مؤلّفين، دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، إعداد وتنسيق مراد دياني، (المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2017) ص 129.

[3] مرجع سابق، ص 135.

[4] مرجع سابق، ص 154-155.

[5] مرجع سابق، ص 164-165، ص 180-181.

[6] مرجع سابق، ص 130، يُنظر: سعيد بن سعيّد العلويّ: الإيديولوجيا والحداثة: قراءات في الفكر العربيّ المعاصر (بيروت/ الدار البيضاء: المركز الثقافيّ العربيّ)، 1987.

[7] يُنظر: جيرار لو كلارك، العولمة الثقافيّة: الحضارات على المحكّ، ترجمة جورج كتورة (بيروت: دار الكتاب الجديد المتّحدة، 2004).

[8] مجموعة مؤلّفين، دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، مرجع سابق، ص 251.

[9] مرجع سابق، ص 284-285.

[10] عبدالله العروي، "إرث النهضة وأزمة الراهن"، في: شربل داغر وآخرون، عصر النهضة: مقدّمات ليبراليّة للحداثة (بيروت/ الدار البيضاء: المركز الثقافيّ العربيّ، 2000)، ص 293. يُنظر أيضًا: جورج طرابيشي، المثقّفون العرب والتراث: التحليل النفسيّ لعصاب جماعيّ (لندن: رياض الريس، 1991).

[11] دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، مرجع سابق، 206. يُنظر أيضًا: عزمي بشارة، "عن المثقّف والثورة"، تبيّن، العدد 4، 2013، ص 127-142.

[12] مرجع سابق، ص 230. يُنظر أيضًا: أبو الحسن عليّ بن محمّد الماورديّ، الأحكام السلطانيّة والولايات الدينيّة (القاهرة: دار الفكر، 1983)، ص 9.

[13] مرجع سابق، ص 243-244.

[14] يُنظر: "المثقّفون العرب والتغيير المجتمعيّ، أي قراءة ودور واستشراف" ص 329، في "مجموعة مؤلّفين، دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، (الدوحة/ بيروت: المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2017).

[15] عزمي بشارة، في الثورة والقابليّة للثورة (بيروت/ الدوحة: المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص 289.

[16] دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، ص 449.

[17] مرجع سابق، ص 44-45.

[18] يُنظر: Reneh Rilke, Modernism and Poetic Tradition, (Cambridge University Press 2006).

[19] دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، مرجع سابق، ص 379.

[20] محمّد عابد الجابري، المثقّفون في الحضارة العربيّة: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، ط2، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2000)، ص 9 وما بعدها.

[21] حيدر سعيد، مولِد المثقّف اللادولتيّ: حالة العراق، في مجموعة مؤلّفين، دور المثقّف في التحوّلات التاريخيّة، مرجع سابق، ص 459.

 


 

أحمد بسيوني

 

 

 

كاتب فلسطينيّ، درس ماجستير «العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة» في «معهد الدوحة للدراسات العليا». ينشر مقالاته في عدد من المنابر الفلسطينيّة والعربيّة، شارك في إنتاج عدد من الأفلام الوثائقيّة مع «التلفزيون العربيّ».