14/03/2017 - 17:29

"دولة غزة" تفجر الخلافات بين السياسيين والمثقفين

تباينت وجهات نظر وتحليلات مجموعة من المثقفين والكتاب والسياسيين حول حقيقة مشروع "دولة غزة"، وذلك خلال ندوة نظمها مركز أطلس للدراسات، تحت عنوان "صناعة دولة غزة بين التهويل والتهوين".

من المؤتمر

تباينت وجهات نظر وتحليلات مجموعة من المثقفين والكتاب والسياسيين حول حقيقة مشروع "دولة غزة"، وذلك خلال ندوة نظمها مركز أطلس للدراسات، يوم أمس، الإثنين 13 آذار/ مارس الجاري، تحت عنوان "صناعة دولة غزة بين التهويل والتهوين".

أدار الندوة رئيس المركز عبد الرحمن شهاب، الذي استعرض ما قيل عبر وسائل الإعلام وما كتبه البعض عن مشروع دولة غزة، وإمكانية تحقيقه، وطرح تساؤلًا على الجميع "هل ما ينشر حول المشروع هو تهويل أم تهوين؟".

من جهته، استعرض الدكتور إبراهيم أبراش ما جاء في كتابه حول مشروع "دولة غزة"، لافتًا إلى أن المشروع قائم ومخطط له سلفًا وبإحكام من قبل أميركا وإسرائيل وأحزاب الإسلام السياسي، مستعرضًا محطات مفصلية تصب في خدمة المشروع.

وأشار إلى أن الكل يتحدث اليوم عن "دولة غزة" من الرئيس والكتاب والمثقفين والإسرائيليين، مضيفًا أن الواقع يؤكد أننا نعيش في إطار "دولة غزة"، حيث يوجد وزارات ووزراء لا يخضعون لحكومة الوفاق الوطني التي من المفترض أن تدير شؤون القطاع، وآخرها رفض "غزة" لقرار إجازة المرأة في يومها الذي صادف الثامن من آذار/ مارس، رغم وجود قرار حكومي التي يرأسها رامي الحمد الله بالإجازة. إضافة إلى القرارات التي تصدر عن وزارة الاقتصاد والثقافة والداخلية وغيرها من الوزارات بمعزل عن الحكومة الرسمية "حكومة الوفاق الوطني"، الأمر الذي يدلل على أن هناك شيئًا يحاك في قطاع غزة.

وأشار أبراش إلى أن انسحاب أريئيل شارون من غزة عام 2005 لم يكن عبثًا، بينما لم تدرك الفصائل، التي احتفلت بالانسحاب، النوايا الحقيقة والأهداف التي يرمي لها شارون من ذلك، إضافة إلى السلطة التي علق رئيس الوزراء آنذاك أبو علاء قريع قائلاً: ماذا نفعل لهم، فلينسحبوا.

ورأى الكاتب أبراش أن التفكير بدولة غزة هو جزء من التفكير الإستراتيجي الإسرائيلي منذ أوسلو، التي كان الحديث يدور عن غزة أولاً، وثم ألحقت بها أريحا.

واستعرض المختص في الشأن الإسرائيلي عامر عامر، الموقف الإسرائيلي من مشروع دولة غزة، مؤكدًا عدم وجود موقف رسمي إسرائيلي يتبنى الموضوع.

وأوضح أن الانفصال وقع بين الضفة وغزة، وتولدت لإسرائيل مشكلة أمنية من غزة، وإسرائيل لا تريد أي شيء يهدد أمنها، ومن هنا بدأت إسرائيل في البحث عن مخرج للمشكلة الأمنية، ومشروع "دولة غزة" أحدها، ولا يمكن لهذا المشروع أن يرى النور إلا بموافقة إسرائيلية.

وقال إن "إسرائيل لم تحدد موقفاً رسمياً من الموضوع، وما يجري الحديث عنه هو فقط من قبل مراكز الأبحاث وأجهزة الأمن من استخبارات وشاباك".

بدوره، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله، أن ما هو قائم في قطاع غزة منذ 10 أعوام مرسخ وبالتفاصيل، وقال "إن ما هو قائم هو نظام ليس ضمن السلطة الفلسطينية، له كل شيء خاص به، حتى علاقاته الخارجية".

وأضاف أن كل المشاريع الإسرائيلية تكسرت على وعي وصمود الشعب الفلسطيني.

في سياق متصل، طالب الباحث عبد السلام أحمد، خصوم الإسلاميين، بالتوقف عن التشكيك في وطنيتهم ونضالهم لأجل فلسطين، قائلًا: "إن جاز لهم التشكيك، فمن حق الإسلاميين أيضًا التشكيك في نشأة السلطة وأوسلو، وحتى منظمة التجرير الفلسطينية برعاية عربية، ولم يعد يعيب أي جهة أن تتهم من خصومها بأنها مشتبهه بالتساوق مع جهات خارجية طالما أنها اتهامات متبادلة ضمن شيطنة الفرقاء السياسيين، فالكل العربي والإسلامي في الأغلب مفعول به".

وتساءل بالقول "أين هو المشروع الوطني؟، ما نراه هو انسياق فلسطيني للمخططات الصهيوأميركية"، منتقدًا في ذات الوقت التربص بالإسلاميين كلما جرى حوار أو لقاء مع مسؤول غربي هنا أو هناك. هل المشروع العلماني يعتبر الغرب عدوًا ممنوع الحديث معه؛ على فرض وجود مشروع علماني في المنطقة؟".

وعن الانسحاب الإسرائيلي من غزة، قال: إسرائيل انسحبت لأنه لم يعد لديها خيار آخر، بعد أن أصبحت غير قادرة على حماية مستوطنيها الذين صاروا صيدًا ثمينًا للمقاومة، ولا جيشها ولا مقرات الحكم العسكري، فقرر شارون أن يهرب بجلده. وكل ما يسوقه الإسرائيليون من أن الانسحاب كان مناورة وحيلة هو مجرد تبريرات واهية لرفع معنويات الجيش والمحافظة على صورة القائد "الأسطوري" شارون.

من جهته، تساءل الكاتب والباحث الدكتور وليد القططي، عن سبب احتكار منظمة التحرير الفلسطينية للمفهوم الوطني، واحتكار جماعات الإسلام السياسي مفهوم الإسلامية؟ مشيرًا إلى أن هذا الاحتكار غير دقيق بالمطلق.

وقال: إن الحركة الإسلامية الفلسطينية لها مفهوم خاص بالوطنية، وقد صرح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن حماس هي حركة وطنية بصبغة إسلامية، وأمين عام حركة الجهاد الدكتور رمضان شلح، قال إن "نحن حركة تحرر وطني، ولسنا إسلام سياسي".

وأضاف أن حركة حماس لديها إشكالية في أولوية الانتماء، هل الانتماء للمشروع الإسلامي وللإخوان المسلمين أم للوطن، للأمة أم الوطن، للمشروع الإسلامي أم الوطني؟، هذه الإشكالية لم تحل لديهم حتى الآن، موضحًا أن حركة الجهاد الإسلامي أكثر وضوحًا في هذا الموضوع.

من جانبه، رأي المختص في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مهرة أن "حديثنا اليوم عن دولة غزة والحديث عن الدولة الواحدة أو ذات الحدود المؤقتة؛ كل ذلك يأتي في نفس سياق الأزمة الناتجة عن فشل مشروع دولة الـ67".

وقال مهرة إن "الحديث عن دولة غزة يعتبر أحد أعراض أزمة الفشل"، مضيفًا أن "دولة غزة" ستكون تتويجًا لمسيرة الفشل إذا استمرت بغض النظر عن قبولها من هذا الطرف الفلسطيني أو ذاك لأنها ستكون دولة الممكن للفلسطينيين.

وأوضح مهرة أنه لا يمكن ألا يكون للفلسطينيين دولة وقد اعترفت بهم 180 دولة ولديهم حضور دولي وهم أكثر من 12 مليون، وإسرائيل مقتنعة بأنه لابد للفلسطينيين من دولة في نهاية المطاف، لكنها لدى إسرائيل نتنياهو لن تكون في الضفة، وهو يسعى، عبر الأمر الواقع وإغراق الضفة بالمستوطنين، لأن يجعلها غير ممكنة في الضفة ويبقى الممكن الوحيد لقيامها في غزة بداية كأمر واقع بدون اتفاقات ثم مع الوقت تترسخ.

التعليقات