النفايات.. قاتل صامت يتربص بأهالي قطاع غزة

تتراكم النفايات في غزة كالجبال وتحول حرقها إلى سبب لإصابة النازحين بالعديد من الأمراض التنفسية على خلفية التلوث البيئي "غير المسبوق" الذي خلفه تكدس جبال نفايات.

النفايات.. قاتل صامت يتربص بأهالي قطاع غزة

(النفايات.. قاتل صامت يتربص بحياة الأهالي/ شمال القطاع)

مع دخول "حرب الإبادة" على قطاع غزة شهرها السابع، أصبح "تفشي النفايات" وتراكمها بفعل القصف المتواصل، وما رافقه من موجة نزوح هائلة لمئات الآلاف من السكان، بمثابة "القاتل الصامت" الذي يفتك بأرواح سكان القطاع ليفاقم من معاناتهم مع الموت والفقد يومًا بعد يوم.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

يعاني النازحون، لاسيما في شمال قطاع غزة، من تفاقم مشكلة تراكم النفايات بشكل عشوائي في الشوارع والأزقة، ما يسبب انبعاث روائح كريهة وتواجد كثيف للحشرات، وهو ما نتج عنه تفشي للعديد من الأمراض.

شهود عيان تحدثوا في تقرير لـ "الأناضول" عن أن تلك النفايات فاقمت من معاناتهم إلى جانب مآسي وكوارث الحرب، وقالوا إنهم باتوا يواجهون "تحديات جسيمة في ظروف قاسية وحرجة" يعيشونها.

وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، ناشدت، الأربعاء، كافة المؤسسات المعنية و الأممية والإنسانية بضرورة وسرعة التدخل لإنقاذ سكان القطاع من الأمراض الناتجة عن التلوث.

وأبرزت في بيان انتشار العديد من الأمراض والأوبئة نتيجة طفح مياه الصرف الصحي في الشوارع وبين خيام النازحين، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب بالقدر الكافي.

واعتبرت أن هذا الوضع "ينذر بحدوث كارثة صحية خاصة بين الأطفال"، مشيرة إلى رصد العديد من حالات الحمى الشوكية ومرض الكبد الوبائي بين المواطنين.

جبال من القمامة

وأمام إحدى مدارس النزوح في شمال قطاع غزة، تتراكم النفايات في كل مكان مشكلةً "جبال من القمامة"، مما يضع النازحين في موقف صعب بين ظروف النزوح القاسية وتفشي النفايات المتراكمة التي تسبب الأمراض.

تقرير الأناضول أفاد بأن بعض الأشخاص "يتجهون إلى حرق النفايات فتنطلق سحب من الدخان الأسود يرافقها انبعاث روائح كريهة في المكان".

لحرق النفايات تأثيرات سلبية

المسنة الفلسطينية النازحة، أم رمزي أبو رشيد (71 عامًا)، تعاني من مشكلات في الصدر ناتجة عن انتشار روائح النفايات الكريهة في المنطقة، تقول: "أعاني من ضيق في التنفس، والسعال ومشكلات أخرى بالصدر بسبب روائح النفايات التي انتشرت بشكل كبير في الشوارع والطرقات".

وأوضحت أنه في فترة المساء، تنتشر حشرة البعوض والقوارض وحشرات أخرى، ما يسبب لها إزعاجا بالغا.

ولا تمتلك المسنة النازحة الأموال لشراء الأدوية اللازمة للتخفيف من أزمتها الصحية الناتجة عن حرق النفايات، لتعيش معاناة لا تنتهي بعدما فقدت منزلها بشكل كامل في قصف استهدف بلدة بيت لاهيا في مخيم جباليا شمالي القطاع، قبل 7 أشهر.

ولخصت أم رمزي أمنيتها الحالية في عبارة واحدة وهي "أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن، ليتمكن سكان القطاع من العيش بكرامة وأمان".

مشكلة متكررة

الفلسطيني أيمن الكفارنة (45 عامًا) يشتكي، هو أيضًا، من مشكلات صحية ناتجة عن انتشار النفايات في مناطق واسعة في قطاع غزة، ويقول: "الأمراض منتشرة بشكل كبير، ولا يوجد حلول لمشكلة البعوض والقوارض".

ولفت الكفارنة إلى أن "الجميع في شمال قطاع غزة يعاني من السعال وضيق التنفس بسبب انتشار الروائح الكريهة، التي تصاحب حرق النفايات في مناطق مختلفة".

مقابر جماعية مؤقتة

الأسبوع الماضي، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من تداعيات صحية وبيئية خطيرة على سكان شمال القطاع، على خلفية التلوث البيئي "غير المسبوق" الذي خلفه تكدس جبال نفايات، ومئات المقابر الجماعية المؤقتة، وركام المنازل جراء القصف الإسرائيلي.

المكتب الحكومي كشف في بيان أن مناطق شمال قطاع غزة "تتعرض لمكرهة صحية وتلوث بيئي غير مسبوق ينذر بتداعيات صحية وبيئية خطيرة على أكثر من 700 ألف نسمة يعيشون فيها".

ولفت إلى "تكدس جبال من النفايات، ومئات المقابر الجماعية المؤقتة، وركام المنازل في مختلف المناطق"، موضحًا أن حجم النفايات المنتشرة يقدر بأكثر من 75 ألف طن، في حين تنتشر مئات آلاف أطنان الأنقاض وركام المنازل.

وشدد البيان الحكومي على أن هذه النفايات تسببت بانتشار الأمراض المعدية لآلاف المواطنين، لا سيما الكبد الوبائي والأمراض الجلدية، وباتت بيئة خصبة لتكاثر الذباب والبعوض والحشرات والزواحف الضارة، فضلا عن تأثيرها البيئي لقيام المواطنين بإضرام النار فيها.

قصف الاحتلال لمعدات البلديات

ووفقًا للسلطات في قطاع غزة، يزداد هذا الواقع خطورة في ظل عدم قدرة البلديات على التعامل مع هذه الكميات الضخمة من النفايات والركام، نظرًا لعدم توفّر الآليات والمعدات المناسبة، بعد قصف الاحتلال لعشرات المعدات والآليات التابعة للبلديات، وكذلك عدم وجود الوقود الكافي.

التعليقات