أسرى القدس (3): ياسر تيسير محمد داود

-

أسرى القدس (3):  ياسر تيسير محمد داود
ألم وأمل

لم تصدق والدة الأسير ياسر داود نفسها عندما سمحوا لها وزوجها بلقاء ابنهما لالتقاط صورة بقولها "لقد شعرت بالاختناق فعندما رأيته لم أحتمل نفسي، فلأول مرة منذ مرور17عامًا ألمس ابني وأعانقه، حتى مشاعر الأمومة باتت مراقبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي".

وتابعت أم ياسر "الاحتلال قاسٍ جداً، يحتل أرضنا ويعتقل أولادنا ويحرمنا من رؤيتهم، إلا من خلف القضبان."

ياسر محمد داود، واحد من أبناء القدس الجريحة الذين حرموا من لقاء الأحبة وحنان الأم ورأفة الأب وحب ثلاثة من الإخوة ومثلهم أيضًا من الأخوات، وتنقل من سجن إلى سجن حتى استقر أخيرًا في سجن "هداريم" الذي حرم فيه من رؤية الأهل منذ ثلاث سنوات، داعيًا والدته في آخر لقاء إلى حبس دموعها لحين عودة القدس. تقول والدته الحاجة أم محمد (59 سنة):" لقد مررت بلحظات مؤلمة جدًا حيث لم يسمحوا لي أن أرى ياسر إلا خمس دقائق، فأخذت أبكى فطلب مني أن لا أبكي...." وهأنذا منذ ثلاث سنوات لم أره وأدعو الله أن يفكّ أسره لأتمكن من رؤيته قبل وفاتي".

من قلب القدس إلى قلب السجن

ولد الأسير ياسر تيسير محمد داود بتاريخ 7/10/1970، واعتقل بتاريخ 18 / 5 /1991 بعد طعنه يهوديًّا كان موجودًا في شارع يافا غربي مدينة القدس، وتعرض للتعذيب مدة 58 يومًا في المسكوبية، ونتيجة للتعذيب المبرح الذي تعرض له أصيب بنزيف في رأسه وانتفاخ في عينيه.

ووجهت السلطات الاسرائيلية للأسير ياسر بعد اعتقاله عدة تهم منها "ممارسة نشاط سياسي"، و"عملية الطعن"، و"إلقاء الحجارة على السيارات الإسرائيلية المارة والجنود"، وحكمت عليه بالسجن 62 عامًا، وقضى أكثر من سبعة عشر عامًا من حكمه حتى الآن.

عنفوان في الأسر

بعد عامين من اعتقاله في سجن الرملة، قام أحد أفراد الشرطة باستفزاز الأسرى، فقام الأسيرين ياسر و أحمد شكري بضرب الشرطي على رأسه بقطعة من الحديد مما أدى إلى إصابته بجروح، فزادت الإدارة مدة الحكم له عامين آخرين، كما تم عزله لمدة ثمانية أشهر في زنازين انفرادية تحت الأرض، وبعد عدة شهور توجه أهله لزيارته ولكنه رفض مقابلتهم خوفًا عليهم من التأثر من المشهد المؤلم.

تقول والدته:" عندما حاولت زيارة ياسر في العزل، وفي طريقي إلى مكان وجوده شاهدت الإدارة تضع زميله أحمد شكري في قفص حديدي كبير وعندما سألته عن ياسر لم يرد علي من شدة تأثره من العزل والتعذيب، وبعدها نزلت عبر الدرج تحت الأرض مكان عزل ياسر، شاهدت أقفالا كبيرة، ولكن ياسر رفض الزيارة، وقال لي بعدها إنه خلال وجوده في العزل كان ينام بجانب قناة المياه العادمة والحمام في الغرفة نفسها، حيث تمر الفئران من جانبه وكان يتناول الأكل من شباك الغرفة.

وتحولت حياة ياسر إلى ظلمة بعدما كان الطموح يملأ قلبه حيث درس في معهد المعلمين في رام الله لمدة عامين، وتحول من شاب مفعم بالحياة إلى مريض حيث يعاني من مشاكل في مفاصل اليدين والساقين، بسبب الرطوبة في السجون.

أسير وأسرة

ومعاناة العائلة لا تقل عن معاناة ياسر، فبعد اعتقاله في نفس الليلة قامت الشرطة بتطويق منزله واعتقلوا شقيقه جلال، ثم اعتقلوا والده لمدة يومين للضغط عليه خلال التحقيق معه من أجل الاعتراف، وممارسة الضغط على ياسر، وبعد مرور عشرة أيام حضر كابتن إلى منزل عائلته في بيت دقو وأمر بإغلاق المنزل، وقام بتشميع المنزل المكون من خمسة غرف وتوابعها والمخازن أيضًا، حيث تم إغلاقه لمدة ثماني سنوات، بعدها قامت العائلة بإستصدار قرار بفتح المنزل.

وصية أم

تقول والدة الأسير:" يجب أن يهتم المفاوض الفلسطيني بقضية الأسرى الذين قضوا زهرة شبابهم في السجن، لقد قدم المفاوض الفلسطيني كثيرًا للاحتلال الإسرائيلي، مقابل عدم تنازل الجانب الإسرائيلي عن أي شيء يتعلق بحقوق شعبنا، ورغم ذلك لم نشهد طوال عمرنا أي تغيير أو انفراج بوضعنا، ولم يتم منح شعبنا الفلسطيني أي حق. "

التعليقات