بهيئة موسعة من 9 قضاة: العليا الإسرائيلية تنظر في قانونية جدار "حاضن القدس"

"الحكومة الاسرائيلية التي فشلت في توفير خدمات ملائمة للسكان في القدس الشرقية على مدى 38 عاماً من الاحتلال تدعي الآن أنها ستوفر هذه الخدمات على المعابر خلال 27 يوما"

بهيئة موسعة من 9 قضاة: العليا الإسرائيلية تنظر في قانونية جدار
قال المحامي محمد دحلة، محامي الملتمسين الفلسطينيين في عدد من القرى الفلسطينية ضد جدار الفصل العنصري الذي يبنى في القدس ومحيطها، أن المحكمة العليا الإسرائيلية استمعت يوم امس الى الالتماسات التي قدمت من قبله ومن قبل المحامية فاطمة العجو من جمعية حقوق المواطن ضد الجدار المذكور بهيئة موسعة من تسعة قضاة، وانها ستصدر قرارا" مفصليا" في قانونية هذا الجدار في غضون الشهر المقبل.

وقال دحلة ان ادعاءات الملتمسين تركزت في قرار الحكومة الاسرائيلية الصادر في العاشر من تموز الماضي بشأن استكمال بناء الجدار حول القدس، وتوفير خدمات للمواطنين المقدسيين الذين سيبقون خلف الجدار في منطقة الضفة الغربية من خلال مكاتب حكومية يتم افتتاحها على المعابر المؤدية الى المدينة.

وقد اكد دحلة أن قرار الحكومة الاسرائيلية ما هو الا ذر للرماد في العيون ويهدف الى تضليل المحكمة لايهامها ومعها الملتمسون بأنها تعمل على ايجاد الحلول للسكان الذين سيبقون خلف الجدار.

وقال دحلة للمحكمة "الحلول المقترحة من قبل الحكومة تقترح تحويل السكان خارج الجدار الى سكان بريد يتلقون الخدمات الحكومية بواسطة البريد بعد ان قررت الحكومة الاسرائيلية افتتاح فروع للبريد في المعابر تقدم الخدمات المختلفة للسكان، وكذلك الامر بالنسبة لمكاتب التأمين الوطني والداخلية وسلطة السير والمواصلات".

وأضاف " بعد ان كانت علاقة السكان الفلسطينيين بمدينتهم المقدسة متواصلة بشكل يومي فإن الحكومة الاسرائيلية تقترح ان تكون هذه العلاقة من خلال البريد !!

وشدد دحلة امام المحكمة على ان "الحل البريدي" هو وهم، وانه طرح مستهجن جدا، مشيرا في هذا الصدد الى "ان الحكومة الاسرائيلية التي فشلت في توفير خدمات ملائمة للسكان في القدس الشرقية على مدى 38 عاماً منذ الاحتلال عام 1967، حيث المكاتب المكتظة وغير الملائمة في القدس الشرقية وطوابير السكان امام هذه المؤسسات تدعي الآن أنها ستوفر هذه الخدمات على المعابر خلال 27 يوما، وفي اطار الموازنات المقرة للوزارات المختلفة ".

وأضاف " قرار الحكومة الاسرائيلية لا يفي بالحد الادنى من متطلبات السكان، كما انه سيشكل مساسا بالنسيج الاجتماعي للسكان وبحقوق الانسان الفلسطيني لأن الجدار سيغلق المدينة امام المواطنين سواء حملة هوية القدس او هوية الضفة الغربية، وهذا يعني تغيير في الوضع الديمغرافي في المدينة".

وعلى هذا الاساس، طالب دحلة اعتبار الجدار غير قانوني لأنه يتناقض مع القانون الدولي، ولا يوازن بشكل متلائم ما بين المصالح الامنية الاسرائيلية ومصالح السكان كما قررت سابقا المحكمة العليا نفسها، ويمس بحق السكان في العيش حياة طبيعية وكريمة في المدينة.

وقال دحلة انه تم عرض مسار بديل للجدار من قبل مجلس السلام والامن الاسرائيلي، وبموجب هذا المسار فان الجدار يبنى على اساس ديمغرافي بحيث يفصل الفلسطينيين عن الاسرائيليين في القدس، ويبقي الاحياء الفلسطينيية متصلة ومفتوحة فيما بينه وكذلك متصلة مع البلدة القديمة مما يسمح لاي فلسطيني في جميع انحاء الضفة الغربيه من الوصول الى القدس والى الاماكن المقدسة فيها.

وقال دحلة " جرى حديث معمق في هذا الموضوع، الا ان بعض القضاة اعربوا عن عدم قدرتهم على تبني الجدار بالمسار الذي يقترحه مجلس السلام والامن، لأنه يعني تقسيم القدس، معتبرين ان هذا قرار سياسي وليس من حق المحكمة اتخاذ مثل هذا القرار".

كما شدد دحلة امام المحكمة على ان ادعاءات النيابة العامة الاسرائيلية بأن الجدار مقام على الحدود هو ادعاء خاطىء ومضلل، اذ انه ليس هناك حدود اصلا لاسرائيل في أية وثيقة اسرائيلية لا في وثيقة الاستقلال ولا في اي قانون اساس ولا حتى في قانون عادي. بالاضافة لذلك فان الوقائع مخالفة لهذا الادعاء، حيث ان اسرائيل تنوي بناء 4 كيلومترات فقط من الجدار حول القدس والبالغ طوله 130 كم على حدود بلدية القدس كما حددتها اسرائيل بعد احتلال القدس عام 1967. وقال" 3% فقط من مسار جدار حاضن القدس مقامة على حدود البلدية، أما الـ97% المتبقية فانها غير مقامة على حدود البلدية، وانما تضم مستوطنات مثل بسغات زئيف ومعاليه ادوميم وادم وغيرها".

كما اكد دحلة ان حدود بلدية القدس الغربية ليست حدودا، لاسيما وانها مفروضة من جانب اسرائيل وليس معترفا بها من قبل الفلسطينيين او المجتمع الدولي، كما ان اسرائيل نفسها لا تتعامل معها كحدود حتى على المستوى السياسي عندما وافقت في اتفاق اوسلو على ان وضع القدس يبحث في الحل النهائي، بمعنى انها قابلة للتفاوض فضلا عن مشاركة سكان المدينة في الانتخابات الفلسطينية في العام 1996 وفي الانتخابات الرئاسية الاخيرة قبل عدة اشهر، فيما لا يصوت سكان القدس في انتخابات الكنيست الاسرائيلية، ما يدلل على وضع المدينة الخاص.

وقال دحلة إن النيابة العامة الاسرائيلية ابلغت المحكمة العليا الاسرائيلية، امس، أنها تنوي تشغيل معبر قلنديا الجديد بدءاً من الاول من ايلول المقبل، الا انه على الرغم من تشغيل هذا المعبر، فإنه لن يتم اغلاق الفتحات القائمة في الجدار على طول الطريق بين ضاحية البريد وقلنديا حتى شهر تشرين الثاني المقبل، في حين بقي الأمر الاحترازي بمنع بناء الجدار في منطقة ضاحية البريد قائماً لحين صدور قرار آخر عن المحكمة.

واشار دحلة الى انه استنادا لقرار صدر عن المحكمة العليا الاسرائيلية، امس، فانه لن يكون بامكان الحكومة الاسرائيلية استكمال بناء الجدار حول القدس حتى الاول من ايلول المقبل، كما قررت الحكومة الاسرائيلية سابقا، اذ ان المحكمة طلبت من النيابة العامة الرد خطياً في غضون 14 يوما على ادعاءات السكان الفلسطينيين بأن الوعود الحكومية الاسرائيلية لا تفي باحتياجاتهم، ولا توفر نسيجا حياتيا مترابطا مع القدس، وايضا تأكيدات السكان بأن الجدار غير قانوني وغير متوازن.

وقال دحلة "سيكون بإمكاننا تقديم ردنا على ادعاءات النيابة العامة الاسرائيلية خلال 14 يوما من تقديم النيابة ردها الخطي، ومن ثم سيكون بإمكان المحكمة العليا اتخاذ القرار ما لم تقرر انها تحتاج لمداولات اضافية، وعليه فانه عمليا لن يكون بامكان الحكومة الاسرائيلية استكمال بناء الجدار حول القدس، في الموعد الذي حددته الحكومة الاسرائيلية لنفسها لانهاء بناء الجدار وهو الاول من ايلول المقبل".

وعملياً، فإن تشغيل معبر قلنديا الجديد قبل استكمال بناء الجدار حول القدس، وابقاء الفتحات القائمة في الجدار مفتوحة، انما يعني أن المعبر الجديد سيستبدل فقط الحاجز القائم حاليا، فيما لن تتم ازالة الحواجز الاخرى المؤدية الى القدس مثل ضاحية البريد وعطاروت لحين استكمال بناء الجدار، وقال دحلة " قالت النيابة العامة الاسرائيلية للمحكمة انه حتى شهر تشرين الثاني من العام الحالي فإنه لن يتم اغلاق الفتحات في الجدار، وذلك لاتاحة فرصة اكبر لتطبيق قرار الحكومة الاسرائيلية وما اسموه التخفيف من معاناة المواطنين".


التعليقات