بتسيلم: الاحتلال ينتهك حق الفلسطينيين بالمياه

أوضح هذا الواقع مدى سيطرة إسرائيل في جميع أنحاء الضفة الغربية، بدءا بالمناطق المعرفة كمنطقة C، حيث تفرض إسرائيل على السكان العيش في ظروف لا تطاق.

بتسيلم: الاحتلال ينتهك حق الفلسطينيين بالمياه

(أ.ف.ب)

 

قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة 'بتسيلم'، إن شركة '“مكوروت”' الإسرائيلية قلصت في مطلع شهر حزيران/يونيو الماضي (خلال شهر رمضان)، كمية المياه التي تزودها لعدد من البلدات الفلسطينية شمال الضفة، مشيرة إلى أن هذه البلدات عانت طيلة الصيف، ولا تزال تعاني اليوم أيض، من نقص خطير في المياه.

وجاء في تقرير 'بتسيلم' تحت عنوان 'مياه منهوبة'، اليوم الثلاثاء، أن إسرائيل 'تنتهج هذه السياسة كل صيف، بدرجات متفاوتة، وتفرض على عشرات آلاف الأشخاص الاكتفاء بكمية من المياه لا تلبي احتياجاتهم الأساسية. وأنه حتى قبل التقليص، كانت كمية المياه التي أتيحَت لهم، مثل معظم سكان الضفة الفلسطينيين، أقل بكثير من تلك المتاحة للمواطنين الإسرائيليين، وحتى من الاستهلاك الأدنى الموصى به من قبَل منظمة الصحة العالمية، التابعة لهيئة الأمم المتحدة”.

وبحسب التقرير، فإن 'تقليص تزويد البلدات الفلسطينية بالمياه، الذي تنتهجه شركة '“مكوروت”' كل صيف، هو عامل واحد بين عدة عوامل في أزمة المياه المتواصلة الذي يعانيها سكان الضفة. ومن ضمن العوامل الإضافية، نقل السيطرة على موارد المياه المشتركة إلى أيدي إسرائيل، التقسيم غير العادل لحقوق استخدام تلك الموارد، الصعوبات التي تراكمها إسرائيل أمام الفلسطينيين لعرقلة تطوير بنىً تحتية للمياه، هدم البنى التحتية القائمة ومصادرتها، تقييد الوصول أو منع الوصول إلى موارد المياه المحلية مثل الينابيع والآبار وآبار تجميع مياه المطر، ومواصلة سياسة تفضيل المستوطنين في إمداد المياه”.

وتابع التقرير: 'استولت إسرائيل على موارد المياه في المنطقة مع احتلال الضفة الغربية عام 1967 وتديرها منذ ذلك الحين كما يحلو لها. وفقا لاتفاقية 'أوسلو 2' بقيت السيطرة على موارد المياه في أيدي إسرائيل؛ وكان يُفترَض أن تسري الاتفاقية لمدة خمس سنوات فقط، ولكنها ظلت سارية حتى اليوم. حددت الاتفاقية قسمة غير عادلة لموارد المياه، بحيث تستخدم إسرائيل 80% منها، ويستخدم الفلسطينيون الـ20% المتبقية. كما تقرر أن تبيع إسرائيل للفلسطينيين 31 مليون كوب إضافية سنوي، لإكمال تلبية احتياجات السكان”.

وأضاف التقرير: 'كما حددت هذه الاتفاقيات أن يقوم الفلسطينيون بعمليات تنقيب عن المياه مستقلة وجديدة، ولكن ذلك لم يتم، إذ من جهة عرقلته إسرائيل بطرق شتى مثل التعطيل المتواصل والامتناع عن المصادقة على المشاريع، التعطيل المستمر والامتناع عن المصادقة على المشاريع. ومن جهة أخرى هناك صعوبات تقنية رغم الدعم الدولي، وديمغرافي، تضاعف المجتمع الفلسطيني (تقريب) منذ التوقيع على هذه الاتفاقية، ورغم ذلك فإن الفلسطينيين لا يمكنهم استغلال أكثر من 14% من موارد المياه المشتركة (103 مليون متر مكعب سنوي). ومن ضمن أسباب ذلك: تقديرات مبالغ فيها لكمية المياه المتوفرة في الأماكن المخصصة للفلسطينيين؛ محدودية مردود المياه من آبار التنقيب القديمة؛ العقبات التي تراكمها إسرائيل أمام تنقيبات جديدة، النقص في الاستثمارات؛ واستغلال إسرائيل 86% من موارد المياه، أي 6% أكثر من حصتها المحددة في الاتفاقيات. نتيجة لكل ما ذُكر، كمية المياه التي تضطر السلطة الفلسطينية إلى شرائها من شركة “مكوروت” الإسرائيلية أكثر تلك المحددة في الاتفاق بمرتين ونصف”.

ووفق معطيات سلطة المياه الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الواردة في التقرير، فإن السلطة الوطنية الفلسطينية تشتري من شركة “مكوروت” الإسرائيلية نحو 63 مليون كوب سنوي، يخصص منها لمنطقة الضفة 60 مليون كوب، وتشكل 36.6% من استهلاك المياه الفلسطيني هناك، ويتبقى نحو 3 مليون كوب يتم نقلها إلى قطاع غزة.

وتزويد البلدات الفلسطينية في الضفة بالمياه يتم بواسطة وصلات ثانوية لبرك المياه المناطقية لشركة “مكوروت” توجد داخل المستوطنات، ومنها إلى برك مياه محلية. ونحو ثلث كمية المياه التي تصل إلى الضفة يتسرب ويضيع هباءً، نظر لتردي حالة بنى تدفق المياه بين البلدات في الضفة وحالة شبكات المياه في المدن والقرى الفلسطينية؛ ومن أسباب ذلك رفض إسرائيل المصادقة على مشاريع ترميم الشبكة.

وأورد التقرير أن حصة المياه المزودة للبلدات الفلسطينية تظل ثابتة ولا ترتفع لتناسب الطلب، وذلك بعكس المستوطنات، إذ يحصل سكانها على المياه وفق للطلب والاستهلاك.

وتابع: 'إضافة إلى ذلك، وكما ذكر أعلاه، تقلص شركة “مكوروت” حصة البلدات الفلسطينية خلال أشهر الصيف عندما يزداد الطلب في المستوطنات، كما وُصف في مقاله نشرته صحيفة' هارتس' العبرية في يونيو/حزيران الماضي، وتقليص الإمداد لهذه البلدات يتسبب في انخفاض كبير بضغط المياه في الأنابيب، فتضطر السلطات المحلية الفلسطينية إلى تقنين استهلاك المياه، بحيث تزود حارة واحدة كل يوم، فيما الحارات الأخرى تظل بلا مياه”.

وأكد التقرير، 'أن انتهاك حق الفلسطينيين في الحصول على المياه، والصرف الصحي والمستوى المعيشي اللائق يتضح بشكل واضح لدى مقارنة معطيات استهلاك المياه عند السكان الفلسطينيين، والسكان الإسرائيليين”.

ووصل متوسط استهلاك المياه لأغراض منزلية وتجارية وصناعية (لا يشمل الزراعة، وبخصم الإهلاك) في الضفة الغربية عام 2014 إلى نحو 79 لتر في اليوم للفرد الواحد، وفقا لمعطيات سلطة المياه الفلسطينية. وهذه الكمية أقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به من قبَل منظمة الصحة العالمية، وهو 100 لتر في اليوم لكل فرد للاستخدامات الشخصية والمنزلية فقط. وحيث يشمل المعطى الاستخدامات التجارية، فإن الاستهلاك الشخصي للفرد الواحد هو أقل بكثير من 79 لتر. وفي المقابل، تفيد معطيات سلطة المياه الإسرائيلية بأن متوسط استهلاك المياه في إسرائيل للاستخدامات المنزلية والتجارية والصناعية بلغ عام 2014 ما يقارب أربعة أضعاف الاستهلاك الفلسطيني - نحو 287 لتر في اليوم للفرد الواحد.

ووفقا لتقرير 'بتسيلم'، فإن المعطيات الإجمالية لمتوسط استهلاك المياه في الضفة لا تعطي بالطبع صورة كاملة عن أزمة المياه فيها، فهناك تبايُن كبير في حجم تزويد المياه لمختلف المناطق والبلدات في الضفة، فأول تأتي في الصدارة المدن والبلدات المتطورة، حيث تتوفر شبكة تزود المياه للمنازل، على الأقل في جزء من ساعات النهار، وحيث وتوجد طرق معبدة تتيح نقل المياه في صهاريج من مصادر بديلة مثل الينابيع وآبار التنقيب الفلسطينية عندما تقلص إسرائيل تزويد المياه للبلدات الفلسطينية. وتأتي ثاني قرى لديها شبكة مياه في الواقع، ولكن نظر لتكاليف النقل وظروف الطرق الصعبة، فإن نقل المياه إليها في حال تقليص الحصة المزودة أمر صعب ومكلف، وثالث في أسفل الترتيب عشرات البلدات التي لا تسمح إسرائيل بربطها بشبكة المياه، وفي أحيان كثيرة أيض يكون تكون طرق الوصول إليها وعرة أو مشوشة، ما يرفع تكلفة المياه المنقولة، إضافة إلى منع إسرائيل الوصول إلى موارد المياه الطبيعية في قسم كبير من البلدات، وتدمير ومصادرة خزانات جمع مياه الأمطار والمياه المنقولة.

وتبين في مسح أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عام 2013، أن 180 بلدة في أرجاء الضفة الغربية لم تكن مرتبطة بشبكة المياه، حتى تاريخه، ويعيش في هذه البلدات نحو 30 ألف شخص، معظمهم في مناطق معرفة كمنطقة C، وهذه البلدات تعاني ليس فقط ما ذُكر من قيود على تطوير البنى التحتية، فهي تعاني أيض جراء الاستيلاء على موارد المياه الطبيعية التي اعتمدت عليها طيلة سنين، ومنعها من الوصول إليها، بما في ذلك آبار المياه وبرك الينابيع.

وبين التقرير أن كل هذا يحدث في إطار جهود السلطات الإسرائيلية لطرد سكان التجمعات من منازلهم. فالآلاف من سكان هذه التجمعات يستهلكون بالمعدل فقط 20 لتر في اليوم للفرد الواحد. يدفع سكان هذه التجمعات مقابل المياه المنقولة في صهاريج حتى 400 % من سعر المياه المزودة عبر الأنابيب، وفي حالات كثيرة تكون الظروف الصحية في صهاريج نقل المياه متردية بحيث تصبح المياه غير آمنة للشرب.

اقرأ/ي أيضًا| 'بتسيلم': الاحتلال ضاعف وتيرة هدم بيوت الفلسطينيين بالضفة

وأوضح هذا الواقع مدى سيطرة إسرائيل في جميع أنحاء الضفة الغربية، بدءا بالمناطق المعرفة كمنطقة C، حيث تفرض إسرائيل على السكان العيش في ظروف لا تطاق، وذلك من خلال منع تطوير البنى التحتية بذرائع إدارية؛ وانتهاءً بالمدن الكبيرة الخاضعة تمام للسلطة الوطنية الفلسطينية من الناحيتين الأمنية والمدنية، فحتى هنا تُملي إسرائيل تفاصيل الحياة اليومية من خلال منع الحصول على المياه الكافية للأغراض المنزلية والتجارية والصناعية.

 

 

التعليقات