الخليل: كهوف تحتضن أسر فلسطينية في خربة المفقرة

أكد فضل حمامدة، لـ"عرب 48"، أن "الكهف يحتضن 13 فردا في ظروف قاسية جدا، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا مقومات حياة على الإطلاق".

الخليل: كهوف تحتضن أسر فلسطينية في خربة المفقرة

مجموعة صور خاصة التقطت بعدسة "عرب 48"

عند دفع الباب المتهالك ذي الأصوات القاسية، يتسلل ضوء خافت إلى قلب الكهف الواقع في خربة المفقرة، جنوب بلدة يطا قضاء الخليل، والذي لا تستطيع أن تلمس أشياءه ومحتوياته، فالمشاهد بداخله قاتمة، وكأن سواد الليل استوطنه وللأبد.

بالكاد استطعت التقاط أنفاسي، كلما تعمقت بالدخول في جوف الكهف، فالأكسجين لا يجد له سبيلا هناك، ونسبة الرطوبة عالية والمقومات معدومة، والصخور القاسية قد تتهاوى في لحظة غضب على رأس ساكنيه في أي وقت، وظننت أنني قد أفقد الحياة لوهلة، فانسحبت من المكان بهدوء.

وأنا أهم بالخروج نحو الشمس والحياة، لفت نظري خيوط العناكب المتشعبة، والتي ترسم بقوة حكاية قهر ممتدة لسنوات طويلة، وأسطورة بقاء وثبات لسكان خربة تعاني 'التهميش' في ظل الحياة القاسية والمعنونة باعتداءات الاحتلال وقطعان مستوطنيه.

بقيت في الخارج أنتظر صاحب الكهف، والذي كان يقود عددا من الصحافيين الذين زاروا المكان بدعوة من وزارة الإعلام، للاطلاع على الواقع المر لأهال لا يزالون يقطنون الكهوف ويتعرضون لممارسات واعتداءات متواصلة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه.

وقف وعيناه تصعدان وتهبطان نحوي في إشارة إلى أنه مل الحديث والشرح ولا يبغي الكلام، وقال بصوته الخشن إن الصورة التي رصدتها وزملائي أبلغ من أي كلام، وإن عدم تمكني من المكوث في الكهف هي أقوى رسالة للتأثير على كل من يهمه أمرنا من الشخصيات المعنية والمؤسسات التي تزورنا دون إحداث أي تغيير أو تأثير يذكر.

وتحت إلحاحي بالحديث، أكد فضل حمامدة، لـ'عرب 48'، أن 'الكهف يحتضن 13 فردا في ظروف قاسية جدا، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا مقومات حياة على الإطلاق'.

وأضاف: 'قمت ببناء غرفتين للعيش، لكن جيش الاحتلال سلمنا إخطارات عسكرية بالهدم، والهدف الاحتلالي هو تهجيرنا من أرضنا'.

وتساءل: 'لمن ومن من أطلب أن يساعدنا، فاعتداءات الاحتلال متكررة بشكل يومي، رعاة الأغنام يجري اعتراضهم وتهديدهم حيث يتم منعهم من الوصول للمراعي، حيث أصبحت الثروة الحيوانية مهددة'.

من جهتها، تطرقت خضرة فضل والتي تحتضن 4 بنات وولدين، وتقطن أحد الكهوف المجاورة إلى قسوة العيش في الكهوف وبيوت الشعر في فصل الشتاء تحديدا.

وقالت فضل، لـ'عرب 48'، إن 'لا تتوفر عندنا المياه والكهرباء، ولا توجد عيادة صحية'، وصاحت 'بدنا نعيش زي الخلق'.

وأكدت أن 'المستوطنتين المحيطتين بالخربة، شمالا وجنوبا، تشكلان عقبة وخطرا كبيرا على حياة أهالي المقفرة'، مشيرة إلى اعتدائهم عليها خلال قيامها برعي المواشي.

وحذرت من خطورة المستوطنين على حياتهم والذين يتجولون تحت حماية جيش الاحتلال لمنعهم من التجول والرعي.

وطالبت الجهات المعنية بضرورة رصد معاناتهم وأوضاعهم الصعبة والقاسية والعمل على توفير المتطلبات الضرورية للحياة وأهمها المياه.

بدوره، استعرض الحاج حسين محامدة (75 عاما) خلال حديثه، لـ'عرب 48'، الاعتداءات المتكررة لجيش الاحتلال وقيامهم بالهدم المستمر لممتلكاتهم وبركساتهم وبيوت الشعر، وإخطارهم بعدم البناء والتوسع بحجة أن الخربة تقع ضمن مناطق (C) ويحظر عليهم البناء والتوسع.

إلى ذلك، تعتبر خربة المفقرة، جنوب يطا، إحدى القرى الثماني في منطقة مسافر يطا المستهدفة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه والمهددة بالهدم والترحيل.

ويعمل أهالي خربة المقفرة التي يبلغ عدد سكانها 400 نسمة في تربية المواشي والزراعة، حيث تبلغ مساحتها 150 دونما.

وتحيط بالخربة مستوطنة 'ماعون' شمالا والتي أقيمت عام 1982 بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية المقامة على أراضي منطقة أم العرايس بالجنوب.

وقال رئيس بلدية يطا، المحامي موسى مخامرة، لـ'عرب 48' إن 'الخربة تعرضت لعدة هجمات احتلالية، حيث جرى هدمها في السابق لأكثر من 20 مرة، فيما قام الأهالي بمواجهة اعتداءات وممارسات جيش الاحتلال ببناء ما تم هدمه بالطين والشوادر فيما لا يزال أهالي الخربة يقطنون الكهوف لإيواء أبنائهم وعائلاتهم'.

وأوضح أن 'الاعتداء والهدم يطال بيوت الشعر والبركسات والغرف والمساكن كافة حتى لو كانت من طين'.

وأشار إلى الحياة البسيطة والقاسية التي يعيشها أهالي المقفرة والتي لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة الضرورية.

اقرأ/ي أيضًا | أريحا: حياة "الفصايل" القاسية في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه

وأكد على صعوبة وصول طلبة المقفرة للمدرسة المجاورة لخربتهم والواقعة في بلدة لتواني، حيث يضطرون للسير مشيا على الأقدام حوالي 5 كيلو متر للوصول للمدرسة.

التعليقات