إحياء الملف الإيراني لبلورة حلف عربي إسرائيلي ودفن القضية الفلسطينية

عوضا عن اصطفاف الدول العربية وإيران ضد إسرائيل، تصطف الدول العربية وإسرائيل ضد إيران، ونقل الصراع من صراع عربي/ إيراني - إسرائيلي، الى صراع سني/إسرائيلي- شيعي، تضيع فيه القضية والحقوق الفلسطينية ويدفن ملفها

إحياء الملف الإيراني لبلورة حلف عربي إسرائيلي ودفن القضية الفلسطينية

لطالما رفض الفلسطينيون المفاوضات المباشرة والحلول المنفردة مع إسرائيل، وآثروا الحل الإقليمي الذي يجمع جميع أطراف النزاع، بما فيها الطرف السوري تحت مظلة دولية، إلى أن وقعوا في شبكة مسار أوسلو السري، الذي أخرجهم من مفاوضات واشنطن التي نتجت عن مؤتمر مدريد، والتي وضع رئيس الوفد الفلسطيني في حينه د. حيدر عبد الشافي وقف الاستيطان عقدة في منشارها.

خروج الجانب الفلسطيني بالطريقة التي خرج بها، أغضب الأطراف العربية المشاركة في المفاوضات، وبخاصة الطرف السوري، وأفشل الحل الإقليمي على حساب صفقة ثنائية نتج عنها اتفاق أوسلو المرحلي وتبعاته. وغني عن البيان أن إسرائيل كانت المعني الأكبر بفصل المسارين السوري والفلسطيني، والانفراد بالفلسطينيين سرا، إضافة إلى التخلص من وفد واشنطن، ورئيسه حيدر عبد الشافي الذي رفض المساومة على وقف الاستيطان.

ومن المفارقات أن إسرائيل ذاتها التي هربت، في حينه، من استحقاقات الحل الإقليمي إلى المفاوضات الثنائية، تسعى اليوم إلى الهروب من استحقاقات المفاوضات الثنائية إلى الحل الإقليمي، مستغلة تحييد سورية ونكوص مصر والهاجس السعودي من النووي الإيراني، وتورط حكامها في الصراعات الإقليمية.

إسرائيل تراهن على أن الخلاف الإيراني السعودي، حول قضايا ومستقبل المنطقة، والذي يأخذ بعدا مذهبيا يخلق تحالفا موضوعيا بينها وبين السعودية وحلفائها ضد إيران، وهي تراهن على معاودة ترامب النفخ في الملف الإيراني الذي تم طيه في عهد أوباما بما لا يرضي إسرائيل والسعودية أيضا، وأن إعادة فتح هذا الملف من قبل إدارة ترامب سيعزز من التقارب السعودي الإسرائيلي ودول المحور العربي المتنازع مع ايران، ناهيك عن أن عودة هذا الملف إلى الواجهة سيزيد من تهميش الموضوع الفلسطيني الذي دفعت به تفاعلات قضايا المنطقة العربية وحروبها الداخلية إلى زاوية الأحداث.

في ضوء ذلك، فإن الكشف عن قمة إقليمية مصرية إسرائيلية أردنية، جرت في العام الماضي، برعاية أميركية لم يكن مستغربا، وإنما اللافت أن القمة بحثت موضوع عقد مؤتمر إقليمي للسلام، بمشاركة السعودية ودول خليجية أخرى وموافقة إسرائيل على الإعلان عن توجه إيجابي لمبادرة السلام السعودية من سنة 2002، واستعدادها لإدارة مباحثات سلام مع الدول العربية حول مركباتها، مقابل دعم ونشطة من قبل دول عربية في مبادرة سلام إقليمية، بما في ذلك مشاركة مندوبين كبار من السعودية والإمارات ودول 'سنية' إضافية في مؤتمر علني ومكشوف بمشاركة نتنياهو.

طي الملف الإيراني، كان، على ما يبدو وراء، إضعاف الحلف العربي الإسرائيلي الذي كان آخذا بالتبلور، ولا عجب أن يخرج عن قمة ترامب- نتنياهو التي بحثت إعادة فتح الملف الإيراني مجددا، يخرج عنها الحديث عن صفقة إقليمية، فالطرفان الإسرائيلي والأميركي يسعيان، ويتوقعان تنازلات عربية جدية في الملف الفلسطيني، مقابل تحالف إسرائيلي عربي تقوده أميركا في الملف الفلسطيني.

من هنا، فإن إسرائيل الفرحة بتشييع حل الدولتين والحصول على شرعية أميركية لضم ما تريد من أراضي الضفة الغربية المحتلة، واختيار ما يحلو لها من حلول دون شروط، دولة واحدة أو دولتين أو صيغة أخرى، بلسان ترامب، سوف تكون أسعد بإعادة فتح الاتفاق النووي الإيراني كما يسعى ترامب، لتحقق من خلاله خلق وتعزيز اصطفافات جديدة في المنطقة لا يقف في محورها الموقف من القضية الفلسطينية وإسرائيل، وتقلب معادلة التحالفات. فعوضا عن اصطفاف الدول العربية وإيران ضد إسرائيل، تصطف الدول العربية وإسرائيل ضد إيران، ونقل الصراع من صراع عربي/ إيراني - إسرائيلي، الى صراع سني/إسرائيلي- شيعي، تضيع فيه القضية والحقوق الفلسطينية ويدفن ملفها. 

التعليقات