هل يكون تعزيز الاقتصاد الفلسطيني هربا من الاستحقاق السياسي؟

يبدي مبعوث الرئيس الأميركي لعملية السلام، جيسون غرينبلات، اهتماما خاصا بالوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل خاص، وذلك في إطار الأولوية التي يعطيها لتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة والقطاع.

هل يكون تعزيز الاقتصاد الفلسطيني هربا من الاستحقاق السياسي؟

يبدي مبعوث الرئيس الأميركي لعملية السلام، جيسون غرينبلات، اهتماما خاصا بالوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل خاص، وذلك في إطار الأولوية التي يعطيها لتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة والقطاع.

ويلتقي غرينبلات الذي يعكس سياسة إدارة ترامب في توجهه هذا مع رؤية حكومة نتنياهو المعروفة بالسلام الاقتصادي، التي تسعى إلى الهروب من استحقاقات العملية السياسية من خلال إلهاء الفلسطينيين ببعض الامتيازات الاقتصادية، وهي سياسة تلاقي بعض النجاحات في الضفة الغربية، ويريد غرينبلات تعميمها على قطاع غزة، كما يبدو، لكنه كرر أكثر من مرة أن تحسين الأوضاع الاقتصادية ليس بديلا للعملية السياسية أو السلام.

ونقلت صحيفة 'هآرتس' في الأسابيع الأخيرة عن جهات إسرائيلية وأميركية على صلة، أن الموضوع يحتل أولوية كبيرة لدى غرينبلات، الذي تطرق للوضع في قطاع غزة منذ جولة محادثاته الأولى مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في القدس قبل شهر، ومرة أخرى قبل ثلاثة أسابيع، أثناء زيارة مستشاري نتنياهو في البيت الأبيض.

وكان موضوع الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة يطرح منذ تسلم غرينبلات منصبه في جميع اللقاءات بينه وبين إسرائيل والفلسطينيين والعرب، كما ورد أيضا في كل إعلان لوسائل الإعلام من قبل إدارة ترامب عن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

أحد اللقاءات الأولى، كان مع عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين الذين وصلوا إلى واشنطن، بعد أداء ترامب ليمين القسم بأيام قليلة، بهدف الاطلاع على موقف الإدارة الجديدة من الموضوع الفلسطيني، وجزء كبير من اللقاء بين غرينبلات ووزير التربية والتعليم ورئيس 'البيت اليهودي'، نفتالي بينيت، في واشنطن في الأسبوع الماضي، تناول الاقتصاد الفلسطيني.

التقى غرينبلات خلال الأسبوع الماضي في واشنطن مع نائب الوزير الإسرائيلي مايكل أورن، وهو المسؤول من قبل نتنياهو عن إعمار البنى التحتية في غزة بالتعاون مع المجتمع الدولي، كما ناقش الوضع الإنساني في غزة مع عدد من وزراء الخارجية العرب الذين التقى معهم على هامش قمة الجامعة العربية في عمّان.

غرينبلات كان قد التقى أيضًا خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية وبناء على طلبه، مع عدد من مواطني قطاع غزة، وصفهم بأنهم يمثلون جميع شرائح السكان في القطاع، خلص في نهايته إلى نتيجة مفادها أنه 'يمكن إيجاد حلول للتحديات الإنسانية، وفي الوقت ذاته الاهتمام بأمن إسرائيل'، على حد تعبيره.

وطرح غرينبلات خلال لقائه مع منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، الجنرال يوآف مردخاي، مسألة الصعوبات التي يعاني منها سكان غزة المرضى بأمراض مزمنة، والذين بحاجة للخروج إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي، إلى جانب الوضع الإنساني البائس وخطر اندلاع مواجهة جديدة.

وأشار مسؤول إسرائيلي التقى بغرينبلات إلى أن المبعوث الأميركي يريد القيام بخطوات في غزة لإحداث تغيير إيجابي في الوضع الاقتصادي ومستوى الحياة في المدى القريب، والقيام بمشاريع تتعلق بالبنى التحتية لمنع انهيار القطاع بشكل كامل على المدى البعيد. وبحسب أقوال هذا المسؤول، فإن غرينبلات يعتقد أن خطوات كهذه من شأنها خلق الاستقرار في غزة، ومنع أو تقليص استعداد حماس للذهاب إلى جولة عنف أخرى ضد إسرائيل.

وفي السياق ذاته، عبر المبعوث الأميركي عن إعجابه الكبير بخطة وزير المواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس المتعلقة بإقامة جزيرة اصطناعية وميناء بحري في غزة. وأعرب عن استعداده لتجنيد الرئيس ترامب والإدارة الأميركية من أجل تطوير هذا المشروع، كما نقل الوزير كاتس الذي انضم لاجتماع نتنياهو مع غرينبلات خلال جولته الأخيرة للمنطقة.

وقال كاتس، إنه عرض على غرينبلات مبادرته المسماة 'خطة الجزيرة – الانفصال' في غزة، التي يسعى إليها منذ سنوات.

يشار إلى أن موضوع إقامة الجزيرة كان قد طرح أكثر من مرة في جلسات 'الكاببنيت' الإسرائيلي في السابق، لكن لم يتم مناقشته بشكل جدي، علما أن ضباط رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي يؤيدون الفكرة التي يعارضها وزير الامن ويتحفظ عليها 'الشاباك' ولا يظهر نتنياهو أي حماس تجاهها، بحسب صحيفة 'هآرتس'.

وبالمحصلة، فإن الجهود الأميركية الإسرائيلية ستنصب على ما يبدو في المرحلة المقبلة على صيانة الوضع الفلسطيني الراهن، والحؤول دون وقوع انفجارات متوقعة في الضفة وبشكل خاص في القطاع، الذي يعاني من أزمة إنسانية خانقة، وهو ما يتطلب معالجة سريعة تسهل إدامة الوضع على ما هو عليه لسنوات مقبلة، لن تجلب معها أكثر مما تحمله إدارة ترامب وعصر نتنياهو من بعض الانفراجات الاقتصادية، التي تهدف إلى التغطية على التنصل من أي استحقاق سياسي.

التعليقات