المستوطنون يحكمون في البيت الأبيض وليس في إسرائيل فقط

إدارة الرئيس دونالد ترامب، ليس لديها أي طرح جدي إزاء القضية الفلسطينية باستثناء ما ذكره عن "الصفقة الكبرى"، دون أن يذكر ماهيتها وملامحها، والزيارات التي قام بها مسؤولون أميركيون للمنطقة كانت استكشافية.

المستوطنون يحكمون في البيت الأبيض وليس في إسرائيل فقط

عباس وغرينبلات (أ ف ب)

عشية زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لواشنطن، المقررة الشهر المقبل، عبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، عن تشاؤم الفلسطينيين في تحقيق أي اختراق في الجمود الذي يعتري عملية السلام في عهد الإدارة الأميركية الجديدة. وقالت عشراوي، التي تزور واشنطن، في مقابلة أجرتها معها صحيفة 'الحياة' اللندنية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، ليس لديها أي طرح جدي إزاء القضية الفلسطينية باستثناء ما ذكره عن 'الصفقة الكبرى'، دون أن يذكر ماهيتها وملامحها، مشيرة إلى أن الزيارات التي قام بها مسؤولون أميركيون للمنطقة كانت استكشافية، وهم ما زالوا يدرسون الملف، ويتحدثون عن مسكنات، مثل تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين وتخفيف معاناتهم اليومية، وخفض سقف الاستيطان، دون أن يتناولوا صلب القضية، وإدراك ضرورة التحرك السريع لإنهاء الاحتلال.

وكان لافتا تصريح عشراوي الذي قالت فيه: 'كنا نقول إن هناك مستوطنين في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي يدعمون الصهيونية بشكل أعمى، وكله مجبول بيمين متطرف كاره للفلسطينيين والعرب والمسلمين، لكن اليوم نقول إن هناك مستوطنين في البيت الأبيض'، مشيرة إلى أن الأفراد الذين يشكلون الإدارة، ومن بينهم مستشار الرئيس الأميركي وصهره (جاريد) كوشنير، الذي يدعم الاستيطان والجيش الإسرائيلي بشكل مباشر، وأن 'هذه الإدارة تتبنى الموقف الإسرائيلي المتطرف الذي على يمين رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتانياهو، الداعم المباشر للاستيطان.

ويشير المراقبون إلى أن إدارة ترامب ميزت نفسها عن عقود من السياسة الأميركية المتعلقة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي باتخاذ موقف إيجابي من الاستيطان، عبر إعلانها عن نيتها نقل السفارة الأميركية إلى القدس، الذي اتبع بدعوة زعماء المستوطنين لحفل تنصيب ترامب والاعتراف بهم كطرف شرعي يمكن الأخذ والرد معه حول القضايا ذات الشأن، حيث وصل الأمر بمستشار الرئيس ترامب، جورج بابدوبلوس، إلى الإعلان أن 'الإدارة الأميركية الجديدة تسعى إلى إقامة علاقات جديدة مع يهودا والسامرة'.

باندوبلوس ظهر في شريط فيديو نشرته صحيفة 'جيروزاليم بوست' الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، وهو يردد خلال لقاء جمعه مع رئيس المجلس الاستيطاني 'يشع'، يوسي داغان، 'كان لقاء رائعا ونتمنى للشعب في 'يهودا والسامرة' أن يكون العام 2017 رائعا'، مضيفا نحن 'نتطلع إلى الدخول في علاقة جديدة مع كل إسرائيل، بما فيها يهودا والسامرة التاريخية'.

من جهته قال داغان، إن اللقاء الذي عقد بحضور اثنين آخرين من قادة المستوطنين، جرى على هامش حفل تنصيب ترامب، مشيرا إلى أن الدعوة واللقاء هما خطوة جريئة وجديدة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

يشار أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها مسؤول أميركي كبير تعبير 'يهودا والسامرة' عوضا عن الضفة الغربية، هذا في حين قالت المتحدثة بلسان مجلس المستوطنات، استر ألوش، إن 'أحد المسؤولين الأميركيين الذين التقى بهم داغان في واشنطن قال له: قريبا لن نطلق على المستوطنات تعبير مستوطنات'.

على هذا النسق واصل المبعوث الخاص للرئيس ترامب لعملية السلام، جيسون غرينبلات، الذي سجل سابقة نوعية، عندما أجرى محادثات مع قادة من المستوطنين في إطار لقاءات أجراها حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي خلال زيارته الأخيرة للقدس.

وكان بيان مجلس 'يشع' الاستيطاني، الذي صدر عقب الاجتماع، قد أفاد بأن الاجتماع الذي شارك فيه زعيمان من الحركة الاستيطانية قد يكون أعلى اجتماع رسمي يجريه المجلس، مشيرا إلى أن 'ممثلين عنه سبق أن التقوا وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، وغيره، ولكن تلك اللقاءات تمت على هامش الأحداث، لكن لم تكن لدينا اجتماعات رسمية مثل هذا الاجتماع'. وأضاف: 'لم تجتمع الإدارة السابقة هكذا' بالمستوطنين.

على الجانب الآخر، أثار غرينبلات، الذي التقى بالرئيس عباس الشهر الماضي، جملة من الشروط، في مقدمتها 'وقف العنف ووقف التحريض ووقف دعم أسر الشهداء والمعتقلين، وتوقف دفع الرواتب لهم بادعاء أن ذلك دعما للتحريض وتشجيعا للقيام بعمليات ضد إسرائيل'.

وعشية زيارة عباس لواشنطن، المقررة في الشهر المقبل، لا تلوح في سماء أميركا أي بارقة تبعث الأمل في نفوس الفلسطينيين، الذين لم تسعفهم إدارة متوازنة ورافضة ولو لفظيا للاحتلال والاستيطان، مثل إدارة أوباما، فكم بالحري عندما يجري الحديث عن إدارة يحكم فيها المستوطنون وتعتبر القدس الموحدة عاصمة، وتسمي الضفة الغربية بـ'يهودا والسامرة'.

 

التعليقات