01/08/2015 - 16:02

النسخة الجديدة من مخيم اليرموك تدخل الحصار

أكثر من خمسة آلاف عائلة فلسطينية نزحت من مخيم اليرموك باتجاه بلدة قدسيا بغرب دمشق، فسكنت المساجد أو المنازل التي كان مالكوها قد نزحوا ايضاَ عنها باتجاه العاصمة أو خارج البلاد

النسخة الجديدة من مخيم اليرموك تدخل الحصار

أكثر من خمسة آلاف عائلة فلسطينية نزحت من مخيم اليرموك باتجاه بلدة قدسيا بغرب دمشق، فسكنت المساجد أو المنازل التي كان مالكوها قد نزحوا ايضاَ عنها باتجاه العاصمة أو خارج البلاد. هذه الأسر تعاني اليوم من نقص حاد في الخدمات وتضييق أمني وانتشار للسلاح بين الأحياء ومحيط سكاني حاقد على البلد، وبيئة محلية تمارس تمييزاً ضد الفلسطيني، بالإضافة لإعلان البلدة محاصرة منذ يوم الأربعاء 22 من تموز.

الجندي الضائع

أعلنت قوات النظام السوري، يوم الأربعاء الماضي، أن مجنداً في صفوفها قد اختطف من قبل مسلحين في قدسيا، لتقول فيما بعد إنه نقل إلى الهامة بعد أن قتل، ولأجل ذلك تقرر قطع الطرقات عن البلدتين حتى إشعار آخر، ومنع تنقل السكان، ووقف إدخال الأطعمة والمواد الغذائية، ومنها الطحين، إلى حين تسليم جثة المجند.

بدورهما نفى المجلسان المحليان في قدسيا والهامة، الجهتان اللتان تديران جزئياً الوضع الخدماتي والمحسوبتان على المعارضة، وجود أي جندي مختطف بشكل قاطع، وفق ممثل المجلس المحلي في الهامة عابد الشامي، الذي قال إنه 'لا وجود على الإطلاق لأي جندي مختطف لا لدينا ولا في قدسيا، هذه حجة من قبل النظام لحصار البلدتين، فهو لا يملك خطوطاً حمراء'.

الشتات الثاني

تسبب الحصار الذي لا يزال مفروضاً على مخيم اليرموك في جنوب العاصمة، في تقطيع أوصال العائلات الفلسطينية التي كنت تسكنه، إذ انقسمت العائلات بين من يقيم في المخيم وبين من خرج منه في صباح الحصار، المشهد تكرر لذات العائلات في قدسيا، إذ فرض الحصار عند العاشرة صباحاً، أي بعد ساعات من مغادرة الموظفين والطلاب باتجاه دمشق، ليمنعوا من دخول البلدة من جديد، ما جعل عدداً كبيراً منهم يقيمون عند نقطة التفتيش التابعة للنظام والتي تعرف باسم حاجز السياسية، لساعات منتظرين أن يتم فتح الطريق من دون جدوى.

سالم. س، يبلغ من العمر 35 عاماً، وهو موظف في بنك خاص في دمشق، يقول: 'زوجتي وأولادي في داخل قدسيا، وأنا في دمشق منذ يوم الأربعاء، هم وحدهم في المنزل وتحت الخطر الآن'.

حال سالم أفضل من حال أريج التي تركت رضيعها ابن السبعة أشهر في المنزل، وتوجهت إلى عملها في دمشق 'لا أعرف إن كان يأكل الآن، لا حليب صناعي في قدسيا، ولا أعلم أن كانت هناك نساء مستعدات لإرضاعه، أنا قلقة جداً عليه'.

عدد كبير من العالقين خارج البلدة، اضطروا للتوجه إلى أقارب لهم أو إلى أماكن عملهم لقضاء الليلة تلو الليلة حتى فتح الطرقات المؤدية إلى قدسيا والهامة.

كثير من القامة قليل من الخبز

ما أن أعلن فرض الحصار حتى اختفت المواد الغذائية من أسواق البلدتين، أو أغلقت المحال التجارية، ففترة الحصار ليست بمعلومة بعد، وعادة ما يقوم التجار بالإغلاق الفوري عند كل حصار في كل مناطق البلاد، بغرض رفع الأسعار أو احتكار المواد، فيما توقفت الأفران عن العمل تماماً وفق تنسيقية الهامة التي نشرت صوراً للمخبز الآلي معلنة وقف إنتاجه، فيما نشرت تنسيقية قدسيا صوراً لمكبات القمامة التي تكدست منذ يوم الأربعاء، بعد توقف عمال النظافة عن أداء عملهم.

السيطرة اليوم

بعد أن أعلن وقف إطلاق النار في قدسيا بين النظام والمعارضة المسلحة في ربيع 2013 تحول من تبقى من مقاتلي المعارضة في البلدة إلى 'الدفاع الوطني أو اللجان الشعبية' التي تقاتل إلى جانب النظام، كانت المهمة الموكلة لهؤلاء المسلحين هي 'حماية البلدة' على أن لا تدخل القوات النظامية إلى البلدة أبداً، في ذات التوقيت وصل آلاف من سكان مخيم اليرموك إلى قدسيا التي كانت شبه مهجورة من سكانها، واستأجروا منازل بأسعار مرتفعة أو سكنوا الأبنية التي لا تزال قد الإنشاء وبعضها بدون أبواب.

نقلُ مخيم

تحولت قدسيا منذ ذاك إلى مخيم جديد، العادات والتقاليد وحتى التجارة البسيطة والمقاهي نقلها الفلسطينيون أو نسخوها في البلدة. ووصل معهم نازحون سوريون من مناطق في غرب العاصمة وجنوبها، مثل المعضمية وجوبر ودرايا، إلا أن العدد الأكبر من السكان اليوم هو من الفلسطينيين.

يشكل الفلسطينيون بالنسبة لسكان قدسيا من السوريين أكثر من 45 بالمئة من السكان اليوم، وهي نسبة قريبة مما كان عليه الحال في مخيم اليرموك المحاصر.

نشطت في قدسيا عدة جمعيات ومؤسسات إغاثية تعمل مع الفلسطينيين مثل مؤسستي جفرا ونور للإغاثة والتنمية، ثم افتتحت المدارس الخاصة بالفلسطينيين، لكن السكان الجدد لم يسلموا من ممارسات وقعت بحقهم من المسلحين في الداخل، فالتضييق على الأفران وتحصيل بدل إيجار مرتفع من الفلسطيني الذي يشغل رصيفاً يبيع عليه الدخان أو بعض السلع، هي بعض الممارسات التي وثققتها بعض الجهات الحقوقية وصمت عنها إعلام المعارضة.

شكّل اللاجئون الجدد إلى قدسيا عامل أمان لها، إذ باتوا حجة لوقف علميات القصف أو فك الحصار الذي يحمل الجديد منه رقم أربعة، فيما كان ذات اللاجئين يتعرضون لتضيق على الحواجز الأمنية التابعة للنظام و'اللجان الشعبية' في محيط قدسيا وعلى مداخلها.

المخاوف

يخشى المحاصرون في قدسيا والهامة اليوم، من استمرار الحصار لفترة أطول، بالذات مع أنباء تشير إلى انهيار المفاوضات التي تقودها لجان المصالحة الوطنية في البلدتين مع ممثلين من النظام، ويحاول بعضهم مغادرة البلدتين بأي ثمن كان، فيما يخشى العالقون في خارج الحصار الجديد عدم تمكنهم من العودة للبلدتين وإلى منازلهم الجديدة.

عسكرياً، قلة من يتوقعون تصعيداً عسكرياً أو اقتحاماً من قبل النظام، الذي كان قد حقق جزءاً كبيراً من أهدافة في مناطق عدة من ريف دمشق، عبر إطباق الحصار فقط وليس عبر عمليات العسكرية.

التعليقات