26/10/2010 - 21:41

"دولة المقاهي في دمشق"... الأغلى في المنطقة

مقاهي دمشق.. الأغلى في المنطقة... في خمسينيات القرن الماضي. هذا الخبر أعيد نشره ضمن زاوية اخبار وصحف ايام زمان في "سيريا نيوز". فإن تعدد وتنوع المقاهي في الخمسينيات من القرن الماضي في سوريا ودمشق خاصة

 مقاهي دمشق.. الأغلى في المنطقة... في خمسينيات القرن الماضي. هذا الخبر أعيد نشره ضمن زاوية اخبار وصحف ايام زمان في "سيريا نيوز". فإن تعدد وتنوع المقاهي في الخمسينيات من القرن الماضي في سوريا ودمشق خاصة، كان ظاهرة لافتة. فمن المقاهي الخاصة بالمهن (مقهى العمال ومقهى النجارين..) ومقاهي العابرين في المدينة (مقهى الديرية ومقهى القلمون..)، إلى المقاهي الخاصة بأصحاب القلم والفكر والسياسة والعسكر.

تلك المقاهي التي ولدتها حاجة الدمشقيين إلى التلاقي والاجتماع لانشغالهم بالشأن العام، ورغبتهم الدائمة في الخروج إلى الفضاءات الرحبة خارج منازلهم. 

ويقال أن شارعي العابد وبغداد كانا يغصان بالمقاهي، إضافة إلى باب توما والمرجة والسنجقدار والربوة وغيرها... حتى أن ميول الناس وانتماءاتهم الحزبية والثقافية والشعرية، كانت تعرف من المقاهي التي يرتادونها ويعقدون فيها اجتماعاتهم بل ومؤتمراتهم (المؤتمر التأسيسي لحزب الشعب في مقهى العباسية الذي لم يعد موجوداً، والمؤتمر التأسيسي لحزب البعث العربي في الرشيد الذي تحول إلى بناء المركز الثقافي الروسي حالياً). هذا ناهيك عن مقاهي الصحافيين (مقهى الطاحونة الحمراء، الهافانا، الروضة..) وغيرها حيث من الطبيعي أن يرتادوا مقاهي السياسيين والأدباء سعياً وراء أخبارهم.

ورغم ازدحامها، إلا أن مقاه زمان حرصت على جذب المزيد من الزبائن عبر تنويع خدماتها من الحكواتي إلى عرض الأفلام السينمائية مروراً بعروض السيف والترس. 

اليوم، تغيرت معالم المدينة واهتمامات ناسها، مقاه كثيرة أغلقت وأخرى تغير طابعها وثالثة جديدة ليس بها صلة مع مقاهي زمان إلا شكلياً (قهوة وشاي وأركيلة ).

لكن الثابت من الماضي إلى الحاضر هو انصراف الناس إلى المقاهي، لكن ارتفاع أسعارها جعل البعض ينصرف عنها، وأما غالبية الناس وخاصة الصحافيون الذين لا غنى لهم عن المقاهي، فقد شنوا هجوماً عنيفاً على أصحابها واتهموهم بالجشع وأيدوا اتهاماتهم بالحجج والأرقام. 

يذكر أن في تلك الأيام كان ثمن كل من كيلو البن وكيلو الشاي حوالي الخمس ليرات في حين بلغ ثمن كيلو السكر ليرة وعشرين قرشاً، أما راتب الموظف العادي فكان يتراوح بين (100 ـ 200 ) ل.س. وثمن البيت العادي كان 9 آلاف ل.س وسطياً. وهذا واحد من المقالات في شجب رفع التسعيرة من قبل أصحاب المقاهي.

وفي ما يلي ما كتب انذاك في احدى الصحف الدمشقية عن "جشع" اصحاب المقاهي.

 

 " قيام دولة المقاهي في دمشق "

من جريدة الإنشاء |  العدد 3470  | نيسان 1951
 

 

 "عمد أصحاب المقاهي في الأيام الأخيرة إلى رفع أجور مقاهيهم واضطروا روادها إلى دفع خمسين قرشاً بدلاً من خمسة وثلاثين كانت المحافظة الممتازة حددتها لهم، أو بدلاً من أربعين قرشاً كانوا يتقاضونها سراً تحت سمع المحافظة وبصرها.

وظاهر أن الغبن الواقع على المواطنين في هذه التعريفة فاحش في الأصل، وأمعن في الجشع بعد الخروج عن هذا الأصل، إذ أن السعر الطبيعي لفنجان القهوة أو قدح الشاي وغيرها من المرطبات لا يمكن أن يتجاوز الخمسة قروش مع جميع تكاليفه، وثابت أن أجور المقاهي كلها قديمة زهيدة يستردها المستأجرون لهذه المقاهي مضاعفة من دكان صغيرة يؤجرونها أو سينما يستثمرونها تدر عليهم الأرباح الطائلة دون حسيب أو رقيب.

ويقدر المطلعون على أحوال أصحاب المقاهي أن دخل أحدهم اليومي يتجاوز الثلاثمائة ليرة، وأن وارداتهم الصافية خلال السنة لا تقل عن المائة ألف ليرة.

ونرى أن إقدامهم على رفع التعريفة المقررة من المحافظة تصرف فيه كثير من التحدي والاستهتار، سواء بالمحافظة نفسها أو المستهلكين من أبناء البلد.

ونظرة خاطفة على تعريفة المقاهي في البلاد العربية جميعها تعطي فكرة واضحة عن الجشع المستأصل في نفوس أصحاب المقاهي في هذا البلد. فالأسعار في مصر والعراق ولبنان لا تتجاوز 25 قرشاً للدرجة الأولى مع العلم أن ثمن فنجان القهوة في تركيا لا يزيد عن العشرة قروش في حين أن البن يباع فيها بأضعاف أضعاف ما يباع به في البلاد العربية...".

 

 

التعليقات