الساعات الأخيرة في حياة أنس العامري

تتساءل إيطاليا عما كان يفعله في الضاحية الشمالية لمدينة ميلانو، منفذ اعتداء برلين الذي كان على رأس لائحة المطاردين في أوروبا غداة مقتله في تلك المنطقة.

الساعات الأخيرة في حياة أنس العامري

تتساءل إيطاليا عما كان يفعله في الضاحية الشمالية لمدينة ميلانو، منفذ اعتداء برلين الذي كان على رأس لائحة المطاردين في أوروبا غداة مقتله في تلك المنطقة.

وبالتأكيد لا يتوجه أحد بلا هدف إلى سيستو سان جوفاني، البلدة العمالية السابقة، التي لا حياة فيها ويبلغ عدد سكانها حوالي ثمانين ألف نسمة، وفيها قتل أنيس العامري بعدما أطلق النار على شرطيين خلال عملية تدقيق روتينية في الهويات.

والمكان الذي يشكل عقدة نقل مهمة، يخضع لمراقبة خاصة من الشرطة.

والمحطة التي رصده فيها رجال الشرطة عند الساعة الرابعة فجرًا، الجمعة، هي نهاية خط لقطار الأنفاق ومنصة كبيرة للحافلات يعبرها يوميا عدد كبير من الأجانب.

ومن هذا المكان تنطلق حافلات إلى إسبانيا والمغرب وألبانيا وجنوب إيطاليا. وقد رد العامري على رجال الشرطة الذين طلبوا أوراقه أنه لا يحملها وأنه 'من كالابريا'، مقاطعة جنوبي إيطاليا.

وقال العامل المغربي الشاب عزيز 'أخضع لعملية تدقيق يومية هنا من قبل الشرطة عندما أنزل من الحافلة'. وأضاف أن 'المكان مقفر في الليل وهذا يمكن أن يفسر نجاح الدورية في رصد شخص بمفرده'.

ونقلت صحيفة 'لا ستامبا' عن محققي مكافحة الإرهاب في ميلانو، أن العامري وصل بالقطار من فرنسا وتحديدا من شامبيري. ويبدو أنه أمضى ثلاث ساعات في تورينو، حيث يدقق المحققون في تسجيلات كاميرات المراقبة لمعرفة ما إذا كان تحدث إلى أي شخص.

لكن في اللقطات المتوافرة لديهم حتى الآن، فإنه لم يتصل بأحد.

وحسب ما نقلته 'بيلد' عن الصحيفة الإيطالية 'كوريلا ديلا سيرا'، فإن العامري سرّع خطواته عندما رأى رجال الشرطة، ما دفعهما للتوجه نحوه وسؤاله عن هويته، فرد 'أنا لا أحمل وثائق'، ووضع على الأرض حقيبتين كان يحملهما.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن العامري أخرج سلاحا من ملابسه، وأطلق النار بلا تردد على كريستيان مافيو، فأصابه في كتفه، قبل أن يطلق عليه سكاتا طلقة مميته في صدره أردته قتيلا.

أما صحيفة 'ريبوبليكا' الإيطالية، فقالت إن الشاب التونسي كان يحمل 1005 يوروهات؛ 18 ورقة من فئة 50 يورو، و5 من فئة 20 يورو، وورقة من فئة 5 يورو.

ستالينغراد الإيطالية

بعد ذلك، وصل عند الساعة الثانية فجرًا الجمعة إلى محطة ميلانو المركزية للقطارات، ومنها توجه إلى سيستو سان جوفاني، هل الهدف كان لقاء أعضاء في شبكة ما؟ أو البحث عن أوراق هوية جديدة ليغادر أوروبا؟ أو الانتقام لأربع سنوات أمضاها في السجن في صقلية بعدما أحرق مدرسة في 2011؟

يكتفي المحققون في مكافحة الإرهاب حاليا، والذين تنقل وسائل الإعلام الإيطالية تصريحاتهم، بعرض فرضيات مشيرين في الوقت نفسه إلى أن سيستو سان جوفاني التي كانت 'ستالينغراد إيطالية' بسبب نفوذ الحزب الشيوعي فيها، أصبحت مدينة متعددة الثقافات وتضم جالية مسلمة كبيرة.

هل كان لديه موعد مع شخص ما؟ أكد قائد شرطة ميلانو، أنطونيو دي ييسوس، أمام الصحافيين، أن أنيس العامري 'لم يكن لديه أي صلة مع مسجد سيستو'.

وقال توماسو تريفولو، الذي يقيم في البرج الواقع قبالة محطة القطارات، ورأى سيارة الإسعاف تصل بعد تبادل إطلاق النار، أن هذا الوجود للمسلمين يثير قلقا 'لدى البعض'.

وبالتأكيد أجرت إيطاليا تحقيقات حول شبكات مؤيدة للجهاديين، لكن بضع عشرات من الإيطاليين فقط التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية أو العراق.

وأطلقت تهديدات ضد إيطاليا في بعض الأحيان في تسجيلات فيديو دعائية لتنظيم الدولة الإسلامية، لكنها لم تشهد أي اعتداء جهادي. إلا أن عددا من مواطنيها قتلوا في هجمات في الخارج، في باريس وبنغلادش.

هارب خطير جدا

تمكن الرجل الذي كان على رأس لائحة المطاردين في أوروبا من الوصول بهدوء وهو مسلح إلى إيطاليا، وهذا لا يطمئن الإيطاليين.

واعترف المسؤول في الشرطة دو إييزو بأنه 'كان يمكن أن ينفذ اعتداءات أخرى'، وتحدث عن 'هارب خطير جدا'. وقد كان لديه في حقيبة الظهر التي كان يحملها مسدس جاهز للاستخدام كما تبين عندما أطلق النار على رجال الشرطة.

وعبر زعيم حركة خمس نجوم الشعبوي، بيبي غريلو، على مدونته عن استيائه الشديد. وقال إن 'إيطاليا في طور التحول إلى مفترق طرق للإرهابيين الذين لسنا قادرين على كشفهم أو رصدهم ويعبرون، بفضل اتفاقية شينغن، الحدود بدون مشاكل في كل أوروبا'.

وطالب غريلو بطرد كل المهاجرين غير الشرعيين فورا.

التعليقات