7 إيجابيات جنتها "ثورة يناير" رغم العثرات

عاشت الثورة المصرية فترات من أجواء الخلافات والصراعات بين تيارات رئيسية شاركت فيها، بخلاف اتهامات توجه لها باستمرار من بعض مؤيدي النظام الحالي بأنها "مؤامرة خارجية"، فضلا عن محاكمات طالت رموزها وعقوبات بالسجن...

7 إيجابيات جنتها

(رويترز)

"تحديد فترة الرئاسة، تقييد إعلان حالة الطوارئ، وضع دستور جديد، تحريك الأجور، زيادة المشاركة الشعبية، كشف خريطة المجتمع، وانتزاع حق التظاهر”... سبع إيجابيات يرى خبراء أن المصريين جنوها من ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، رغم العثرات والسلبيات التي واجهتها.

وعاشت الثورة المصرية فترات من أجواء الخلافات والصراعات بين تيارات رئيسية شاركت فيها، بخلاف اتهامات توجه لها باستمرار من بعض مؤيدي النظام الحالي بأنها "مؤامرة خارجية"، فضلا عن محاكمات طالت رموزها وعقوبات بالسجن، وفق رصد للأناضول.

وخلفت تلك الأجواء مغادرة كثير من شباب ورموز الثورة لمصر، واستمرار البعض محبوسا، أو متجاهلا، الأمر الذي تعتبره تقارير صحفية محلية "إحباطات لثورة الشباب”.

علاوة على أبرز إحباطات "يناير" وهي عدم تحقيقها مطالب ندائها الأشهر بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية حتى الآن، وفق ما ذكره، يوم الجمعة الماضي، محمد البرادعي، نائب الرئيس سابقا وإحدى أيقونات الثورة، في حوار متلفز.

وبحلول الذكرى السادسة للثورة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، رصدت الأناضول من خلال آراء خبراء، تلك الإيجابيات التي أطلت برؤوسها من رحم إحباطات "25 يناير"، وهي:

تحديد مدة الرئيس

تحديد فترة رئيس البلاد، يعتبرها جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري بجامعة حلوان (جنوبي القاهرة)، في حديثه للأناضول، من أبرز المزايا الدستورية التي جنتها مصر على خلفية ثورة 25 كانون الثاني 2011.

وقال إن "الدستور حدد الفترة الرئاسية بأربع سنوات ميلادية، ومنع إعادة انتخاب رئيس إلا لمرة واحدة، وبالتالي لم تعد مدة الحكم مفتوحة كما كان في وقت سابق”.

والمادة 140 من دستور 2012 و2014، تنص على أنه "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا تجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة”.

وقبل عام 1952 شهدت مصر نظام حكم ملكيا قائما على التوريث، وفي 18 حزيران/يونيو عام 1953 تحول الحكم إلى النظام الجمهوري، كأحد نتائج ثورة 23 تموز/يوليو 1952 ليتولى جمال عبد الناصر إدارة البلاد لمدة 16 عامًا (من عام 1954- 1970)، ثم تولى محمد أنور السادات الحكم 11 عامًا (1970- 1981)، وصولًا لحكم مبارك الذي استمر لنحو 30 عاما (تشرين الأول/أكتوبر 1981- شباط/فبراير 2011).

وأدار محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع المصري الأسبق، الفترة الانتقالية عقب تنحي مبارك لمدة تزيد عن عام (شباط/فبراير 2011- حزيران/يونيو 2012)، وتولى محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، الرئاسة لمدة عام (حزيران/يونيو 2012- 3 تموز/يوليو 2013)، وتلاه عدلي منصور رئيسا مؤقتا لنحو عام (تموز/يوليو - يونيو/ حزيران 2014)، ثم تولى وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي الرئاسة عقب انتخابه في حزيران/يونيو 2014، وينتظر أن تكون هناك انتخابات رئاسية في حزيران/يونيو 2018، ألمح الأخير لإمكانية خوضها مجددا.

تقييد حالة الطوارئ

الإيجابية الثانية للثورة، من وجهة نظر جبريل، أنها تحكمت في إعلان حالة الطوارئ بضوابط شديدة عما كان في السابق.

وقانون الطوارئ المصري، كان عبد الناصر قد أعلن العمل به صبيحة يوم الهزيمة التي منيت بها مصر من إسرائيل في حزيران/يونيو عام 1967، واستمر خلفه السادات يمارس حكمه انطلاقا من هذا القانون، ولم يقرر رفعه إلا في أيار/مايو 1980؛ لكن بعد اغتياله في تشرين الأول/أكتوبر 1981، أعاد مبارك العمل به.

بينما بعد الثورة أصبح قانون الطوارئ مقيدا عما قبل، حيث أُعلن تطبيقه في عدة مدن في نطاق ضيق وفق الأحداث في 2013، فضلا عن إعلانه في سيناء (شمال شرقي مصر) في تشرين الثاني/أكتوبر 2014، عقب إحدى الهجمات الإرهابية، ولا يزال ساريا هناك حتى الآن.

ووضع القانون شروطا على رئيس الجمهورية لإعلان حالة الطوارئ منها أخذ رأي مجلس الوزراء وعرض هذا الإعلان على البرلمان خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وفي جميع الأحوال يجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس (50% +1)، على إعلان حالة الطوارئ أو تمديدها.

وضع دستور جديد

الناشط السياسي، ممدوح حمزة، حدد في حديثه للأناضول، الوجه الإيجابي الثالث لثورة 25 يناير، بوضعها "دستورا جديدا، عمل على التخلص من التوريث ومن نظام مبارك، ومن تحالف رأس المال مع السلطة”.

وقبل الثورة كانت مصر تعمل بدستور 1971، الذي اعتبر مراقبون أن تعديل مادتين فيه عام 2005- باختيار رئيس البلاد عبر الاقتراع المباشر وليس الاستفتاء- يهدف لتوريث الحكم من مبارك إلى نجله الأصغر جمال.

وعطل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي قاد الفترة الانتقالية عقب الإطاحة بمبارك في 13 شباط/فبراير 2011، دستور 71، قبل أن يتم وضع دستور جديد في عام 2012، ليعطل مرة أخرى بتاريخ 3 تموز/يوليو 2013 عقب الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وتم تعديله وإقراره في كانون الثاني/يناير 2014.

تحريك الأجور

وأضاف حمزة إيجابية رابعة للثورة، متمثلة في "التوجه لرفع الحد الأدنى للأجور، والتفات الحكومات لهذا الأمر”.

وفى أول حكومة بعد ثورة يناير، أعلن سمير رضوان، وزير المالية في حكومة عصام شرف، أن الحد الأدنى للأجور 700 جنيه مصري، بما يعادل 118 دولارًا أمريكيا وقتها، بزيادة 250 جنيهاً عن الحد الأدنى آنذاك، وفي عام 2013 حددت حكومة حازم الببلاوي الحد الأدنى للأجور عند 1200 جنيه مصري ما يعادل 170 دولارًا وقتها، وهو أمر كان مطلبا هاما للعمال والموظفين الحكوميين الذين يقدرون بنحو 7 ملايين.

ارتفاع المشاركة الشعبية بالسياسة

مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أشار في حديثه للأناضول إلى خامس إيجابيات ثورة 25 يناير، ويتمثل في "ارتفاع مستوى الاهتمام بالسياسة بين المواطنين المصريين، وشجاعتهم في إبداء رأيهم، في ظل أن أهداف الثورة من عيش كريم وحرية وكرامة إنسانية لم تتحقق حتى الآن”.

واتفق معه حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة نفسها، في حديثه للأناضول، مشيرا إلى "مساهمة الثورة في اكتساب نوع من الجرأة لدى الشعب للتعبير عن الرأي والرغبة في التغيير، ووضع أساسات صعب أن ينزعها أي نظام آخر”.

وتذهب إحصائيات غير رسمية إلى أن نسبة مشاركة المصريين في آخر انتخابات برلمانية قبل ثورة يناير، عام 2010، بلغت 15%، فيما تقدر رسميا بنحو الضعف، لكنها ارتفعت مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 آذار/مارس 2011، عقب الثورة، إلى 41% مع إدلاء أكثر من 18 مليون مصري بأصواتهم من إجمالي 45 مليونا لهم حق الاقتراع، وفق إحصاء رسمي.

وتلت إطاحة مبارك، تركيز من المصريين على التعليقات السياسية على كل ما يشغل الرأي العام، لاسيما عبر منصات التواصل الاجتماعي التي كانت شرارة الاحتجاجات في ثورة يناير، وعادت الفترات الأخيرة كمنصة رئيسية للتعبير عن الآراء والتوجهات.

فيما تراجعت للخلفية المناقشات عن كرة القدم التي كانت في الصدارة قبل الثورة، كما برز دور روابط مشجعي الرياضة الأولى شعبيا "الأولتراس"، سياسيا، ومشاركتهم بالاحتجاجات.

كشف خريطة المجتمع المصري

الإيجابية السادسة لثورة يناير، وفق الأكاديمي بكبرى الجامعات المصرية، حازم حسني، متمثلة في أن "25 يناير ساهمت في إعادة رسم خريطة المجتمع، وسقوط الأقنعة عن وجوه (لم يسمها) كانت لها مكانة كبيرة لدى المصريين، وعن وجوه أخرى كانت مجهولة وبدأت تظهر على الساحة، وهذا كان نتاجا إيجابيا سببه الانفراج السياسي وفرز المواقف بفعل الوعي الذي حققته ثورة 25 يناير”.

وأضاف حسني أن "هناك مؤسسات كبرى (لم يسمها) بدأت تُظهر الخلل الذي تحويه بفضل 25 يناير، أما على مستوى الحرية والعدالة والاجتماعية والكرامة لم يتحقق أي ملمح إيجابي، ولكنه مسار تاريخي سيأخذ وقته وسيتحقق”.

انتزاع حق التظاهر

عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية (حكومي)، اعتبر في حديثه للأناضول، أن الإيجابية السابعة للثورة أنها "مكنت الشعب من انتزاع حقه في التظاهر والتعبير عن رأيه”.

ولفت ربيع إلى أن التظاهر كان "القشة التي قصمت ظهر نظام مبارك"، مؤكدا أن "هذا الحق انتزع من جوف نظام مستبد”.

وتابع: "وبعد الثورة تم سن القانون ووضع الأمر في إطار تشريعي، لكن ظل الشعب المصري محتفظا به كأحد مكاسب الثورة”.

وعاشت مصر فترة حرمان طويلة من التظاهر خلال حكم مبارك، في ظل قانون الطوارئ وبلا قانون خاص ينظم التظاهر، وكانت الشرطة تقمع أي حركات أو تجمعات تتظاهر، وفق تقارير حقوقية سابقة.

وأصبح حق التظاهر بعد ثورة يناير، يمارس بشكل لافت، قبل أن تصدر السلطات المصرية قانونا لتنظيمه في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

غير أن قانون تنظيم التظاهر سمح بمحاكمة مئات بينهم نشطاء بارزون شاركوا بثورة يناير، على خلفية مواده التي اعتبرها حقوقيون محليون ودوليون تقيد حقوق التعبير خاصة المتعلقة بالتصريح الأمني، قبل أن تحكم المحكمة الدستورية العليا بالبلاد الشهر الماضي بإلغاء شرط الحصول على موافقة الأمن لتنظيم احتجاج.

وبحسب "دفتر أحوال" وهو مركز بحثي مصري مستقل للأرشفة والتوثيق، كما يعرف نفسه عبر موقعه الإلكتروني، فهناك منذ تطبيق القانون المعروف إعلامياً باسم "قانون التظاهر" خلال الفترة بين 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، حتى 24 أيلول/سبتمبر 2016، أكثر من 37 ألف تحرك أمني أو قضائي ضد أشخاص سواء تم ضبطهم أو مطلوبين للضبط في جميع أنحاء مصر.

التعليقات