تونس... كيف "حررت" الثورة موسيقى الشارع؟

فنون عدة، على غرار الموسيقى والرسم والرقص، اتخذت الشوارع مسرحا لها بعد أن باتت "مفتوحة" لممارسة كافة أشكال "المقاومة الثقافية" أمام الفنانين الذين لم تتح لهم الفرصة لتقديم مواهبهم في القاعات "الراقية"، وفق شهادات عدد من فناني الشارع.

تونس... كيف

منذ عدة أشهر، أصبحت شوارع العاصمة التونسية الرئيسية تنبض على وقع "موسيقى الشارع" بعد أن غزت فرق "هاوية" الطرقات ضمن ظاهرة فنية لم تكن مألوفة لدى التونسيين قبيل ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011.

فنون عدة، على غرار الموسيقى والرسم والرقص، اتخذت الشوارع مسرحا لها بعد أن باتت "مفتوحة" لممارسة كافة أشكال "المقاومة الثقافية" أمام الفنانين الذين لم تتح لهم الفرصة لتقديم مواهبهم في القاعات "الراقية"، وفق شهادات عدد من فناني الشارع.

إدخال البهجة على قلوب السكان المتعطشين للفن ومجابهة "السيطرة الأمنية" التي كانت تقمع التجمعات الموسيقية والفنية في الشوارع لنحو 23 عاما، يعد من بين أبرز أهداف الموسيقيين المنتشرين في الطرق الرئيسية.

ويغصّ شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، بعد ظهر كل يوم، بالمارة للاستمتاع بأنغام المجموعات الموسيقية الهاوية، من بينها فريق "أنصار السلام" التي تضم 6 عازفين وفنانين وتقدم عرضا موسيقيا على وقع أنغام مغربيّة تتحدث عن الغربة والحرمان والحرية.

وقال نجيب بن مفتاحي، مؤسس فرقة "أنصار السلام"، إن الشارع يعد بالنسبة له "مجالا لممارسة فنه بطريقة تحررية دون قيود وليدخل السعادة والفرحة في قلوب الجمهور”.

وأضاف أن "هذه الفرقة بدأت نشاطها الغنائي في عهد النظام السابق في الثمانينات، إلا أنها تعرضت لمضايقات من قبل الشرطة التونسية آنذاك (لتسليطها الضوء على السلبيات آنذاك ما اعتبره النظام معارضة له)، وبفضل ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011 تغير الوضع وعادت الفرقة إلى الساحة الموسيقية لتقدم طابعها الخاص”.

وأشار إلى أن "هذه المجموعة لها إنتاج فني خاص بها وفي رصيدها 20 أغنية تنهل من موسيقى فرقة "ناس الغيوان" التي تقدم أغاني من التراث المغربي وتخدم القضايا الاجتماعية والسياسية في المغرب”.

فرقة "أنصار السلام" تتكون- بحسب بن مفتاحي- من 6 عازفين ومغنين يعزفون على آلات موسيقية من التراث المغربي والأفريقي الصحراوي مثل "البانجو" و"القمبري" و"البندير" و"الطبيلات" و"الشقاشق" و"الدجمباي" و"البنقوس”.

وأوضح أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لم تمارس مضايقات على الفرق الفنية، إلا أنها مازالت تنتهج سياسة الإقصاء والتهميش ولم توفر الدعم المادي لفناني الشارع. ولم يتسن الحصول على رد من وزارة الثقافة حول هذه الاتهامات.

وقال "بن مفتاحي" إن "الفن الملتزم" في تونس غير منتشر بالرغم من وجود عدد كبير من عشاق الأغنية الغيوانية (نسبة لموسيقى ناس الغيوان المغربية) وأغاني الشيخ إمام ( فنان مصري 1918 - 1995).

ولفت إلى أن هذه النوعية من الموسيقى تطرح من خلال إيقاع سلس قضايا الشباب التونسي الذي يعاني التهميش والبطالة والهجرة غير الشرعية.

كما أكد أن "الغناء في الشارع ذو بعد رمزي يدّل على الواقع الحالي الذي يعيشه التونسيون ويهدف إلى مقاومة الإرهاب بالثقافة والفن وتنشيط المدن وإمتاع التونسيين بلذة الموسيقى.

وبمجرّد انطلاق النّغمات الموسيّقية التّي تصدر عن هذه الفرق، يسارع المارة إلى الوقوف لدقائق من أجل إمتاع آذانهم بمعزوفات تريحهم من تعب يوم عمل شاق.

فهذه الموسيقى تجذب جميع الفئات من شباب ومسنين وأطفال وسياح كذلك، وذلك لما تصنعه من بهجة وفرح وما تعكسه من ثقافات الشعوب وأوجاعها.

واعتبر الفنان أسامة الطرابلسي، أنّ "صعود موجة فن الشارع في تونس مكّن الشباب المبدع الذي لم يجد فضاء مناسبا يمارس فيه هواياته من تقديم عروضه الفنية، كما يمكن كذلك المتفرج الذي لا يجد إمكانيات مادية للتوجه إلى المسارح والمهرجانات من الاستمتاع بأغان هادفة وجميلة على قارعة الطريق وبطريقة مجانية”.

 

التعليقات