بسبب الحرب وانقطاع الاتّصالات: أهالي دارفور يعودون لكتابة الرسائل الخطيّة

خلال عشرة أيّام في آب/أغسطس، فرّ أكثر من 50 ألف شخص من مدينة نيالا ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكّان بعد الخرطوم، وفق الأمم المتّحدة

بسبب الحرب وانقطاع الاتّصالات: أهالي دارفور يعودون لكتابة الرسائل الخطيّة

(Getty)

عاد أهالي دارفور للتواصل فيما بينهم من خلال الرسائل المكتوبة بخطّ اليد، وذلك بعد توقّف خدمة الهاتف والإنترنت، في ظلّ القصف المتبادل بين الجيش السودانيّ وقوّات الدعم السريع.

واليوم، صار تبادل المعلومات عن أحوال الأهل والأصدقاء أكثر صعوبة في إقليم دارفور الواقع في غرب السودان، والّذي يعيش فيه ربع سكّان البالغ عددهم الإجماليّ 48 مليونًا، وكان مسرحًا لحرب أهليّة دامية قبل عشرين عامًا.

هذه الرسائل لا يحملها ساعي بريد كما في الماضي، وإنّما ينقلها سائقو حافلات النقل المشترك.

غادر أحمد عيسى منذ أيّام عدّة مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور حيث عاش طوال حياته، وترك خلفه الكثير من الأقارب والأصدقاء.

اليوم، وقد صار في مأمن في بلدة الضعين الواقعة على بعد 150 كيلومترًا شرق نيالًا، جلس في مقهى صغير ليكتب رسائل من أجل الاطمئنان عليهم.

يقول عيسى البالغ 25 عامًا "نحن سكّان مدينة نيالا كنّا نجد صعوبة أصلًا في التواصل مع الناس في الأحياء الأخرى منذ بداية المعارك".ويتابع عيسى "أحيانًا تصل الرسالة إلى الشخص المعنيّ بعد اسبوع، وحتّى لو تسلّمها ليس هناك ما يضمن أنّه سيتمكّن من الردّ هو الآخر برسالة خطّيّة". ذلك أنّ الطرق المؤدّية إلى نيالًا مليئة بالعثرات.

فبعد الجنينة عاصمة غرب دارفور الّتي أصبحت في حزيران/يونيو شاهدًا على عودة العنف إلى دارفور، باتت المعارك بين الجيش وقوّات الدعم السريع تتركّز الآن في نيالا.

خلال عشرة أيّام في آب/أغسطس، فرّ أكثر من 50 ألف شخص من مدينة نيالا ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكّان بعد الخرطوم، وفق الأمم المتّحدة. كذلك، قتل عشرات المدنيّين، ولم تعد شبكات الكهرباء والمياه تعمل ما يعدّ كارثة في مدينة كان ربع سكّانها يعتمدون أصلًا قبل الحرب على المساعدات الإنسانية، بحسب المنظّمة الدوليّة.

الأحد، أخذ النزاع بعدًا تصعيديًّا جديدًا في نيالا. فللمرّة الأولى منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل، انضمّ سلاح الجوّ للمعارك. وقصفت الطائرات الحربيّة أحياء سكنيّة عدّة تسيطر عليها قوّات الدعم السريع، على ما قال سكّان لوكالة فرانس برس.

على منصّة إكس (تويتر سابقًا)، كتب الناشط الحقوقيّ أحمد قوجا الّذي خرج هو نفسه من نيالا، ولكنّه يحاول تسليط الضوء على المجازر الّتي ترتكب في المدينة إنّ الأخبار تصل بالقطارة ومتأخّرة كثيرًا.

قبل أسبوع، نشر عبر المنصّة نفسها خبر مقتل "خمس أسر بكامل أفرادها" بسبب المعارك.

وكتب كذلك أنّه بقي "16 يومًا بلا أخبار عن أسرتي الموجودة في نيالا" موضّحًا أنّه تلقّى بعد ذلك رسالة من "أحد أشقائه" الّذي وصل إلى الضعين حيث وجد شبكة إنترنت.

وتابع الناشط "إننا نموت كلّ لحظة نمضيها بلا أنباء عن أسرنا ولا نحلم إلّا بشيء واحد وهو أن نعرف كيف حال أهلنا وأصدقائنا".

منذ عدّة أسابيع، يتوافد على مكتب السفر الّذي يملكه سليمان مفضل في الضعين، عدد كبير من الأسر الّتي ترغب في معرفة أيّ أخبار عن ذويها الّذين لم يتمكّنوا من الخروج من نيالا.

ويقول مفضّل لوكالة فرانس برس "مع انقطاع الاتّصالات، عاد الناس لكتابة الرسائل الخطّيّة للاستفسار عن أحوال ذويهم" وهو يمسك بالأظرف المكتوب عليها بعناية العناوين في نيالا والّتي يقوم بإرسالها مع السائقين المتوجّهين إلى هذه المدينة. ويوضّح أنّ السائقين "غالبًا ما يوزّعون خطابات" لدى عودتهم من نيالا.

ويشرح أنّه بمجرّد أن تصل الرسالة إلى صاحبها في نيالا "يكتب على الفور ردًّا ويسلّمه للسائق".

ويتعيّن على السائق بعد ذلك أن ينجح في الخروج من المدينة وهي رحلة صعبة تحت القصف خصوصًا في ظلّ موسم الأمطار الّذي غالبًا ما يؤدّي إلى تعطّل حركة السير على طرقات عدّة.

التعليقات