من اللون الليلكيّ إلى البيج، هكذا جرى إعادة طلاء عين العذراء في الناصرة، مؤخرًا، بعد الانتقادات الشديدة التي وجهها بعض النصراويين لبلدية الناصرة، وعلى رأسها علي سلام، إذ عجت مواقع التواصل الاجتماعيّ بالاستنكار والرفض الشديدين بعد طلاء عين العذراء، المركز الدينيّ العريق، بالليلكيّ، وهو لون الحملة الانتخابيّة لقائمة رئيس البلدية 'ناصرتي'.
وقال عدد من أهالي النّاصرة إن 'عين العذراء هي رمزٌ ديني للمدينة أجمع، وليست حكرًا على أيّ حزب أو فئة'، وطالبَ مجلس الطائفة الأرثوذكسية في الناصرة، عبر بيانٍ بلدية الناصرة، بِـ'مراجعة الأعمال العشوائية التي نفذت في عين العذراء واحترام عقول أهل الناصرة'.
.jpg)
الليلكيّ... لون أساس فقط
وقال مساعد رئيس بلدية الناصرة، سالم شرارة لـ'عرب 48'، إنّ 'السياج جرى دهنُه كلونٍ أساسيّ كي تأتي فوقه طبقة أخرى، وكان بالصدفة ليلكيّا، وكما هو متعارف عليه لدى العاملين في مجال الطلاء، فلون الأساس يوضع أولا ليدهنه بلون آخر فوقه، فحين طلت بلدية الناصرة العين بلون ليلكيّ نشرت انتقادات بأنّ هذا اللون هو لون قائمة 'ناصرتي'، وقد اخترنا اللون النهائيّ أن يكون بيج لأنّه الأقرب والأجمل إلى عين العذراء وهو بلون الحجر، مع العلم أنّ هذا اللون جرى احتياره منذ البداية'.
وأضاف شرارة أنّ 'البلدية لا تريد أن تهيمن على أماكن، فهذه الأماكن تخصّ كل سكان الناصرة، بل على العكس نحن نتعامل مع كل ألوان الطيف النصراوي وقريبون من جميع السكان'.
السياج، بالأساس... لماذا؟
انتبه معظم أهالي المدينة للّونِ الليلكيّ، لكن لم يتساءلوا عن تسييج مبنى عين العذراء وإغلاقها بعدَ أن كانت مفتوحة من الناحية الخلفيّة، وفي هذا الشأن علّق شرارة أنّ 'هذا السياج وضع كي نمنع 'تبوّل' بعض الشبان في عين العذراء، وهو أمر لا يليق بمركزها السياحيّ والدينيّ'.
وتابعَ أنّ 'بلدية الناصرة تهتم بالأماكن التاريخيّة التي يزورها السيّاح، ومنذ فترة تبيّن لنا أنّ هناك من يتواجد في ساحة العين ويقوم بأعمال غير أخلاقيّة، فكان الحريّ بنا أن تسارع البلديّة إلى تسييج المكان كي لا يصبح مكانًا لتصرفات غير مشرفة لمدينة الناصرة، فقمنا بإغلاق عين العذراء بالسياج من منطلق حفاظنا على العين كمكان أثري وجميل ومقدس وسياحيّ'.
وعن إمكانيّة استبدال السياج بوجود حارس عليها لإظهار جماليّة العين وحمايتها، قال شرارة لـ'عرب 48' إنّ 'هذا يحصل في وسط المدينة، ولا حاجة لوجود حراسة هناك بينما تتواجد طواقم تفتيش تابعة لبلدية الناصرة في كل أنحاء المدينة، ومن ضمنها منطقة العين، وذلك لمنع نزول بعض الشبان إلى الآثار المتواجدة في الأسفل و'التبول' فيها'.
وناشد شرارة أبناء الجيل الصاعد بالحفاظ على ساحة عين العذراء كما يحافظون على منازلهم، وتساءل: 'هل يوصّى أحد للحفاظ على منزله؟' ويجيب أنّ 'عين العذراء هي بيتنا جميعًا ورمز مدينة الناصرة وشعار البلدية، هي المكان الذي اجتمع به سكان المدينة، مسلمين ومسيحيين، منذ القدم وهناك ولدت الحياة الاجتماعيّة للمدينة ومركزها الدينيّ والثقافي'.
.jpg)
المياه مقطوعة عن عين العذراء
على الرغم من كونها محطة هامّة للسائحين الأجانب الوافدين إلى البلاد، إلّا أنّ عين العذراء اليوم تفتقد للمياه الجارية رغم امتلاكها مجارٍ متعددة للمياه، لكنها موقوفة عن العمل، وقد اشتهرت العين بالماء منذ آلاف السنين، فهي 'نبع الماء المقدس' عند المسيحيين واستخدمت في العصور القديمة لشرب الماء من خلال أنابيب موصولة بالمياه الطبيعيّة.
'لماذا المياه موقوفة عن العمل في عين العذراء؟'، أجاب شرارة على السؤال بأنّ 'رئيس البلدية طلب من مجلس الطائفة الأرثوذكسية بالبدء على مشروع يربط عين العذراء بالعين داخل الكنيسة، لكي تجري المياه من النبع الأصليّ من داخل كنيسة البشارة إلى العين في ساحة المدينة، وقد بدأنا بالحديث عن المشروع لإعادة المياه التاريخيّة كي يصبح المكان أجمل، لكن بالنهاية هذه القضية تخصّ طائفة الروم الأرثوذكس'.
اقرأ/ي أيضًا| الناصرة: غضب لطلاء عين العذراء باللون الليلكي
ينتهي الحوار مع بلديّة الناصرة هنا بعد تغيير الطلاء من الليلكي إلى البيج، لكن يبقى السؤال مفتوحًا أمام سكان مدينة الناصرة، كيف سيحافظون على آثارهم التاريخيّة التي تشمل عين العذراء، لتمتد إلى السوق القديم والكنائس، كيف سيعلمون أبناءهم أن يحافظوا على الأماكن التاريخيّة والسياحيّة والممتلكات العامّة؟
القضية أخلاقيّة قبل أن تكون شكليّة!
التعليقات