عاد الأسبوع الماضي طاقم من منظمة "أطباء لحقوق الإنسان" الذي ضم عددا من الأطباء من فلسطينيي الداخل تمكنوا من الدخول إلى قطاع غزة اثناء العدوان الإسرائيلي، وذلك في مهمة إنسانية لمعالجة الجرحى الفلسطينيين، وبسبب النقص في عدد الأطباء المتخصصين في القطاع.
وجاء أن الوفد قدم المساعدات الكبيرة من الاحتياجات الطبية واحتياجات غرف الطوارئ وغرف العمليات خاصة في مستشفى الشفاء، الذي يعتبر أكبر مشافي القطاع، مما أسهم في إحداث أثر كبير على صعيد مساعدة الجرحى والمصابين، خاصة بعد 8 أعوام من الحصار الظالم والنقص الشديد في الأجهزة والمعدات الطبية الضرورية لعمل الجهاز الصحي.
ووقف الوفد الطبي، على مشاهد الدمار التي خلفتها آلة الحرب الإسرائيلية في القطاع، وزار أكثر المناطق تضررًا، مثل خزاعة، وخانيونس، وحي الشجاعية، ليعود حاملا معه صورا ومشاهد قاسية، وحكايا ألم وحصار، وذكريات وثّقت عبر عدسة الكاميرا الخاصة، تتعلق بشعب محاصر، رزح تحت حرب شديدة الوطأة، أدت الى استشهاد أكثر من 2100 شهيد من أبنائه، وتهجير مئات الآلاف.
ضم الوفد كلا من: رئيس الوفد صلاح الحاج يحيى مدير الخدمات الطبية والعيادات المتنقلة في المنظمة، إلى جانب الأطباء : مصطفى ياسين، ومحمد منصور، ومحمود سعيد، ودرويش عبد القادر، ورفيق مصالحة، ورائد حاج يحيى، بالإضافة لوفد طبي أجنبي تابع للمنظمة.
والتقى الوفد الطبي خلال زيارته بوكلاء وزارة الصحة الفلسطينية ممثلة بوكيل الوزارة د. يوسف أبو الريش ود. محمد الكاشف مدير عام التعاون الدولي، ومديري مجمع الشفاء الطبي د. ناصر التتر ود. صبحي سكيك ود حسن خلف وآخرين.
حاج يحيى: المشهد كارثي وأبلغ من أي وصف..
وقال رئيس الوفد الطبي صلاح الحاج يحيى لموقع عرب 48: "قضينا أياما دامية ومذهلة خلال القصف الإسرائيلي على غزة داخل القطاع، وكان لنا قسط في إجراء الفحوصات للمرضى ومعالجة الجرحى وإجراء عدد من العمليات الجراحية. كما ونظمت ورشة عمل للعاملين في المجال النفسي، وذلك على خلفية الصدمات الكبيرة التي خلفها العدوان على الناحية النفسية للمواطنين".
وأكد الحاج يحيى أن الوفود ستواصل الدخول للقطاع، وتقديم الدعم والاحتياجات، بالإضافة لمواصلة العمليات الجراحية ومتابعة الجرحى والمرضى وتقديم العون الطبي والغذائي للمحتاجين.
وأضاف: "نحن نتواصل مع القطاع منذ 8 سنوات، ولكن ما شاهدته في قطاع غزة لم أشهد مثله خلال مزاولتي للمهنة منذ 26 عاما، فالمشاهد المروعة تفوق كل وصف، ومهما حاولنا الحديث إلا أن الصدمة أبلغ من أي كلام ممكن أن يوصف ما رأيناه في مشاهد الترويع من جثث الأطفال المقطعة والنساء والشيوخ، وحجم الدمار الكارثي يعجز عن وصفه الكلام مهما كانت بلاغته".
وقال حاج يحيى إنه منذ أن فرض الحصار الظالم على غزة، وهو يتواصل مع الأهل في القطاع، إلا أنه في هذه المرة كان الدمار والمشاهد مروعة لا توصف بكلام، حيث سوّيت أحياء بكاملها وآلاف المنازل بالأرض بعد تدميرها بالكامل. ليس هذا فحسب بل إنه بعد إلحاق الدمار الكامل بالبنايات والمنازل كانت تأتي الجرافات الثقيلة وتطمر كل ما هو على سطح الأرض تحت الرمل كما حصل وشاهده الطاقم في خزاعة حتى تكاد تختفي المعالم. و"أنا أقول إن هذا الدمار والعدوان الهمجي أعاد غزة 1000سنة للوراء".
وفي مشهد من المشاهد المؤثرة قال إن احدى المحطات في المشاهد المروعة "عندما رأيت مستشفى الوفاء التأهيلي الوحيد بالقطاع، وهو مستشفى ضخم جدا يقدم خدمات تأهيلية طبية للمعاقين والمصابين من ذوي الإصابات والإعاقات المؤلمة الذين يحتاجون إلى تأهيل طبي لفترات طويلة، حيث تم تدميره بالكامل".
وحول مشهد آخر قال الحاج يحيى: "رغم أن الشهداء أكرمنا جميعا إلا أن مشهد مئات النازحين الذين وجدوا أنفسهم تحت قبة السماء ودوي المدافع وقصف الطائرات بحثوا لأنفسهم عن ملاجئ غير آمنة أيضا في المدارس والساحات العامة وساحات المستشفيات التي كانت هي الأخرى عرضة للقصف والقتل، هذا ناهيك عن توارد مئات الشهداء والمصابين والجرحى والأشلاء المقطعة.. المشهد مروع ومذهل لحد الاختناق".
واستذكر حاج يحيى مشهدا من مئات المشاهد الدموية المروعة، وقال "وصلنا خمسة شهداء وقرابة 15 جريحا من مقبرة في حي الشيخ رضوان، وهؤلاء أصيبوا أثناء قيامهم بتجهيز قبر لأحد الشهداء حيث تم قصفهم بالطائرات داخل المقبرة قبل وصول جثمان الشهيد، وقال لو أن ذلك تم خلال التشييع لقصف وقتل المئات، وهذه ليست أرقاما، كما يتعامل معها البعض بل بشر بكامل الأحاسيس والآمال والتطلعات والأحلام، ولديهم أعزاء وأمهات وأهالي يعيشون الوجع لن تندمل جراحهم مدى العمر، وبالتالي فإن ما قدمناه هو مهم، لكن أمام ما تعرضوا ويتعرضون له وما يقدمه الغزيون نحن نقف مذهولين".
وختم حديثه بالقول إن أهل قطاع غزة يقدرون كل ما يقدمه إخوانهم في الداخل الفلسطيني، وأنهم حملوا الطاقم كل التحيات للداخل الذي يعتبرونه جزءا حيا من شعبهم لم يبخل في تقديم المساعدات المتاحة من التضامن والاحتجاج والتلاحم والإغاثة الطبية والإنسانية.
التعليقات