بعد 3 أيام؛ وفد طبي من عرب الداخل يعود من قطاع غزة..

-

بعد 3 أيام؛ وفد طبي من عرب الداخل يعود من قطاع غزة..
انتفضُوا من تحت الرماد.. خرجوا من أشباه البيوت، من بين حطام المدارس، ومآذن المساجد.. انطلقوا بشبه عيون أرهقها الظلام ليشهدوا الفصل الأخير من المأساة، أو ليرسمهم المشهدُ بين جنباته.. تجوّلوا في بلادهم نشروا الذكرياتِ وعيونَهم على الطرقات، كأنها سياحة في بلدي وهم الزوار لأول مرة..

من رأى غزة اليوم في بعثها.. في جرحها.. في مآقي أهلها، يوقن أن ثمن العزة غالياً دفعته غزة رصيداً مقدماً لآلاف من السنين قادمة، وتركت التخاذل لشعوب ألِفت العيشَ على هامش الزمن فالحديدُ والحجارة والمباني والعَمارة وكل أصول الحياة يمكن تمويلها، أما عزة الإنسان والكرامة فلن تعانقَ الأموالُ لها كتفاً، إنما هي من ثبات أهل قطاع غزة، تُجبى ورصيدها بدم الشهادة يروى..

هذا بعض ما شاهده وفد رابطة "الأطباء لحقوق الإنسان" الذي دخل قطاع غزة وعاد قبل عدة أيام، حيث مكث الوفد الطبي ثلاثة أيام بهدف تقديم المساعدة الطبية، وإجراء العمليات الجراحية والإطلاع على حجم العدوان والحرب، وإعداد البرامج المستقبلية خاصة في مجال التأهيل للجرحى والمصابين، ومواصلة إعداد فرق محلية في مجال الصحة النفسية لمتابعة حالات الهلع والذعر والصدمات النفسية بسبب الحرب الطاحنة هناك.

وضم الوفد كلا من صلاح حاج يحيى رئيس الوفد الطبي إلى قطاع غزة، والأطباء: خالد جسار، حسن متاني، حسن محاميد، عفو إغبارية، رائد حاج يحيى، رياض حداد، محمود محاميد، عبد الله أبو عصبة، مصطفى ياسين، والأخصائيين النفسيين محمد منصور ومحمود سعيد.

وقال صلاح الحاج يحيى رئيس الوفد: "إن مئات الأطباء المتواجدين منذ عدة أيام داخل مشافي القطاع حضروا من عدة دول عربية كمصر، الأردن، العراق، السودان، اليمن. كذالك من ماليزيا وتركيا ودول أوروبية وذلك في كافة التخصصات الطبية حيث كان لذلك الأثر الكبير في نفوس القائمين على الجهاز الصحي. كذلك وصلت مساعدات طبية كثيرة إلى القطاع، إلا انه ومن الفحص السريع فان ٦٠ بالمئة من المساعدات لا تفي بالحاجة، هناك ضرورة وحاجة فورية، لغرف العمليات أو غرف الطوارئ، وما زال هناك نقص كبير في المساعدات الطبية المنتظرة".

وأضاف حاج يحي:" على صعيد أخر تواصلت على مدار يومين دورة تدريبية لأخصائيين نفسيين من عدة منظمات أهلية، بالإضافة إلى مستشفى الصحة النفسية نظمتها رابطة الأطباء للعشرات من الأخصائيين، وذلك في التعامل مع مصابي الصدمات النفسية للمواطنين في القطاع وخاصة الأطفال. وتواصلت اللقاءات والإجتماعات مع مندوبي منظمات حقوق الإنسان في غزة، وذلك للاستماع لتقارير ودراسة أوجه التعاون مستقبلا حول جرائم غزة".

وأجرى الطاقم الطبي الفحوصات والاستشارات الطبية لعشرات الجرحى ذوي الإصابات الصعبة. وأجرى عددا من العمليات الجراحية خاصة في مجال جراحة العظام.

ومن بين الحالات أجرى طبيب العظام مصطفى ياسين عملية جراحية من خلالها أنقذ يد فتاة تبلغ من العمر ٢٥ عاما كان تقرر بتر يدها وكانت قد خضعت للعلاج في القاهرة وعادت إلى أرض غزة. حيث شاء القدر وصول وفد أطباء لحقوق الإنسان وهكذا تم إنقاذ يدها من البتر.

وعلى هامش الزيارة، التقى الوفد بوزير الصحة الفلسطيني باسم نعيم وبأركان الوزارة ومدراء المشافي والأقسام واستمع إلى الاحتياجات والصعوبات التي واجهت الطاقم الطبي في الأيام الأولى للحرب، خاصة في ظل استمرار الحصار الظالم على القطاع ونقص في الكوادر الطبية والأجهزة والمعدات والأدوية ومستلزمات غرف العمليات ومنع الطواقم الطبية من مغادرة القطاع للالتحاق بدورات استكمال ومشاركة في المؤتمرات الطبية.

وكان ضمن الوفد الطبي من عرب الداخل الدكتور خالد جسار من قرية جت المثلث، وهو عضو بارز في التجمع الوطني الديمقراطي، وينشط متبرعا منذ سنوات في رابطة أطباء حقوق الإنسان. وكان قد زار غزة في السابق بمرافقة وفود طبية عدة مرات، وينشط أيضا في جمع التبرعات والمعدات الطبية والصحية للمستشفيات في غزة.

ويقول د.جسار إنه "من الواضح للعيان مدى الدمار الهائل في كل عمل عسكري بري كان في القطاع. رائحة الموت من الدواجن والحيوانات الميتة أثر العمل الميداني البربري في كل مكان.. الناس المشردون من وراء هذا الهدم يقاربون ستين ألفاً، وهم لا يغادرون بيوتهم المهدومة اثناء النهار، وما زالوا يبحثون عن ما تبقى من الهدم. في إحدى المواقع التي زرناها قابلنا ما تبقى من عائلة السموني، الذين استشهد منهم 29 شهيداً, وقد استشهدوا بعد أن جمعهم الجنود في بيت واحد وقاموا بقصفه على من كانوا فيه".

وأضاف: "لقد قمنا أيضاً بزيارة مستشفيين طالهما القصف وأسلحة الجيش الإسرائيلي، وتم تخريب أقسام كاملة من المستشفى بسبب هذا القصف. وموقع آخر مؤثر للنفس,،هو هدم ثمانية طوابق من المختبرات في الكلية الإسلامية مما يبدي مدى الجريمة والبربرية أثناء العدوان".

...........

التعليقات