د.بشارة: "التجمع لن يحافظ فقط على قوته في الانتخابات الوشيكة بل سيزيدها"

د.بشارة:
*** بشارة: نعم بات مؤكدًا ان موعد الانتخابات سُيقدم.
على كل حال، ينبغي أن يدخل المجتمع العربي في حال من الجهوزية للانتخابات في اذار لتحقيق الهدف الاساسي وهو رفع نسبة التصويت والتصدي لحكومة شارون وسياساتها سواء في القضايا الاجتماعية والسياسية او في قضايا المواطنين العرب وفي مجمل القضايا من استيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض السلام.



*** بشارة: انا اتحدث عن جهوزية المجتمع العربي، الاحزاب تجهز نفسها وهذه هي مهمتها ومصلحتها من اجل التنافس، لكن برأيي ان على المجتمع العربي ان يخرج من حال اللامبالاة وان يرى الى الانتخابات السياسية البرلمانية في الظرف الاقليمي الراهن مهمة وطنية كبرى، فإزاء التراجعات الاقليمية هنالك اهمية يمكن ان يعبر العرب في الداخل عن عدم التراجع في مطالبهم إن كان في قضية المساواة او في قضية الهوية الوطنية لان الاستكانة في الظروف الاقليمية قد يفسَر اسرائيليًا تراجعًا وضعفًا وقد يستغل لتصعيد سياسة التمييز العنصري...

نحن في هذه الحالة يجب ان نكون وطنيين ليس من اجل أحد بل من اجل انفسنا ومستقبل ابنائنا والموضوع غير مكلف ويتطلب جهدًا بسيطًا جدًا باتخاذ موقف وراء ستار صندوق الاقتراع، هذا هو الحد الادنى المتوقع من المجتمع العربي.

ستكون هناك تنظيرات كثيرة لماذا يجب ان نفعل ذلك.. لكن في الظرف الاقليمي والدولي الراهن هذه هي حقيقة الامور.

لذا ارى ان القضية الاساسية تتمثل في ان يخرج المجتمع العربي من حال اللامبالاة وان ينأى بنفسه عن الخلافات الداخلية ويترفّع قليلاً ولو ليوم واحد عن الهموم المحلية ويرى اهمية الموقف المبدئي والوطني من قضية المساواة والمواطنة والهوية الوطنية.

يوم الانتخابات هو مناسبة للتعبير عن هذا الموقف، لذا الهم الاساسي الان هو تجهيز المجتمع العربي للانتخابات، اما الاحزاب، التي تستحق هذه التسمية، فإنها تجهز نفسها لخوض الانتخابات وتحقيق النصر فيها.

اقصد هنا تحديدًا ثلاثة احزاب هي التي تنشط وتظهر في الساحة العربية في الداخل: التجمع والجبهة والحركة الاسلامية وهي قادرة على خوض الانتخابات بقوة فهي لا تتنقل، كما لا يتنقل اعضاؤها، بمواقفهم ومواقعهم من جهة الى اخرى. لدى هذه الاحزاب، إن لم تكن ايديولوجيا، مزاج سياسي متميز وجمهور متميز واعتقد أنها ستجهز نفسها من دون حاجتها للنصح بذلك.
*** بشارة: هذه المرة يثار الموضوع بحدة أقل من السابق. الجماهير اصبحت اكثر واقعية وتميز بين دوافع اثارة هذه المسألة، هناك من يثير الموضوع بنية حسنة واخرون بنية حسنة من دون معرفة لما يجري حقًا وهناك من يثيره لـ" غرض في نفس يعقوب" والبعض يثيره ليبرر لنفسه عدم التصويت للقوى الوطنية فيضع شروطًا تعجيزية. ولننتبه الى ان هناك من يثيره لقناعته بأنه لن ينجح في الانتخابات فيختبىء وراء شعارات الوحدة وهو في الواقع لا يؤمن بها!

نحن من جهتنا نؤمن بالوحدة كموقف قومي ديمقراطي ينظم الجماهير العربية على اساس قومي، سواء في مؤسسات الجماهير العربية التي يجب، برأينا ان تصبح منتخبة وهذا موقف ومطلب لدينا نتميز به. نريد هيئات عربية منتخبة من قبل قوى سياسية عربية. هكذا نفهم الوحدة ، لكن ايضًا اذا لزم الامر خوض الانتخابات في قائمة عربية واحدة للكنيست، نحن لسنا العائق امام ذلك.. هناك احزاب لا تريد ذلك ولا نستطيع ارغامها على ذلك.

على اي حال، من يرد ان يوحّد عليه ان يقترح الآليات للوحدة، ونحن طرحنا عدة مرات آليات، إن كان ذلك بانتخابات تمهيدية (برايمرز) او استطلاعات اكاديمية مدروسة للرأي العام، واذا لم يكن هذا - توحيد القوى - واقعيًا فمن الطبيعي ان تخوض التيارات الجدية الانتخابات والمواطن يختار بينها لا ان يهرب من القرار تحت غطاء عدم الوحدة! هذا موقف غير مقبول وغير ديمقراطي.

الامر الثاني، وبعد ان اكدت موقفنا من ضرورة الوحدة فكريًا وسياسيًا هنالك من يطرح مسألة الوحدة وكأنها تضمن اعضاء عربًا اكثر في الكنيست وانا اقول بصراحة - رغم معرفتي بشعبوية هذا الموقف- إن هذا غير صحيح. عندما كان حزب واحد للجماهير العربية يسمح له بالتمثيل في الكنيست، حصل في افضل المرات، العام 1977، على خمسة مقاعد.. لكن عندما كنا حزبين تمثلنا بتسعة نواب وعندما خاضت الانتخابات ثلاث قوائم جدية حصلنا على عشرة مقاعد... الشرط هو ان تكون القائمة قادرة على اجتياز نسبة الحسم لا أن تحرق الاصوات. وعندما خاضت الانتخابات ثلاث قوائم قادرة على اجتياز النسبة استقطبت الساحة العربية وتقاسمت اصواتها بينها وهمشت الاحزاب الصهيونية وحصلت على عشرة مقاعد. اذن المسألة هي ان تكون الاحزاب التي تخوض الانتخابات قادرة على النجاح، سواء خاضتها موحدة او منفصلة وأرى، مرة اخرى ان هناك ثلاثة احزاب رئيسية قادرة على ذلك وقد ذكرتها سابقًا.

باعتقادي ان الامر الاساسي في زيادة تمثيل العرب في البرلمان يتمثل في رفع نسبة التصويت، والوحدة ليست الامر الحاسم، واذا صوّت 60 % من العرب في الداخل فهذا يحقق لهم 8-10 مقاعد سواء خاضوا المعركة بثلاث قوائم او قائمة واحدة!!. واذا صوّت 80% يمكن ان نحصل على 12-13 نائبًا.



*** بشارة: هذه الظاهرة يجب ان تختفي، انها ظاهرة مسيئة للعمل السياسي العربي. نحن مع احترامنا للجميع ،لا نعتقد ان العضوية في الكنيست تتحقق بواسطة اقامة مؤسسات والانخراط في احزاب وليس في الرغبة في ابتزاز الاحزاب للحصول على موقع تحالفي لخوض الانتخابات.

لا يوجد احد لديه مؤهلات عضو كنيست "مولودة". أما محاولة تفصيل القوائم العربية بحيث تضم هذا المرشح أو ذاك من خارج الأحزاب الجدية على الساحة، لنضمن له مقعدًا في الكنيست، فهو أمر بدأ يثير نفور الناس من السياسة العربية.

ما يثير النفور، هو تنقل أعضاء كنيست من جهة الى أخرى لغرض واحد: ضمان كرسيهم فقط.. لا حزب لديهم إنما لديهم رابطة انتخابية لأسباب شخصية تؤمن لهذا أو ذاك المقعد في الكنيست.

هذه الظاهرة مسيئة رغم أنّ وجود هذه الوجوه أو عدمه لا يقدّم أو يؤخر في عدد الأصوات. بمعنى أن القوى الثلاث التي ذكرتها - التجمع والجبهة والاسلامية - ستحقق عدد الأصوات نفسه سواء كان اولئك "المتنقلون" في القوائم أم لم يكونوا..

*** بشارة: نحن نتحدث عن موضوع هو في الواقع ممارسة وليس كلامًا. فإن بالغت في قوة "التجمع" فسيؤدي ذلك الى تقاعس الأعضاء وإن قللت من قوته فسيؤدي ذلك الى يأس الأعضاء، هذا كلام لا يفيد الآن. المفيد هو أن التجمع الوطني الديمقراطي حزب له قواعد واسعة جدًا في الساحة العربية. التجمع حزب صلب، من ناحية برامجه السياسية. لم يمر بهزات اطلاقًا واثبت مصداقية واسعة جدًا للجمهور في وقت تعاني أحزاب أخرى من خلافات - مع احترامنا وحبنا لها وعلاقاتنا الأخوية بها وأنا أصِف هنا وضعًا...

انت ترى موجة المؤتمرات المناطقية التي تعم حياة الحزب التنظيمية، وكنا أقريناها قبل الحديث عن تبكير الانتخابات.

الخط السياسي للتجمع أصبح هو الخط السياسي المنتشر لدى الجماهير العربية. كل كلمة قالها التجمع في الماضي وتمت مناقشته حولها أصبحت الان الخطاب السياسي ويستخدمه الجميع!. هذا رصيدنا. فضلاً عن علاقاتنا الطيبة جدًا مع سائر الأحزاب، كل حالات التوتر القديمة مع الأحزاب، أقصد الأحزاب الجدية، انتهت.

نحن نقدّر أن التجمع لن يحافظ فقط على قوته في الانتخابات المقبلة بل سيزيدها، هدف أربعة نواب ليس بالمستحيل بل بالإمكان تحقيقه. هذا يعني الحصول على مئة ألف صوت أو أكثر بقليل. كان تقديرنا في الماضي أن لدينا مئة الف صوت لكننا لم نحسن جلبها، تنظيميًا.

منذ تلك الفترة تحسن كثيرًا اداؤنا التنظيمي وازدادت كوادر التجمع خبرة وأرجو أن لا ترتكب اخطاء الماضي في يوم الانتخابات أو في غيره وأن نصل الى قواعد واسعة، من دون تقوقع ولا انزلاق. هذا الأمر الأساسي، لأنّ هذه القواعد التي تفوق مئة ألف صوت متوافرة، وعلينا الوصول اليها وباعتقادي هذا ما سنحاول أن نفعله وهذا أفضل من التباهي الآن أو المبالغة التي لا تفيد بل تطمئن الاعضاء وتحدث تقاعسًا لديهم.



*** بشارة: موضوع الأحزاب الصهيونية ليس موضوع تقليعة كالملابس التي نتخلص منها وتعود بنفس الموضة بعد عشر سنين. رفض الأحزاب الصهيونية هو خيار استراتيجي تاريخي للجماهير العربية.هذه الجماهير قررت وعليها أن تبقى صلبة في قرارها وعلينا أن نوسّع الاكتراث والاستعداد لدى هذه الجماهير لتخرج الى الصناديق. الأساس أن نوسّع العمل الاجتماعي والمجتمعي.

الخيار الاستراتيجي هو أن الجماهير العربية تمثل نفسها ولا تمثلها وصاية صهيونية لا من بولندا ولا من روسيا، ولا يوجد أوصياء على الجماهير العربية.

هذه الجماهير لا تريد أن تدوس على الأخلاقيات بقدوم الايديولوجية الصهيونية اذ لديها هويتها القومية والوطنية وأي اهتمام لموقف هذا أو ذاك سواء من اليمين أو اليسار الصهيوني هو تشويه واذدناب. هذه قضية أخلاقية.

نذكّر أنه عندما كانت جماهير عربية مذدنبة للأحزاب الصهيونية عاشت أسوأ حال من حكم عسكري ومصادرة وغيرهما.. والتحسن بدأ فقط مع وجود تمثيل عربي في الكنيست ليس في جيب اي حزب صهيوني بل لديه مطالب وشروط ويُحسن التواصل مع الحركة الوطنية من جهة ومن أخرى يحسن العمل البرلماني. هذا الجسر بين العمل البرلماني في مركز المؤسسة الاسرائيلية وبين العمل الجماهيري النضالي في القرية العربية هو مهمة التمثيل العربي في البرلمان. وهذا ما نقوم به وهذا خيارنا.

انتخاب بيرتس لا يغير الصورة إطلاقًا. لو كانت الانتخابات لرئاسة الحكومة مباشرة لصوتت الجماهير العربية، في حال انحصرت المنافسة بين بيرتس وشارون، للأول أو الامتناع. هذا الخيار غير قائم الآن، لا تصويت لرئاسة الحكومة. التصويت لبيرتس يعني التصويت لحزب العمل وهذا يزيده أعضاء.. لكن تمثيل العرب مباشرة في البرلمان يزيدهم هم أعضاء.. وإذا كانوا في الكنيست فهم الذين سيقررون الموقف من بيرتس أو شارون.. هم الذين يقررون. النواب العرب لن يكونوا في جيب بيرتس، إنما يحسمون موقعهم بموجب مطالب، هذا أمر أساسي جوهري متعلق بكيفية ادارة النضال وإدارة الحقوق الجماعية لأقلية قومية.

وهذا أمر ممنوع الاستخفاف به أو العبث به أو أن ندع أحدًا يلعب به، هذا موضوع مصيري.. من الخطر بمكان أن تكسب الأحزاب الصهيونية أصوات جماهيرنا ليفعلوا بها ما يشاؤون في ما بعد، من حرب على الفلسطينيين أو لبنان أو تعزيز الاستيطان. هذه سرقة أصوات. في حين أن وجود ممثلين عرب للجماهير العربية في الكنيست يضمن حصول عملية ادارة صراع لابتزاز حقوق ومطالب جماعية لجماهيرنا. هذا أمر يجب أن نتفق عليه: لا صوت لأي حزب صهيوني. العرب ينتخبون ممثليهم للكنيست من الأحزاب العربية الأساسية.. هذا يجب ان يكون قانونًا لا تقليعةً تأتي وتغيب..


*** بشارة: لا مبرر لأي انبهار. التصويت مرة أخرى ليس لبيرتس مباشرة وإنما لحزب العمل ويجب أن يكون التصويت لممثلي الجماهير العربية وليس لحزب العمل. ولكن مواقف بيرتس هي مواقفه الخاصة التي لا تتميز اطلاقًا، من حيث الحمائمية عن عمرام متسناع بل ان الأخير كان أكثر حمائمية من بيرتس، لكن ماذا حصل؟ حتى في حزب "العمل" في المعارضة وليس في الحكم تم تهميش مواقف متسناع لأنها لا تصلح للتنافس على وسط الخريطة السياسية أمام الليكود.. هذا برأي حزب العمل.

لذا نرى في الأيام الأخيرة أن بيرتس بدأ يخفف من المجاهرة بمواقفه الحمائمية ويندفع نحو الوسط من أجل التنافس مع شارون. هو لا يقرر في حزب العمل. هناك مؤسسة ذات تاريخ طويل تقرر وهنالك مزاج سياسي للشارع الاسرائيلي يقرر وهناك ألف شيء آخر يقرر.

ثانيًا، في المجمل فإنّ مواقف بيرتس لا تختلف عن اليسار الصهيوني ودعمه للاستيطان في القدس وابقاء الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الاسرائيلية، الحفاظ على يهودية الدولة، تعزيز تهويد الجليل الذي اطلقه شمعون بيرس الذي يريده بيرتس ساعده الأيمن.. هذه المواقف لا تتغير عند بيرتس.. وكي تواجهها يجب أن لا نكون في جيبه انما ان نكون أمامه، نحاوره ونفاوضه ونواجهه اذا لزم.

أما في القضايا الاجتماعية فإنّ عقيدته تبدو خدعة (بلوف) كبيرة.. دافع اثارته لها مصالح لجان العمال الكبرى وهي لا تمثل فقراء المجتمع الاسرائيلي. لجان العمال الكبرى سواء في شركة الكهرباء والصناعة العسكرية وبيزك وغيرها هي الأكثر عنصرية ضد العرب وتمنع استيعاب العرب في هذه الأماكن وبيرتس يمثل اساسًا هذه اللجان وليس الفقراء والمسحوقين.
لنا قضايانا وخصوصيتها التي يجب علينا أن نطرحها.. قضايانا ليست على قمة جدول اعمال بيرتس إنما على رأس سلم اولوياتنا نحن..

وفوق كل هذا نقول إننا نعرف أن بيرتس لن يكون رئيس حكومة اسرائيل إنما رئيس المعارضة البرلمانية.


*** بشارة: الاستطلاعات الأخيرة أكدت حقيقة واحدة وهي قدرة بيرتس على منع اندثار حزب العمل. هذه مهمته التاريخية بعد أن كاد بيرس يقود الحزب الى الاندثار.. بيرتس سيعمل على ابراز التمايز بين "العمل" وشارون لا أن يكون حزبه مدير علاقات عامة عند شارون وان يكون لديه (لدى بيرتس) مشروع آخر، لا يزال غير واضح المعالم.

هذا سيتيح ربما رفع نسبة التمثيل للعمل بـ 4-5 مقاعد يأخذها من أوساط معينة في ليكود أو شاس. في المقابل سينجح الليكود برئاسة شارون في قنص أصوات من العمل نفسه وشينوي، بفعل تنفيذه فك الارتباط.

لكن جرف الأصوات الأساسي سيتجه نحو اليمين المتطرف. بمعنى أن الخريطة السياسية ستبقى يمينية والحزب الأكبر سيبقى ليكود والأكثرية البرلمانية ستكون يمينية ليست مع بيرتس. هكذا تبدو الأمور في الاستطلاعات، وهذا قبل ان يبدأ الهجوم اليميني الجدي على بيرتس حتى الآن...




عن صحيفة "فصل المقال"

التعليقات