المجلس الإقليمي مسـجاف.. أخطبوط يتمدد ويواصل إقصاءه للعرب

سخنين بسكانها ال28 ألف نسمة، الذي يشكل أبناء سن من 0 إلى 30 عامًا 70% منهم، هي النموذج الأقسى للبلدات العربية المحاصرة بالمصادرة والمستوطنات والشوارع الالتفافية. إنها محاصرة ومطوّقة بالكامل، من الشمال هناك مستوطنة إشحار وإشبال ويوفليم، ومن الغرب والجنوب يجثم مصنع "رفائيل" العسكري،ومسغاف" ومن الشرق إمكانيات التوسع محدودة بسبب مجمعات المياه العادمة والأراضي الزراعية.

المجلس الإقليمي مسـجاف.. أخطبوط يتمدد ويواصل إقصاءه للعرب

الباحث نبيه بشير

خلال زياراته لأهله في سخنين، قادمًا من القدس، كان الباحث نبيه بشير يتابع لافتات الشوارع ويلاحظ أنها كلّها تدلّ إلى "مسغاف"، "كان شعوري سيئًا لأنني ابن سخنين، ولا أعرف أين تقع "جارتنا" مدينة "مسغاف"، تابعت الإشارات، وسألت عن مدينة "مسغاف"، وكان الناس يرمقونني بنظرة استهزاء، حتى فهمت أن "مسغاف" هذه التي تسيطر على مساحة 220 ألف دونم من الشاغور إلى كفر مندا ومن المغار إلى عكا ما هي إلا مدينة وهمية ،وهي في الواقع بناية مقامة على أراضي قرية ميعار المهجرة"، بعد هذه المعلومة الصادمة قرّر بشير أن يؤلّف كتاب تهويد"المكان".

و يشير كتاب بشير، بين مجمل استنتاجاته المعمّقة، أنّ "مسغاف" أنشئ بعد سنوات قليلة من أحداث يوم الأرض في أواخر السبعينيات، في إطار الصراع على المكان وهويته وملكيته وديمغرافيته، وكأداة للسيطرة على الأرض ومنع التواصل الجغرافي بين البلدات العربية ضمن مخطط تهويد الجليل.

المجلس الإقليمي مسغاف، تكمن أهميته بحسب الباحث نبيه بشير كونه يجسد أهداف الاستيطان الصهيوني وفكرة المكان الصهيوني كفكرة "مثالية" وكفكرة مطبقة على أرض الواقع. فحدود سيادة مسغاف تمتد من الطرف الشرقي لمدينة عكا غربا، حتى قريتي المغار والرامة شرقا، ومن القرى القريبة من الحدود اللبنانية شمالا، حتى سهل البطوف جنوبا. ويقدم هذا الجهاز خدمات لسكان 28 مستوطنة بالإضافة الى خمس قرى بدوية "اعترفت" بها دولة إسرائيل قبل بضع سنين فقط. أما المساحة التي يسيطر عليها هذا الجهاز فتبلغ 200 ألف دونم، أي بمعدل 7.16 من الدونمات للفرد، وهي أراض عربية مصادرة، بينما تبلغ مساحة منطقة نفوذ 22 بلدة عربية في الجليل بتعداد سكاني يبلغ 225 الفا، نحو 215 ألف دونم، أي بمعدل أقل من دونم واحد للفرد.

سخنين تختنق..
سخنين بسكانها ال28 ألف نسمة، الذي يشكل أبناء سن من  0 إلى 30 عامًا 70% منهم، هي النموذج الأقسى للبلدات العربية المحاصرة بالمصادرة والمستوطنات والشوارع الالتفافية. إنها محاصرة ومطوّقة بالكامل، من الشمال هناك مستوطنة إشحار وإشبال ويوفليم، ومن الغرب والجنوب يجثم مصنع "رفائيل" العسكري،ومسغاف" ومن الشرق إمكانيات التوسع محدودة بسبب مجمعات المياه العادمة والأراضي الزراعية.
تمتدّ أراضي مدينة سخنين، التي لا يجد بعض سكانها موطأ سكنٍ فيها، على مساحة سبعين ألف دونمٍ، يقع 9688 دونم فقط ضمن نفوذ بلدية سخنين، وما يقارب خمسة آلاف أخرى ضمن خارطتها الهيكلية، أما الباقي، أي ما يقارب 60,000 دونم! فقد ابتلعها اخطبوط المجلس الإقليمي "مسغاف".

وكانت مؤسسات الدولة ودوائرها قد رفضت المخطط الذي تقدّمت فيه بلدية سخنين لضمّ ال60 ألف دونم لمنطقة نفوذها واستعادة معظم أراضي سخنين، تشكّلت لجنة فحص ولأوصت بضم 2600 دونم فقط لمنطقة النفوذ سخنين، إلا أن حتى هذه التوصيات المجحفة لم تنّفذ بسبب اعتراض المجلس الإقليمي "مسغاف"، اقترحت وزارة الداخلية حسم الخلاف بمفاوضات ثنائية بين الطرفين إلا أنّ اللجنة الشعبية في سخنين ترفض أنّ تفاوض "مسغاف" على أراضي أهل البلد، وتطالب  الداخلية بتحمل المسؤولية عن هذا الغبن قبل أن يحدث الإنفجار بسبب أزمة الأرض والسكن الخانقة.

الباحث نبيه بشير يحاول فصل مفهوم المكان وتبيان أوجه الاختلاف بينه وبين المجال (أو الحيز) ويقول:"المكان حتما يسكنه أناس، وتتكون فيه علاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية، كما أن المكان يكتسب الصورة البشرية، وتتحول الأخيرة الى جزء عضوي منه، فإنه أيضا يؤثر تأثيرًا بالغًا على تلك الحياة البشرية التي تنمو وتتطور من خلاله. وعليه فإن المكان هو تركيبة اجتماعية لا يمكن تجريدها من البشر".
تأخذ هذه الإشكاليات، الدلالات والإيحاءات المختلفة لمفهوم المكان، كمحور مركزي   في الأيديولوجية الصهيونية الاستيطانية، ومحاولتها تجيير المكان والسيطرة عليه، ليس فقط بمفهوم التملك والحيازة، بل أيضا فرض السيطرة الثقافية والدينية والتاريخية والجغرافية عليه، أي بمفهوم فرض "اليهودية" و "الصهيونية" على المكان.

ويشير الى دور المجلس الإقليمي مسغافكاداة سيطرة على الحيز و "تهويد الجليل" وتهويد المكان كنموذج يستعرض من خلالها مفهوم المكان في البنية الأيديولوجية للصهيونية ولسبر غور المفاهيم التي يقوم عليها النشاط والفكر الصهيوني في إسرائيل. ويشير بشير  للمفهوم المسيطر على الفكر الصهيوني الذي يقوم على أساس أن"المكان الذي لا يسيطر عليه فرد يهودي أو أية هيئة أو مؤسسة يهودية، ولا يعيش عليه اليهود كأغلبية، وبالتالي كأصحاب السيادة عليه، لا يعتبر مكانا يهوديا".

وحول أهمية توظيف الديني في الخطاب الأيديولوجي يقول بشير إن هذه الأهمية تكمن "في تكوين هوية محلية للمستوطنين تتضمن البعد المكاني، مما يدفع نحو تحويل المكان – على صعيد الوعي وعلى الصعيد الموضوعي – الى مكان يهودي".

__________________________________________________________________________________________

 معطيات 

الأراضي التي يسيطر عليها فلسطينو الـ48 اليوم لا تتجاوز الـ 3%، في حين ما كان يسيطر عليه اليهود عشية النكبة لم  يتجاوز الـ 6% من فلسطين. ومع الإزدياد في عدد السكان العرب فإن الأرض تتعرض للقضم والمصادرة.

كانت سخنين تملك عام 1948- 100 ألف دونم ووصلت الى وادي سلامه شرقا والى شعب غربا. وتم مصادرة  أكثر من 70%  من أراضيها، ففي عام 1962 انتزع - المشروع القطري (عبر بأراضي سخنين مسافة 13 كلم ) قسمًا كبيرًا من الأراضي دون أن نستفيد من المياه لري أراضي  البطوف.   وفي عام 1980 صادرت السلطات 2800 دونم لإقامة مصانع رفائيل العسكرية. وفي عام 1990 أقيمت منطقة تريديون الصناعية على مساحة 1700 دونم من أراضي سخنين وضّمت الى منطقه نفوذ مسغاف.

في عام 1995 أصبحت سخنين مدينة ولكنها ظلت محاصرة ولم تفكر السلطات في توسيع منطقة نفوذها. عدد سكان المدينة حوالي 26 ألف نسمة ولكن مساحة منطقة نفوذها 9816 دونما وهي محاصرة بمستوطنات وقرى تابعة لمجلس "مسجاف" الإقليمي.

يبلغ مسطح "مسجاف" 25  ضعفا من مسطح سخنين، بنما عدد سكان سخنين أكبر بكثر، وتبلغ مساحة المنطقة الصناعية لمسغاف 12 ضعفا من المنطقة الصناعية لسخنين.

عدد السكان التابعين لمجلس "مسجاف" نحو 22 الف نسمة، بينما تبلغ مساحة منطقة نفوذه نحو 180,000 دونم، بينما يقل عدد سكان المجلس الإقليمي "مطيه آشر" عن 20 الف نسمة فإن منطقة نفوذه تحتل 220 الف دونم. وهذا لا يعني أن الأرض لليهود وأن "المدن" العربية ستتحول الى "جيتوات".

التعليقات