حفل تأبينيّ مهيب لد.روضة بشارة عطا الله في حيفا (فيديو)

نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة وحزب التجمع الوطنيّ الديمقراطيّ، يوم السبت الماضي 25/1/2014 في قاعة المركز الثقافيّ الفرنسيّ كريغر في مدينة حيفا، حفل تأبين مهيب للشخصيّة الوطنيّة البارزة الدكتورة روضة بشارة عطا الله، مديرة جمعية الثّقافة العربيّة، بمشاركة مئات من رفاق دربها ومحبيها وأفراد عائلتها، والعديد من المثقفين والفنانين، وذلك بعد إقامة صلاة وجناز الأربعين على روحها في كنيسة مار يوحنا المعمدان للروم الأرثوذوكس في حيفا.

حفل تأبينيّ مهيب لد.روضة بشارة عطا الله في حيفا (فيديو)

نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة وحزب التجمع الوطنيّ الديمقراطيّ، يوم السبت الماضي 25/1/2014 في قاعة المركز الثقافيّ الفرنسيّ كريغر في مدينة حيفا، حفل تأبين مهيب للشخصيّة الوطنيّة البارزة الدكتورة روضة بشارة عطا الله، مديرة جمعية الثّقافة العربيّة، بمشاركة مئات من رفاق دربها ومحبيها وأفراد عائلتها، والعديد من المثقفين والفنانين، وذلك بعد إقامة صلاة وجناز  الأربعين على روحها في كنيسة مار يوحنا المعمدان للروم الأرثوذوكس في حيفا.

تخلّل الحفل، الذي تولى عرافته الفنان عامر حليحل، عددًا من الكلمات التأبينيّة، إضافة لمعزوفات وأغاني وقصائد وفيديوهات عن حياة المرحومة.

افتتح الحفل بمعزوفة موسيقية للفنان حبيب شحادة حنا (على العود) رافقه فيها الفنان فرج سليمان (على البيانو).

حنا حوراني: سنكمل حمل شعلة الثّقافة العربيّة

الكلمة التأبينيّة الأولى كانت للمهندس حنا حوراني، عضو الهيئة الإداريّة لجمعيّة الثّقافة العربيّة قال فيها: " في حضرة الغياب نلتقي، وفي ظله نكمل مشوارًا كانت قد قادت خطاه ورسمت معالمه لسنوات مضت – العزيزة الدكتورة روضة بشارة عطا الله – مديرة لجمعيّة الثقافة العربيّة، في حضور مميّز وبنية فسيفسائيّة مركبة أدارت روضة الجمعيّة فملأت جنباتِ المكان عطاءً فكريّا مفعمًا بالخلق والتألق والرياديّة، وبعمل دؤوب لا نهاية له. لقد حَمَلَت روضة وزملاؤها أمانة المؤسّسين فتعدّدت الرؤى وتنوعت برامج العمل لتشمل المجالات الثقافيّة المختلفة... سنفتقدك روضة لكننا نعدك بإكمال مشوارك ومشوارنا معًا، نحمل الرسالة التي آمنتِ وآمنّا بها معًا، ونكمل حمل شعلة الثّقافة العربيّة لتضيء هذا الوطن".

عوض عبد الفتاح: نموذج فريد للعطاء

واستهلّ الأمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي، عوض عبد الفتاح، كلمته بالإشارة الى صعوبة الحديث عن رفيقة درب وقائدة وأخت عزيزة، د.روضة عطالله، في غيابها قائلا " هي التي حافظت على اتصالٍ شبهِ يوميّ، قبلَ أن يُنهكها المرضُ اللعين، وتسألُ وتطمئنّ عنِ الحزب وعنِ الرفاق، وتجادل في سير البرامج. نعم، لم تتوقّف عن الاهتمام حتى بعد استقالتها من هيئات الحزب المركزيّة قبل عامين، لتتفرّغَ كليّا لمشاريعِ جمعيّةِ الثقافة العربية التي ازدادت ونمت، واتّسع تأثيرُها في السنوات الأخيرة. كانت روضة مسكونةً بأحوالِ الحركة الوطنيّة بتقدّمِها ومستقبلها، كانت في حركة دائمة، لا تهدأ. نعم كانت الدكتورة روضة، شخصيةً مقاتلة، غيرَ تقليديّة. كانت تخوضُ القتالَ على جبهاتٍ عدّة، التي هي في نظرها ونظرنا جبهةٌ واحدة. تخوض القتالَ في ميدانِ السياسة، في ميدان الثقافة، وفي ميدان التنظيم والإدارة. .. كانت تعرف كيف تفصِلُ إداريّا وتنظيميّا بين مهامِّها في الحزب ومهامِّها في الجمعيّة، باعتبار أنّ الجمعيّة هيئة مستقلة قانونيّا وإداريّا. لم تستسلمْ بسهولةٍ لآلامِ المرض، فظلت تصارعُه عبرَ متابعة مهمّاتها وواجباتها، حتى أنهك جسدَها المرض. أرادت أن تُنجِزَ قدْرَ ما يسمح لها الزمنُ المتبقي، أرادت أن تطمئنَّ على ديمومة العملِ والمشروع؛ مشروع بناء الإنسان في هذا الوطن السليب. لقد جسّدت نموذجًا فريدًا في العطاء والأداء".

حنا أبو حنا: روضة الطاقة المتألقة في شتى الميادين

وقدم الشاعر الفلسطيني الكبير، حنا أبو حنا، رثاء تحدث فيه في أوج رحلة العطاء الزاخرة الزاهرة خُطفت منا روضة، لكن مشعل هذا العطاء يظل متوهجًا موحيًا مرشدًا: "في ظروفنا - نحن الفلسطينيّين الذين تشبّثنا بتراب الوطن راسخين صامدين - في قفص الحكم العسكريّ حيث الحركة المقيّدة والقرى المشردة واللقمة المهدّدة والسعي إلى التدجين.. أدركنا أن وجودنا هو الجسم أما الروح فهي الثقافة بميادينها الرحبة الظليلة. ومنذ البدء كانت الهجمة السلطوية المبائية المبامية بالصحافة ودور النشر وفي ظروف قًطعت فيها الصلة مع الوطن العربي. لكن هذا الشعب لا ولن توأد ثقافته، وصلة الثقافة أنهار من الأجيال الوافدة ولا بد لها من رعاية دائمة. كان إنشاء جمعيّة الثقافة العربية سعيا لمأسسة الرعاية الثقافيّة الوطنيّة، وكانت روضة الطاقة التي تألقت في شتى الميادين، مبدعة في إدراك مناهل الرؤية الشاملة وتحقيق أهدافها".

ومن ثمّ قدّمت الفنانة دلال أبو آمنة أغنية "بلادي" للشاعر الراحل عصام عباسي من تلحين وتوزيع حبيب شحادة حنا.

لمى شحادة: كانت القوّةَ والعطفَ في المشروع الأساس

وقدّمت الناشطة والطالبة الجامعيّة لمى شحادة كلمة للشباب، قالت فيها : "لم آت لأتكلّمَ عن نفسي، ولكنْ ما عساني أقولُ في إنسانٍ كرّس حياتَه للجميع، لم يترك لنا ذكرى إلّا وكانت شخصيّة، لم تترك لنا موقفًا إلّا وكنّا نحن محورَه. ما من موقفٍ خاصّ جمعني بالدكتورة روضة إلّا وكان فيه من العطاء والحبّ والحرص عليَّ ما يُذرِفُ الدمعَ ويسكِتُ الكلامَ...  فالبوحُ هنا هو بوحُ الأنا الأضعفُ الصغيرُ الذي لا يرى في أمّه إلّا الأمومةَ، ولا يرى في العلاقة إلّا ذاتَه، ولا يقابَلُ إلّا بالحنان. فكيف لن يسقطَ الكلامُ من أوّله؟ كيف لن يتعثَّرَ الكلامُ عن حبٍّ جعلكَ طفلًا مدلّلًا؟ عن حبٍ غمَرَك حدَّ الأنانيّة؟ وهل يعقلُ أن أحكيَ الآن، في هذا الحدث عن طفولةٍ وأمومة؟ أوَلا تعرفون انكسارَ الطفل حينَ يُدرك أنّ أمَّه هي ليست أمّه فقط؟".
وأضافت شحادة "يمكنني الجزمُ بأنّني أقول هذا باسم الكثيرين من أبناء الغالية، فكلٌّ منّا كان وحدَهُ ابنًا لها، وكلّنا معًا كنّا مشروعَها الشخصيّ. لقد كانتِ الفردَ الجمعَ، جمعتْنا فيها، جمعتنا معًا، وجمعت كلّ الحبّ والطاقة فينا ولنا وللطريق من أمامِنا. كانت القلبَ والمحرّكَ في ثنائية الشخصيّ والعامّ، كانت القوّةَ والعطفَ في المشروع الأساس: الوطن الأكبر والإنسان المركز. سنويًا ويوميًا تتبنّانا، تبني في كلٍ منّا مشروعًا حجرًا في بناء الوطن الكبير، بفائق الإتقان توازي محورَيِ المسير، تصنعنا بعناية شبابًا قائدًا مسؤولًا متفوّقًا ومتميّزًا، وتصنع منّا شعبًا وطنًا وحريّة. يسمّونه "مشروع المنح"، ونسمّيه "مشروعَ بناء". يسمّونها "جمعية الثقافة" ونسمّيها بيتًا، يسمّونها فعالياتٍ وطنيةً ونسمّيها تربيةً قبل كلّ شيء... يسمّونها روضةَ ونسمّيها نحن رياضَ كلّ الأرض".

ثم قدم الفنان عامر حليحل قصيدة "أميرة" للشاعر الفلسطيني الراحل طه محمد علي.

عزمي بشارة: ماذا كنت سأعطي كي أكون اليوم بينكم؟!

ومن منفاه القسري، قرأ المفكر العربي عزمي بشارة، شقيق الراحلة، كلمة مصورة في رثاء شقيقته، بدأها بتحية الأخوات الأخوة الحاضرين للتأبين متسائلا: "ماذا كنت سأعطي كي أكون اليوم بينكم؟! مرة أخرى سوف أستعيضُ عن الكلمات بالكلمات، وعن الصمتِ بالصمت. صمتٌ في كلامٍ، وكلامٌ في صمتٍ، تنقضي الحياةُ ولا ينتهي. قلت يومًا "إن المنفى حزنٌ من خارج السياق". كان ثقيلَ الوطأةِ هذه المرة".  كما جاء في كلمته المؤثرة والعميقة: "لن تجد للموت معنى.  رثيت لحال الباحثين فيه عن معنًى فقدوه في الحياة، لولا أن التجارب علمتني أنّهم خَطَرٌ. حاول أن تجد معناك في الحياة.لكنك لن تعثرَ على شيء إذا قاربْتَها كتقليعةٍ أو شعار. ولا تنادي! فلا حياة هناك لمن تنادي.  أنت تصنعُ المعنى في حياتِك أنت وفي حياة الآخرين؛ في الحبِّ وفي تفاصيلِ الناس الصغيرة والكبيرة. ليس من معنى ما وراء الحب، أو ما وراء الفرق بين الخير والشر، أو خلف الفصل ما بين العدل والظلم. هنا الجحيم والجنة. وليس من أخرى. ليس الموت خيارًا. لكن قد يتاح لك أن تقرّر كيف تنهي حياتك. ليست الحياة خيارًا. فاجتهد أن تقرّرَ كيفَ تعيش. هنا أملُك، ليس من أملٍ سواه. عش لهذا الأملِ، عش للأبدِ! موتُك غيبٌ. لن يعرف الباقون إلا حضورَك... فاجعل الخاسرَ من لم يعرف حقيقتَك الجميلة!"

وختم د. بشارة كلمته: "أخواتي وإخواني، عزائي أنكم هنا على أجمل أرض.  زرت قرية إقرث الساحرة مرّاتٍ عديدةً تضامنًا مع أهلها المهجرين. لقد استودعتُم في أرضِها جزءًا مني، أنا الذي لا أعرف حتى إذا كنت سوف أُدفن في قرية والدي الساحرة القريبة، الواقعة إلى الشرق منها".

وكانت آخر الكلمات في التأبين، كلمة عائلة الفقيدة ألقاها سهيل عطا الله، شقيق د.الياس عطا الله زوج الفقيدة، واختتم الحفل بأغنية للفنانة رنا خوري من "جدارية" الشاعر محمود درويش.

التعليقات