العنف ضد المتظاهرين في الناصرة خرق لجميع القوانين

تؤكد الأم أنّها تشعر بالفخر لكون ابنتها دافعت عن نفسها وعن وطنها، ولكن من ناحية أخرى تضيف: كان ذلك مؤثرًا بشكل كبير بالنسبة لي عندما رأيتها تتعذب، فهي لا تزال صغيرة، ولم تتعرض لمثل هذه الاعتداءات من قبل

العنف ضد المتظاهرين في الناصرة خرق لجميع القوانين

شكت الأم بريهان خطيب، أمام محكمة الصلح في الناصرة، من منعها من رؤية ابنها المعتقل محمود خطيب، الذي تعرض بشكل همجي وكسر ساقهِ، بعد اعتقالهِ  ليلة أمس في احداث التظاهرة بمدينة النّاصرة، ليلة أول من أمس.

وتابعت بألم أنّها رأت مقطعا مصورا وهم ينهالون عليه بالضرب، مما استوجب دخوله لغرفة العمليات صباح أمس، الجمعة، وهو واحد من مجموعة شبّان وشابات اعتدت عليهم الشرطة الاسرائيليّة والقوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، مساء أمس الأول، الخميس، أثناء تواجدهم في تظاهرة النّاصرة.

وتعرض الشبان للتنكيل قبل وبعد الاعتقال، لدرجة أن بعضهم كان بحاجة ماسة لتلقي العلاج في المستشفى، بينهم سعيد بحطيطي ومحمد خطيب، بالإضافة إلى الاعتداء على آخرين لا يزالون في السجون، بينهم قاصرون.

وفي حديث مع المحامي حسام موعد، الذي كان شاهدًا عن كثب على حالة المعتقلين الجسدية، أفادّ أنّ هناك انتهاكات كبيرة جدًا لحقوق المعتقلين والمعتقلات عن طريق استعمال القوة الوحشية ضدهم وتعنيفهم، ومنهم فتاة دون جيل 14 عاما، حيث تم الاعتداء عليها بدون مبرر، وهناك علامات عنف واضحة في جميع أنحاء جسدها.

وتابع: 'أريد أن أنوّه أن الشرطة لم تقدم أي علاج أو إسعاف طبي للمعتقلة، وبحسب اعتراف ضابط الشرطة لم يتم تقديم أي علاج طبي لها، رغم معرفتهم بإصابتها برأسها وكتفها'.

وأضاف أنه تم استصدار قرار، الجمعة، من القاضي بإحالتها فورا إلى الفحص الطبي، وتحويل الملف بصورة بشكوى رسمية إلى وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحش)، مع كل توقعاتنا بأن ماحش لن تتعامل مع هذه الشكوى بصورة جديّة، وستقوم بشطب هذه الشكوى ضد الشرطة التي نكّلت بهذه الفتاة'.

من جهتهِ أكّد المحامي محمد أبو أحمد على عدم شرعية هذه الانتهاكات، بقولهِ: 'طبعًا لا مجال للشك بأنّ الاعتداء وضرب المتظاهرين بطريقة وحشية والتنكيل بهم هو أمر غير قانوني بشكل واضح، وهو انتهاك صارخ لأبسط حقوق الإنسان في سلامة أجسادهم وكرامتهم'.

اقرأ أيضًا| مواجهات في الناصرة وعرابة ورهط وعارة

وتابعَ أنّ 'أفراد الشرطة يقومون بهذه الاعتداءات بشكلٍ متكررٍ، ودون أيّ قيودٍ ضد المتظاهرين من الشبّان والشابات الذين خرجوا للتظاهر والاحتجاج تعبيرًا عن آلامهم وغضبهم إثر الاعتداءات على المقدسات والعرب والتمييز ضدهم لكونهم عربًا، وطبعا هذا الأمر مرفوض إنسانيا وقانونيا'.

وأشار إلى أن استخدام هذه الأساليب يأتي كرادع لتخويف وترهيب الشبان والشابات الذين يفكرون بالتظاهر للتعبير عن رأيهم بصراحة.

وقال المحامي محمد أبو أحمد: 'هذه الاعتداءات تقيد حرية التعبير عن الرأي في نظامٍ يدّعي الديمقراطية. وعلى إثر التظاهرات التي حصلت في الأيام الأخيرة هنالك الكثير من الاعتقالات التي تضمنت اعتداءً وحشيا من قبل أفراد الشرطة الذين ينظرون إلى المتظاهرين كهدفٍ سهل لردع هذه الاحتجاجات، وقسم من المعتقلين لم يستطيعوا المثول أمام المحكمة بسبب الإصابات البالغة التي تضمنت كسورًا ورضوضًا وإصابات مختلفة أخرى مما تطلب إسعافهم ونقلهم إلى المستشفيات المختلفة لتلقي العلاج والقيام بعمليات جراحية معقدة'.

وتشكو والدة أخرى، هي دعاء عيّاد من يافة النّاصرة، وهي أم لفتاة قاصر تم اعتقالها، وأظهر شريط مصور عملية التنكيل بها في الشارع من قبل ثلاثة جنود.

ومع كل هذا تؤكد الأم أنّها تشعر بالفخر لكون ابنتها دافعت عن نفسها وعن وطنها، ولكن من ناحية أخرى تضيف 'كان ذلك مؤثرًا بشكل كبير بالنسبة لي عندما رأيتها تتعذب، فهي لا تزال صغيرة، ولم تتعرض لمثل هذه الاعتداءات من قبل'.

وتابعت أن الطريقة التي تعاملوا بها مع ابنتها كانت وحشية، حيث أن علامات الضرب والرضوض لا تزال على يديها وجسدها.

اقرأ أيضًا| بلدية الناصرة: نحمل الحكومة مسؤولية أمن المواطنين العرب

وفي هذا السياق يتحدث لـ عــ48ـرب مدير المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، محمد زيدان، فيقول إن الشرطة الإسرائيليّة بتعاملها مع المتظاهرين قد خرقت جميع  مواثيق حقوق الإنسان، وكل القوانين المتعارف عليها دوليًا ابتداءً من الحق في الحياة، حيث أنّه كان هناك توجه رسمي مدعوم من قبل الوزارات ورئيس الحكومة ورؤساء البلديّات بدعوة الشارع الإسرائيلي إلى حمل السلاح، ومثل هذه الدعوة تعني تشريع القتل وفتح المجال للمواطنين اليهود في استعمال القوة والسلاح ضد العرب، وباللغة القانونيّة هو عملية إعدام ميداني ضد كل من يتظاهر.

وتابعَ أنّ تعامل الشرطة على أن كافة التظاهرات غير قانونية وغير شرعية هو يخالف القانون الإسرائيلي كذلك، والذي يجيز التظاهر والحصول على رخصة بشكل استثنائي وليس كقاعدة، وبالتالي تعاملوا مع هذه المظاهرات كغير قانونيّة من خلال استعمال وسائل قمعيّة،  كما حصل في الناصرة وغيرها من المدن العربيّة، باستعمل الغاز والقنابل الصوتيّة، والرصاص المطاطي، مما شكل خطرًا على المتظاهرين.

ولخص حديثه بالقول إن الانتهاك يكون لعدّة حقوق، منها حق الحياة، والحق في التعبير عن الرأي، والحق في التنظيم السياسي، والحق في التظاهر.

وعن سياسة المحاكمة الإٍسرائيلية في تحويلها لأداة قمع المتظاهرين، قال زيدان إنه 'كما يظهر فإنّ المحاكم الإسرائيليّة تتفاعل وتتحول إلى جهاز إضافي ومُكمّل لجهاز القمع الإسرائيلي من حيث أن المحاكم تُقرّ بشكل طبيعي الاعتقالات التي حصلت بأنها على خلفية التظاهر، بينما هناك من يفعلون جرائم كبرى ويتم الإفراج عنهم خلال نصف ساعة'.

التعليقات