"من السهل أن تضغط على الزناد... لأنّ الشرطة تتفرج"

وأردف نجيدات بالقول إنّ الشرطة والمخابرات الإسرائيليّة تعلمان بوجود السلاح بأيادي الجمهور، فهناك مئات الآلاف من قطع السلاح والشرطة تعلم بها، فلماذا لا تقوم بجمعها؟ والجواب لأنّ هذا لا يشكل خطرًا على المجتمع اليهوديّ بل على المجتمع العربي.

"من السهل أن تضغط على الزناد... لأنّ الشرطة تتفرج"

في أعقاب جرائم القتل المتتالية، وشلال الدمّ المسكوب في شوارع قرانا ومدننا العربيّة علنًا، علينا الوقوف لحظةً لنتساءَل لماذا لا يُمنَع انتشار السلاح غير المرخص؟ لماذا لا تقوم الشرطة بدورها، بل إنها تتقاعس، حين يصل إلى المجتمع العربي؟ لماذا الشرطة تقوم بدورها في المجتمعِ اليهوديّ، أمّا حين تصل إلى المجتمع العربيّ، وتحديدًا عندما يتعلق الأمر بالسلاح والمخدرات، تغضّ الطرفَ؟ ولماذا هناك سهولة في الضغط على الزناد؟

على مين؟

في حديث لـ'عرب 48' مع المختص في علم الإجرام، د. صالح نجيدات، قال إنّ الشرطة يجب أن تعمل عملها اللازم بجمع السلاح، فهي تعلم مع من تتواجد الأسلحة، ولكن هذه سياسة تتبعها الدولة كي يقتل العرب بعضهم البعض، وتابعَ: 'روى لي أحد الحاضرين من شهدوا شجار قرية عبلين البارحة، أنّه رأى الشرطة واقفة وتنظر إلى يجري دون أن تحرك ساكنًا'.

وأردف نجيدات بالقول إنّ الشرطة والمخابرات الإسرائيليّة تعلمان بوجود السلاح بأيادي الجمهور، فهناك مئات الآلاف من قطع السلاح والشرطة تعلم بها، فلماذا لا تقوم بجمعها؟ والجواب لأنّ هذا لا يشكل خطرًا على المجتمع اليهوديّ بل على المجتمع العربي، ولذلك، بالنسبة لهم، هذا الأمر لا يندرج على سلم أولوياتهم، كما أن هذا السلاح، بمفهومهم، يستعمله العرب للمشاكل والشجار حتى يتفاقم الوضع في المجتمع العربي، لينشغل العربيّ بذلك عن المواضيع السياسيّة والأمنيّة.

ومن جهة أخرى، صرّح المحامي محمد أبو أحمد لـ'عرب 48'، أنّه في السنوات الأخيرة لوحظ ارتفاع ملحوظ بكمية السلاح والذخيرة الموجودة في مجتمعنا دون استثناء، فكمية السلاح باتت تصل إلى آلاف القطع بشتى أنواعها من بنادق، مسدسات وقنابل صوتية ويدوية، مردفًا أنه 'يجب العمل بمسؤولية كبيرة وبحزم لاجتثاث هذه الآفة من جذورها، فالشرطة تتقاعس بواجبها في جمع السلاح المنتشر في المجتمع العربي بشكل خاص، الأمر الذي ينعكس على واجبها ودورها في الحفاظ على سلامة الجسد أولًا، والممتلكات ثانيا، وهذا يؤدي إلى شعور المواطن بالخوف المستمر والقلق الدائم مما يقودنا إلى مجتمع ينعدم فيه الأمن والأمان، وعدم ثقة بمؤسسات السلطة التنفيذية، وسيادة قانون الغاب، فمن يملك بحوزته معدات قتالية أكثر هو صاحب السلطة، وبالمقابل الشرطة تمتلك كل الأدوات اللازمة، القانونية والقوى البشرية التي تمكنها من حدّ كمية السلاح في مجتمعنا، لو كانت تنوي القيام بذلك بشكل مسؤول ومدروس'.

سهولة الضغط على الزناد

'ظاهرة انتشار السلاح لا شكَ أنّها سلبيّة جدًا في المجتمع العربي، وكما يعلم الجميع فإنّ السلاح حين يكون متوفرًا بأيدي الناس، يقومون باستعماله مباشرةً، دون تردّد، عند أي لحظة غضب، بالإضافة إلى استعمال المخدرات، وقد يكونون غير واعين بتاتًا، ولا يوجد لديهم إحساس بقيمة الإنسان في تلك اللحظة التي يتعاطون بها المخدرات، وهناك سهولة، كذلك، في الضغط على الزناد، لأنّ معظم من يستعملون المخدرات لا يمتلكون الشعور والتفكير بالحساب والعواقب لأفعالهم، فأي أحد يريدون إيذاءه يقومون بتصويب السلاح نحوه وقنصه، وهنا أرى ظاهرة لبداية الجريمة المنظمة، وبشكل خاص بالمخدرات والسرقة'، وفقًا لما قاله نجيدات.

واستطرد موضحًا أنّ الجريمة المنظمة تعني التنسيق بين العصابات، فمن يشكل خطرًا على هذه العصابات يقومون بتصفيته أو التسبب بالضرر له إن كان يشكل خطرًا على مصالحهم، لأنهم يريدون فرض سيطرتهم على تجارة المخدرات أو الحراسة وأدوات العمل وغيرها من الأساليب التي تتبع تهديد المصالح، ونحن غير بعيدين عن الجريمة المنظمة.

بدوره، يطرق أبو أحمد بالقول 'إنّ انتشار السلاح يؤدي إلى ازدياد وتيرة أعمال العنف، جرائم القتل، الاعتداء على أجساد الناس وممتلكاتها ورفع الخلافات الدامية والأخذ بالثأر وتفاقم المفاهيم الرجعية، وهذا أمر لا يستهان به ويجب وضع حدّ له من قِبل جميع القوى السياسية، الوطنية والقيادية للحفاظ على أرواح أبنائنا وشبابنا. عدد ضحايا جرائم القتل والعنف في السنوات الأخيرة في مجتمعنا العربي يعكس سهولة الضغط على الزناد وإزهاق أرواح البشر، وعن الأسباب التي تدفع الشاب لسهولة الضغط على الزناد تتلخص بعدم توفر أطر مجتمعية حاضنة وفاعلة تعلّم ثقافة الحوار وتحتضن الشاب منذ صغرهِ، والبيئة العنيفة المهددة للإنسان منذ الصغر، والتهور وعدم المسؤولية، بالإضافة إلى سياسة الحكومة، على مختلف الأطر التي تقود الشاب العربي إلى الإحباط واليأس والانخراط في أعمال الإجرام تنفيسًا عن همومه ومشاكلهِ اللانهائية'.

اقرأ/ي أيضًا | عبلين: قتل مزدوج في واقع منفصم

التعليقات