د. مصطفى لـ"عرب 48": إما الجنائية الدولية أو حل الدولة الواحدة

قال المدير الأكاديمي في مدى الكرمل، د. مهند مصطفى لـ "عرب 48" إن "مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون "تسوية الاستيطان"، يمهد لضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية"،

د. مصطفى لـ"عرب 48": إما الجنائية الدولية أو حل الدولة الواحدة

د. مهند مصطفى

قال المدير الأكاديمي في مدى الكرمل، الدكتور مهند مصطفى، إن 'مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون 'تسوية الاستيطان'، يمهد لضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية'، مبينا أن 'القانون يتيح للحكومة الإسرائيلية مواصلة التوغل ومصادرة الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، ويحول دون حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بموجب القرارات الدولية وحل الدولتين، ويكرس مبدأ حل الدولة الواحدة'، داعيا السلطة الفلسطينية لتحريك الملف بالمحافل الدولية وأمام الجنائية الدولية.

الضم الزاحف

وأكد د. مصطفى أن 'هذا القانون ينسجم مع أيديولوجية اليمين الإسرائيلي، وخاصةً اليمين الاستيطاني، الآن هذا القانون بغض النظر عن مستقبله فيما إذا لو أقرته المحكمة العليا أو تلغيه، فإنّه جزء من تصورات اليمين لضم مناطق الضفة الغربية، وبالذات مناطق سي'.

ورأى أن 'القانون ينسجم مع البرنامج السياسي لحزب 'البيت اليهودي'، والذي يقترح فيه ضم مناطق 'سي' إلى السيادة الإسرائيلية، وإبقاء حال السلطة الفلسطينية كما هي، كحل نهائي للفلسطينيين'.

ولفت إلى أنه 'قبل هذا القانون، اتخذ اليمين سلسلة خطوات نحو ما يمكن تسميته 'الضم الزاحف' على أرض الواقع، دون أن يعطيه صبغة قانونية، إذ كانت هنالك ممارسات سابقة لضم مناطق 'سي' إلى إسرائيل بشكلٍ واقعي'.

واستعرض مصطفى في حديثه لـ'عرب 48'، العديد من الأمثلة، أبرزها: 'البناء الاستيطاني الذي استمر في السنوات العشر الأخيرة بشكلٍ كبير، قضية البرامج التعليمية في جهاز التعليم الرقمي الإسرائيلي أصبح يفرض على المدارس زيارة مواقع في الضفة الغربية، الاعتراف بجامعة في الضفة الغربية (جامعة أريئيل)، وهناك الكثير من الخطوات التي تمّ تنفيذها في السنوات الأخيرة، تذهب إلى ضم الضفة الغربية في الواقع'.

وعن المغزى الحقيقي لـ'قانون التسوية' أضاف د. مصطفى، أن 'ما يحاول قانون التسوية فعله، وفق الأرضية القانونية والدستورية لهذا الضم، والمغزى الحقيقي لهذا القانون هو ضم الضفة الغربية، حتى لو أن إسرائيل رسميًا لم تُعلن ذلك، ولا تعلن بشكلٍ صريح عن ضم مناطق سي، لكنها فعليًا وقانونيًا تقوم بضم الضفة الغربية، وهي تعطي إطارًا قانونيًا جديدًا في التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية، بخلاف القانون الدولي الذي لا يجيز هذه الخطوات، وحاولت إسرائيل تجاوزه، أو إيجاد ثغرات معينة للبناء الاستيطاني، لكنها طوال الوقت تقول إنّ القانون الإسرائيلي لا يسود في هذه المناطق، لذا سيكون هذا القانون البوابة لضم الضفة الغربية الأمر الذي ينسجم مع توجهات اليمين المتطرِّف'.

سباق محموم بين نتنياهو وبينيت

وأشأر د. مصطفى إلى أنّ 'الاختلاف بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب 'البيت اليهودي، الوزير نفتالي بينيت، يتعلّق بطريقة الطرح، فبينيت يطرح برنامجه العلني الذي أكده في برنامجه الانتخابي في آخر دورتين، عندما تمّ تشكيل 'البيت اليهودي'، وقد أعلن بينيت في حينه أنها خطوة لضمّ الضفة الغربية، أما برنامجه الحالي، فيسير وفق ما يسعى بينيت لإنجازه، بينما يحاول نتنياهو إدارة هذه المعركة بهدوء، لكنّ برنامج الليكود متماهي مع سياسة نتنياهو الذي حاول أن يخفيها، وهو داعم لفكرة ضمّ الضفة الغربية، كما أنّ غالبية أعضاء الليكود يدعمون الفكرة'.

وأكد  مصطفى، أنّ 'نتنياهو يريد إدارة المعركة بطريقة مختلفة، إلاّ أنّ الصراع بينهما على القواعد اليمينية من جهة، والصراع بينهما على قيادة اليمين، وخوف نتنياهو الذي تحوّل إلى خوف مرضي في آخر سنة من خسارة مقعده، أدى به إلى الخضوع لإملاءات بينيت. لهذا السبب جاءَ فرض 'قانون التسوية' الحالي، وهذا الأمر ينسجم مع فكرة اليمين الاستيطاني في الضفة الغربية، والفرق بين الليكود والبيت اليهودي هو توقيت فرض القانون، فالبيت اليهودي قدّم خطوة استباقية، بينما أراد نتنياهو أنّ يكون هذا الضم بعيد المدى'.

المشروع الاستيطاني في عهد الرئيس ترامب

وعن خطورة الخطوة وعلاقتها بالسياسات العالمية خاصة بعد وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض، وكيف تساعد هذه الخطوة نتنياهو على فرض الاستيطان في الضفة الغربية؟، قال د. مصطفي إنها 'الفترة الرابعة التي يشغل فيها نتنياهو منصب رئيس الحكومة، لكن صادفت أنه لم يعمل أمام رئيس أميركي جمهوري حتى اليوم، ففي العام 96 وقف أمام كلينتون وفي العام 2009، عمل أمام باراك أوباما، على الرغم من أنّ أفكار نتنياهو السياسية والأيديولوجية والاقتصادية متماهية مع الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري، كما أنّ تجربة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ستكون قريبة في التعامل بين نتنياهو وترامب، ولأول مرّة سيعمل نتنياهو أمام رئيس أميركي جاء من الحزب الجمهوري والذي يتماهى نتنياهو معه في جميع أفكاره المحافِظة، وموقفه المعروف من الأقليات، وما إلى ذلك'.

واعتقد د. مصطفى أنّ 'نتنياهو كان معارضًا لهذا القانون، وحاول تأجيله أو نقاشه إلى ما بعد انتهاء فترة أوباما، لكنّ الإشكالية لديه أنّ المحكمة العليا فرضت عليه أن يخلي المستوطنة في 25/12، رغم محاولته طلب التمديد لسبعة أشهر، لكن المحكمة رفضت، الأمر الذي أدخله في مأزق آخر، ولا يريد تمرير القانون في فترة أوباما، لذا اضطر الخضوع لبينيت. ومع مجيء ترامب، كما يفكر اليمين الإسرائيلي، يعتقدون أنّ ترامب سيكون متسامحًا جدًا مع البناء الاستيطاني'.

وأوضح د. مصطفى أنه 'بدأنا نلاحظ أنّ المجموعة المحيطة بترامب، هي مجموعة ليست داعمة للاستيطان فقط، بل داعمة لمواقفه السياسية وإعطاء شرعية لإسرائيل، بل إنّ بينهم شركاء في مؤسسات داعمة للمستوطنين، وفي هذه الحالة سيكون لنتنياهو سهولة في تمرير المخططات الاستيطانية، بالذات في القدس وفي الكتل الاستيطانية التي كان يعارضها أوباما في فترة حكمه، أو كانت أميركا تنتقدها، هذه المعارضة لن تكون قائمة في هذه الفترة، ونرى الشخصيات المحيطة بترامب، فهي شبيهة بأفكار اليمين المتطرف في إسرائيل. وعليه، فترة ترامب ستعزز ثقة نتنياهو بتهميش الموضوع الفلسطيني أكثر فأكثر، وسيكون أكثر ثقة وجرأة بالتهميش، ورأينا ردة فعله على المبادرة الفرنسية، فقد رفضها، مثلما رفض الجلوس مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس بطلب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومع مجيء ترامب سيكون لديه جرأة أكبر في تهميش الموضوع الفلسطيني تمامًا'.

المطلوب فلسطينيًا

ورأى د. مصطفى أن 'الخطوة الأولى التي يجب أن يتخذها الفلسطينيون الذهاب إلى المحكمة الجنائية، للأسباب التالية: أولاً، هناك اعتراف إسرائيلي أنها دولة محتلة. ثانيًا، هناك اعتداء إسرائيلي على القانون الدولي. ثالثًا، هناك اعتداء إسرائيلي على القانون الإسرائيلي نفسه. رابعًا، هناك انتهاك للحق الطبيعي بحقوق الإنسان، والمقصود حق الملكية. خامسًا، انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة. سادسًا، انتهاك الاتفاقيات الدولية الأخرى'.

وعليه أضاف د. مصطفى أنه 'يجب الذهاب بالموضوع حتى النهاية، وعلى السلطة الفلسطينية الذهاب بخطواتها القانونية حتى النهاية وعدم التراجع، هكذا كانت دائمًا، قبل الوصول إلى الخط النهائي تنسحب، فبعد هذا القانون هناك دليل قاطع أمام العالم، بأننا أمام حكومة تريد أن تضم الضفة الغربية، وفلسطينيًا نحنُ أمام خيارين، إذا مرّ القانون عبر المحكمة العليا الإسرائيلية، فعلى الفلسطينيين الذهاب إلى حل الدولة الواحدة، ومحاسبة إسرائيل في المحاكم الدولية وبشكلٍ جدي، لكن الوقوف على الحالة الحالية من العمل والخطاب لم يعد يُجدي نفعًا'.

التعليقات