الوضع الصحي يعكس حقيقة الأوضاع المزرية في المجتمع العربي

على هامش مؤتمر الصحّة العاشر الذي عُقد، الأسبوع الماضي، بمبادرة من المستشفى الإنجليزي في الناصرة، تحدث عدد من الأطباء عن الصحّة السليمة وواقع المرضى وأبرز التحديثات العلميّة التي تجري في عالم الطب.

الوضع الصحي يعكس حقيقة الأوضاع المزرية في المجتمع العربي

مؤتمر الصحّة العاشر بالناصرة (عرب 48)

يعكس تدهور الوضع الصحي العام حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المُزرية في المجتمع العربي، إذ تقبع غالبية البلدات العربية في أدنى درجات السلم الاقتصادي الاجتماعي، بين الدرجة الأولى وحتى الثالثة، حيث يعيش أكثر من 505 من الأسر تحت خط الفقر، أي في خانة الفقر والإهمال وانعدام تطوير البرامج الخاصة بالوضع الصحي في المجتمع العربي.

وتشير الأوضاع إلى عدم اهتمام السلطات الرسمية بقضايا المجتمع العربي، وعدم سعيها لتفادي المخاطر الصحية والبيئية. وإذا كان الوضع العام في المجتمع العربي على هذه الدرجة من الصعوبة، فإن الأوضاع أصعب أضعاف ذلك في مناطق بعينها كالنقب حيث النقص وانعدام الخدمات ومؤسسات الرعاية الصحية.

وعلى هامش مؤتمر الصحّة العاشر الذي عُقد، الأسبوع الماضي، بمبادرة من المستشفى الإنجليزي في الناصرة، تحدث عدد من الأطباء عن الصحّة السليمة وواقع المرضى وأبرز التحديثات العلميّة التي تجري في عالم الطب.

وأشادَ المختصون في مجال الطب بتميُز الكثير من الأطباء العرب في عدة اختصاصات.

وقال المدير السابق لمستشفى الناصرة، د. بشارة بشارات، لموقع 'عرب 48' إنه 'بعد سنوات من التخطيط والعمل والتغيير وضعنا معنىً مختلفًا للصحة وللطب، ففي العام العاشر لانطلاقة مؤتمر الصحة، نكرر أهمية الوعي الصحي، وهناك اهتمامٌ كبير في جميع البلاد، بصحّة المجتمع العربي، ومن المفترض أن ندرُس هذا الاهتمام حتى نطوِر صحة المجتمع العربي بشكلٍ أكبر، وأنا متفائل جدًا لنجاح المؤتمر والتحديثات الجديدة، هذا يعني قدرتنا على القيام بتغييرٍ كبير، وسيتم تلخيص نتائج المؤتمر ضمن اجتماعات مناطقية، من أجل مجتمع أفضل'.

وردًا على سؤال، ما هي القضايا الصحيّة التي تهم المجتمع العربي؟ أجاب د. بشارات، إن 'إحدى الأمور التي يجب تعزيزها هي الوعي الصحي لمجتمعنا العربي، ليس فقط لدى الأطباء والممرضين والممرضات، كما أنّ الأطباء ليسوا مجرد أطباء يقدمون توصيات ويشددون على استعمال الأدوية، بل هم سفراء التغيير، فأغلب الأطباء والممرضات والعاملين في مجال الصحة يروْن أنفسهم سفراء صحّة لتغيير نمط الحياة الصحي وليس فقط للعلاج، وهذا تغييرٌ كبير لصالح مجتمعنا'.

وشدد د. محمد خطيب على أهمية المسح الذي قام به طاقم جمعية الجليل ومركز ركاز، مشيرًا إلى أنه 'شمل جميع الجوانب الصحيّة والمقاييس الصحيّة المختلفة بالنسبة لانتشار الأمراض، الإعاقات، الحوادث البيئية، الحوادث بشكلٍ عام، وتطرّق للخدمات الصحيّة بما فيها مناليّة الخدمات الصحيّة، جودة الخدمات، مناليتها الجغرافية والاقتصاديّة، كل ذلك بعيون المواطن العربي، وهو أمرٌ مهم، مرتبط باعتماد الخدمات الصحيّة'.

وأضاف أن 'المسح تطرّق لموضوع المعرفة الصحيّة، بمعنى كم يعرف المجتمع عن الخدمات الصحيّة، وعن المواضيع المهمّة بشكلٍ عيني، مثل الأمراض الوراثية، الأمراض المزمنة، الأمراض المعدية، ومعرفة الحقوق الصحيّة. وجرى البحث في موضوع الطب البديل، إذ هناك عدم وعي كافٍ في المجتمع العربي. أما القسم الثاني من المسح فتطرّق لموضوع البيئة والمخاطر البيئية وتأثيرها على جودة الحياة والحقوق البيئية، معرفتها وتحقيقها، وكيفية الحصول عليها. نحنُ لم نُجرِ مقارنات مع الوسط اليهودي وإنما قمنا بالبحث في المجتمع العربي ورغبنا بمعرفة المعطيات بالتفصيل عن مجتمعنا العربي كأساس لتحديد سياسات، تغيير سياسات، تخطيط إستراتيجي في مجال الصحّة، بناءً على هذه المعطيات'.

الثقافة الصحيّة للجيل الجديد والجيل الذهبي

وأشارت طبيبة العائلة، د. سهام كعكوش صيدم، من باقة الغربية، إلى وجود فروقات كبيرة بين المجتمع العربي مقابل الوسط اليهودي.

وقالت لـ'عرب 48' إنه 'توجد ضرورة للعمل على تقليص الفجوات الناتجة عن سببين: الأول قلّة المعرفة، والثاني البنية التحتية التي لا تساعد في تطوير الصحة للمجتمع العربي. البنى التحتية مرتبطة بالميزانيات التي تصل البلديات، وأيُ بلدية غير بلدية باقة الغربية لديها قسم صحة جماهيرية والهادفة للممارسة الثقافة الصحية من خلال التنمية والتطوير الصحي لأهل باقة، ولسائر مجتمعنا'.

وأضافت د. سهام صيدم أنّ 'هناك حاجة لرفع الوعي، في ظل مشاكلنا المركّبة والمرتبطة بعدم المعرفة، وثانيًا نمط حياتنا غير الفعال وغير الصحي'.

وانتقدت التحاق الناس بـ'موجة التمدن الجديدة، ما جعلنا نترك غذاءنا الصحي، وفي المقابل نبحث عن التربية غير الصحيّة وعلى رأسها الأكل السريع، ما تسبب بتراجُع صحتنا إلى الوراء، كما أنّ كثيرين لا يعرفون أهمية الوعي الصحي، ولا يعرفون أن هناك ضرورة لاعتماد غداء صحي، والأهم أن يتم ممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيا، توخيًا لأمراض العصر التي باتت خطيرة، ونشهد أمراضا خطيرة مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع نسبة الدهون في الدم بنسبة عالية جدًا. أعتقد أن باقة الغربية مدينة صحية منذ سنوات، والهدف هو التنمية وتطوير صحة الإنسان، من جيل الطفولة المبكرة وحتى الجيل الذهبي، صحيح أنني لن أستطيع مساعدة الجيل الذهبي، لكنني أستطيع مساعدة الطفل في استخدام نمط حياة صحي، كما أنّ حل مشكلتنا بخصوص الأمراض يتعلّق بالتثقيف والميزانيات المخصصة للبنى التحتية ولنمط حياة صحي وفعّال'.

إلى ذلك، أكد مطلعون على الأوضاع الصحية في المجتمع العربي أن الحاجة ماسة جدا لوضع إستراتيجية وبرامج عملية تُرصد لها الميزانيات الكافية بتحسينها وتطويرها حرصا على سلامة أبناء المجتمع العربي.

التعليقات