اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض للإضراب الاحتجاجي الشامل الذي أعلنته لجنة المتابعة العليا، اليوم الأربعاء، في البلدات العربية بالجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية منذ صباح اليوم الأربعاء، ردا على الجريمة التي ارتكبتها الشرطة في كفر قاسم، بقتل الشاب محمد محمود طه (27 عاما)، بدم بارد.
وتساءل البعض عن جدوى الإضراب وانتقدوا شمل المؤسسات التعليمية والمدارس وروضات الأطفال من جهة، في حين انتقد البعض الآخر عدم الالتزام الشامل بالإضراب، غير أن الجميع أجمعوا على ضرورة تطوير آليات النضال وممارسة الضغط على المؤسسة الإسرائيلية وشرطتها كي تكف عن ممارساتها وقتلها الشباب العرب المحتجين على العنف كما حصل في كفر قاسم.
وقال المتخصص في السياسات التربوية، د. أيمن إغبارية لـ'عرب 48' إنّ 'العنف بشكله المستدام والمنظم والمسلح كما هو واقع الآن بين أظهر الفلسطينيين في إسرائيل هو دلالة على أنه تعبير عن سياسة منهجية وإن كانت غير معلنة تقيم تراتبية هرمية للموت والحياة بحسبها اليهودي يستحق الحياة أكثر والعربي يستحق الموت أكثر. بحسب استحقاقات هذه التراتبية يتم توزيع الموارد لمكافحة العنف وبحسبها الفلسطيني في إسرائيل هو 'ابن الموت' أكثر منه 'ابن الحياة' وهو في موقع التعادي مع الدولة لا في موقع النقاش معها. من هذا الموقع وهو نابع من عقلية الإبادة والإزالة لدى السلطة من السهل إطلاق النار على الفلسطيني سواء كان من الـ 48 أو الـ 67'.
وأضاف أنه 'من ناحية أخرى، لهذا العنف دلالتين: الأولى في اختراق المجتمع الفلسطيني من قبل منظمات الإجرام وعلى تدهور المنظومة القيمية فيه. الدلالة الثانية هي على قوة هذا المجتمع والإجماع الكاسح بين القيادات والجمهور على التصدي والمكافحة وهنا القدرة على ذلك ستظل دائمًا محدودة بسبب عدم تعاون السلطة'.
وختم إغبارية بالقول إن 'مجتمعنا ليس هو من لا يتعاون مع الشرطة بل العكس هو الصحيح، فما زالت الشرطة في إسرائيل استخباراتية وغير مدنية، أما بالنسبة للحلول والبرامج فهي معروفة في أدبيات البحث العلمي، لكن ما ينقص هو الإرادة السياسية لتطبيقها من قبل السلطة المركزية وتعاطي أكثر جدية مع الحلول'.
الإضراب والتصعيد
وقالت عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، نيفين أبو رحمون، لـ'عرب 48' إنه 'إذا ما تابعنا المشهد السياسي الحالي، فسندرك حجم المعارك اليومية التي نخوضها أمام المؤسسة الإسرائيلية لا سيّما أنّ القضايا متشابكة وتتمحور حول الوعي والهوية لنا كأصحاب هذا الوطن'.
وأوضحت أن 'الإضراب يأتي كوسيلة احتجاجية، وهي الخطوة الأولى لنا في هذه المرحلة التي تتطلب منا تصعيدا واضحا في أدوات النضال مقابل تصعيد المؤسسة الإسرائيلية وتتلخص بسقوط الشهيد محمد طه من كفر قاسم على يد الشرطة التي تستهر بحياة شبابنا'.
وختمت أبو رحمون بالقول إن 'الرد الآن هو التضييق وسد الطريق على الشرطة في بلداتنا من خلال منع دخولها المدارس، ويتطلب الأمر موقفا واضحا من السلطات المحلية بمنعهم من فرض أنفسهم كأوصياء على بلداتنا سواء عن طريق إدخال الخدمة المدنية أو في مساهمتهم بتأجيج العنف من خلال حماية عائلات وجماعات الإجرام من جهة، ومن جهة أخرى لا تتردد في إطلاق النار على شباب يحمل رسالة وطنية ويصر على مواجهة الشرطة وإلقاء المسؤولية عليها في تقاعسها وعدم أداء الحد الأدنى من صلاحياتها بمنع العنف المتفشي، وهذا المشهد بات عاديا لنظام كولونيالي استعماري ينعكس من خلال إيديولوجية تعمل الشرطة ضمنها'.
تحديات
وقال نائب رئيس الحركة الإسلامية، د. منصور عباس، لـ'عرب 48' إن 'المجتمع العربي يواجه تحديا كبيرا في التصدي لأعمال الجريمة المنظمة التي تحاول فرض نفسها على مجتمعنا وابتزازنا من جهة، ومن جهة أخرى نواجه سياسة حكومية وشُرطية متقاعسة وربما متواطئة علينا، وإلا كيف نفسر عدم تقديم لوائح اتهام في أي قضية قتل فضلا عن تطورات الأيام الأخيرة'.
وأشار إلى أن 'الشرطة الإسرائيلية واجهت المتظاهرين احتجاجا على تقصير الشرطة واستخدمت الرصاص الحي وقتلت أحد أبناء كفر قاسم. والمطلوب منا مواجهة هذه السياسة العنصرية والتمييزية والعدوانية، وإيجاد البدائل الفعلية لحماية مجتمعنا من الجريمة المنظمة'.
آليات احتجاج
وقالت الناشطة النسوية نبيلة إسبنيولي لـ'عرب 48' إنه 'كانت هناك تساؤلات حول نجاعة الإضراب، وهل كان من الضروري الإعلان عن الإضراب في المجتمع العربي؟ وردا على هذه التساؤلات أقول إن الإضراب أقل ما يمكن أن يُسمع أصوات أبناء شعبنا، وللذين انتقدوا آلية الإضراب، أقول إن الإضراب هو أحد الآليات الأساسية في إسماع الصوت والاعتراض على كل قضية هامة، ونحن هنا نتحدث عن قتل شاب من داخل مجتمعنا بدمٍ بارد، لكونه عربي'.
وأضافت أن 'هناك حاجة مستقبلا للتفكير في آليات أخرى، كي نوصل الصوت للرأي العام الإسرائيلي، والاحتجاج أمام السلطة، وهنا يجب أن نشيد بموقف النواب العرب الذين تواجدوا في كفر قاسم في الوقت الذي كانت المؤسسة الإسرائيلية تقتل أبناء شعبنا'.
وختمت إسبنيولي بالقول: 'آمل أن يكون هناك ابتكار لأدوات نضالية مختلفة، ترافق الإضراب من خلال فعاليات وأنشطة احتجاجية لتعبئة الجيل الصاعد، وأهمية معرفة طلابنا لحقهم في النضال من أجل الأمن والأمان في مجتمعنا'.
إستهداف
وقال رئيس الهيئة الإدارية لجمعيّة الثقافة العربيّة، د. محمود محارب، لـ'عرب 48' إنه 'من الواضح أن من أهم أسباب استمرار العنف بين صفوف شعبنا داخل الخط الأخضر ليس فقط نتيجة إهمال الشرطة وإنما أيضا تعاملها مع العرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر كأعداء'.
وأكد أن 'المؤسسة الإسرائيلية تعتبر أنّ هذا القتل واستمراره وعدم تصديهم له بشكلٍ واضح وعدم معاقبة الجناة والسكوت عنهم رغم سيطرة الشرطة والمخابرات ومعرفتهم بالجناة وسيلة تهدف لإضعاف مجتمعنا والسيطرة عليه والتحكم به ما يؤدي إلى إضعاف الجهد لخلق مجتمع فلسطيني عصري يناضل من أجل نيل حقوقه كاملةً'.
اقرأ/ي أيضًا | إضراب بالبلدات العربية ردا على جريمة الشرطة بكفر قاسم
التعليقات