الحقوقية أبو شارب: والدة البحيري قلقة وتشعر بعدم الأمان

وقالت مديرة مركز حقوق النساء العربيات بالنقب في جمعية "معك" الناشطة الحقوقية والنسوية، إنصاف أبو شارب، من قرية اللقية، لـ"عرب 48" إن "تقاعس الشرطة وطواقم الشؤون الاجتماعية انتهى هذه المرة أيضا بجريمة قتل شابة عربية هي المرحومة حنان البحيري (19 عاما) من اللقية".

الحقوقية أبو شارب: والدة البحيري قلقة وتشعر بعدم الأمان

إنصاف أبو شارب

تتصدر جرائم قتل النساء نشرات الأخبار لساعات ثم ما يلبث أن يتحول الرأي العام بعدها لقضايا وأحدث أخرى ومختلفة.

وقالت مديرة مركز حقوق النساء العربيات بالنقب في جمعية 'معك' الناشطة الحقوقية والنسوية، إنصاف أبو شارب، من قرية اللقية، لـ'عرب 48' إن 'تقاعس الشرطة وطواقم الشؤون الاجتماعية انتهى هذه المرة أيضا بجريمة قتل شابة عربية هي المرحومة حنان البحيري (19 عاما) من اللقية'.

ورأت أبو شارب أن 'هناك من آثروا الصمت بدلا من إنقاذ والدة البحيري والأبناء والبنات، الذين بقوا في بيتهم، وتجاهلت المؤسسات بذرائع مختلفة، مطالب الوالدة ما أدى إلى مقتل ابنتها، وعليه فإن الشرطة ومكتب الشؤون الاجتماعية يتحملان المسؤولية بسبب التقاعس عن أداء عملهم'.

ما هي الظروف التي تعيشها الأم وبناتها وأبنائها في هذه المرحلة؟

أبو شارب: تعيش الأم والأبناء في وضع يُرثى له، ولا تزال الوالدة تكرر أن الشرطة لم تفعل شيئا، وأنها كانت سببا لوفاة ابنتها، بسبب التقاعس والتقصير. الأم قلقة وتشعر بعدم الأمان، في ظل سؤال الجميع عن لائحة الاتهام، وكأنه لم تحدث جرائم قتل نساء. كان على المجتمع العربي البدوي والمسؤولين فيه الخروج عن صمتهم، ورفضهم للجرائم التي تتكرر في النقب، وليس عدم السؤال عن الضحايا، وكأن البشر لم يعد لهم قيمة في مجتمعنا. المرحومة حنان البحيري أجبرت على الزواج لشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة ثم انفصلا. وصلت الشابة قريبا من منزلها، لكنها قُتلت قبل أن تصل إلى حضن أمها.

هل تعتقدين أن هذا الاستخفاف بملف جرائم قتل النساء في المجتمع العربي البدوي ما كان ليحدُث لو أن الحديث عن نساء من المجتمع اليهودي؟

بالتأكيد، لقد وصلت الأم إلى مرحلة من القلق والخشية على تعرُض بناتها وهي شخصيا للإيذاء وحتى القتل، ووصل الوضع إلى درجة أن الأم لا تعرف ماذا سيكون مصيرها هي وبناتها، وهل ستحميها المؤسسات وتحصل على الأمان كما تتوخى؟ وتجربة والدة حنان البحيري تؤكد أن الشرطة ليست هي الحل المطلوب.

هناك مظاهرات متواصلة يتم فيها المشاركة من قبل نساء بالأساس، هل برأيك التظاهرات ضد قتل النساء كافية؟

أبو شارب: في الحقيقة أن هناك مسؤولية مشتركة سواء على النساء الناشطات نسويا وحقوقيا أو الناشطين والقيادات العليا، التي يمكنها التأثير والإسهام برفع الصوت من أجل تغيير الواقع للأفضل، وهذه الخطوات ستكون بداية الطريق الذي يعطي للمرأة الأمل بالاستمرار في مسيرتها، وألا ترضى بمواجهة مصير قاس، ونحن في 'معك' شاركنا في المظاهرة النسوية، ورفعنا صوتنا عاليا، ونحن نتواصل أيضا مع وزارة التربية والتعليم والمستشارين من أجل التغيير الفعلي، علنا نغير من خلال الجيل الجديد، الذي يجب أن يتثقف ليحارب العنف بكافة أشكاله.

القتيلة حنان البحيري

يمُر المجتمع العربي البدوي في هذه الأوقات بظروف صعبة جدا، في ظل ظروف غامضة، لم تنجح الشرطة من الوصول لمرتكبي الجريمة، ولا يخرج من المجتمع النقباوي صوت واضح جدا إثر جريمة قتل الشابة حنان البحيري، وهذه الجريمة هي واحدة من الجرائم التي يكون سببها العنف الأسري وقتل الفتيات والنساء العربيات في النقب، وهي ظاهرة مستشرية، وبالعودة إلى عشرات السنين للوراء كانت تتسم جرائم قتل النساء بالكتمان، ويتم التبليغ عن اختفاء الفتيات أو انتحارهن، أما المجتمع والعائلة فإنهم ينظرون إلى القضية على أن الشابة قُتلت في ظروف غامضة بينها: الانتحار، الحرق وذرائع أخرى، ويتم التكتم على الجريمة، وفي جريمتي القتل الأخيرتين لم يُسمِع أهالي النقب صوتهم، خاصة الرجال، بمن فيهم القيادات العليا.

ما هي صعوبة توجه النساء لتقديم شكوى للشرطة؟

أبو شارب: تكمن الصعوبة في عدم القدرة على التحرك لتقديم شكوى، فخروج النساء لتقديم شكوى سيتبعه ملاحقة وتهديد بالقتل أو القتل، وتكون النساء طوال الوقت مهددات، والخطر على حياتهن جدي، وتخشى النساء التوجه لتقديم شكوى كونهن يعشن في خطر أصلا. وإذا ما قدمت شكوى أو فكرت إحداهن بتقديمها، فتثار التساؤلات: 'أين ستذهبين؟ وما هو مصير أطفالك؟ وكيف سيكون مستقبلك في ظل فقدان الأمان؟، علما أن الشرطة والشؤون الاجتماعية رفعت أيديها، على اعتبار أن جرائم القتل بات حالة ميؤوس منها، وإذ بالشرطة تغلق الملف لعدم كفاية الأدلة، ومن جهة أخرى، فإن عدد من النساء اللواتي يرغبن بتقديم شكوى، لا يُجدن اللغة العبرية، وبالتالي فإنهن لا يستطعن نيل حقوقهن كاملة، وإسماع صوتهن.

لم يعد بالإمكان السكوت وتوجد أهمية لرفع الصوت ضد جرائم قتل النساء؟

أبو شارب: لم يعد مكانا للسكوت، والعتب على المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية ومن يعملون في الحقل الاجتماعي، وهنا تنبع أهمية الصرخة ورفع مستوى الأفراد وتغيير السياسات، عدا عن هذا يبرز التخاذل حين تغلق الشرطة 300 ملف شكوى وصلتها ووصلت الشؤون الاجتماعية ولم يتم معالجتها. ويبدو أن المطلوب بعد كل جريمة قتل 'الصمت'، بدلا من حماية النساء قانونيا، وقد خسرنا 6 نساء، وأغلقت نحو 60% من الشكاوى التي قدمتها النساء العربيات البدويات، 'لعدم وجود أدلة كافية'. ولم يتم الكشف عن النساء اللواتي قتلن تحت ذرائع كثيرة، في واقعها العام جرائم قتل مُتعمد وإخفاء للجثة، وحين تضع المرأة رأسها على وسادتها، تخشى أن يكون هذا يومها الأخير. وما يدل على ذلك جرائم القتل التي جرى إخفاوها وجرائم أخرى تطفو فوق السطح، لكن تكون النهاية قد مضت، وهذا ما حدث مع حنان البحيري التي قتلت بنفس الطريقة، ومثلها عدد من النساء قتلن دون أن يُقدم أحد المجرمين للقضاء. 

التعليقات