على أبواب العيد: استعدادات لإنعاش الحركة الشرائية بالناصرة

لطالما ارتبط العيد بغناء الأطفال، وهو يعبر عن اللهفة لقدومه، ولقد اتحفتنا فنانة الزمن الجميل، صفاء أبو السعود، بأغنيتها: "أهلا أهلا بالعيد، مرحب مرحب بالعيد" وصوت والأطفال يصدح خلفها، ولكن هل حقًا ما زال العيد يحمل رونقه الذي تتعطش له الناس؟ وكيف يتحضر له المجتمع العربي في البلاد، في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة السائدة؟

على أبواب العيد: استعدادات لإنعاش الحركة الشرائية بالناصرة

الناصرة حزيران 2017 (عرب 48)

لطالما ارتبط العيد بغناء الأطفال، وهو يعبر عن اللهفة لقدومه، ولقد اتحفتنا فنانة الزمن الجميل، صفاء أبو السعود، بأغنيتها: 'أهلا أهلا بالعيد، مرحب مرحب بالعيد' وصوت والأطفال يصدح خلفها، ولكن هل حقًا ما زال العيد يحمل رونقه الذي تتعطش له الناس؟ وكيف يتحضر له المجتمع العربي في البلاد، في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة السائدة؟

للإجابة عن هذه الأسئلة اتخذنا من الناصرة، أكبر المدن العربية في البلاد، محطة لاستطلاع آراء المارين، من النساء والأطفال والشباب والشيوخ، في الحوانيت والشوارع والأسواق المنزوية، رغم ظهور علامات التعب على محياهم بسبب الصيام انتظارا ليوم فطرهم هو يوم العيد.

حركة بطيئة

جلس أحد سكان الناصرة، عبد الله صفوري، في الشارع يروي لـ'عرب 48' أن 'حال عيد الفطر هذا العام سيكون كما حال عيد الفطر الذي قبله، لا فرق بين صائم وغير صائم في العيد فكلاهما سيحتفلان بالعيد، أما عن الأجواء فلا أجواء مميزة وخاصة، والسبب يعود لإفلاس الناس ماديا ومعنويا'، مؤكدا أن 'الإفلاس ضارب أطنابه'!

وتابع صفوري أن 'المصروفات الكثيرة في عيد الفطر تفوق مصروفات عيد الأضحى، فالمصاريف تستمر في الفطر بعد شهر رمضان، مشتريات من الملابس والأحذية والمأكولات والمشروبات، ولغاية الآن لا أرى التحضيرات للعيد جارية كما يجب، رغم اقتراب العيد'.

أما صاحب متجر لبيع الحلويات والمكسرات على أطراف مدخل البلدة القديمة، محمد الشايب، فقال لـ'عرب 48' إن 'الاستعدادات لعيد الفطر لم ترتقِ بعد للمستوى المطلوب، وكصاحب متجر لا أرى أيّ إقبال من الناس على شراء المستلزمات المصاحبة للعيد'، مفسرا أن 'هناك حركة تجارية، ولكنها خفيفة وأقل مما كانت عليه قبل سنوات ماضية، ففي الماضي كان السوق منتعشا أكثر مما هو عليه اليوم، وربما الناس تنتظر إلى آخر يومين لتبدأ بالشراء فيكون الضغط والحركة فيهما وقبل العيد فقط'.

سألناه: لماذا؟ أجاب الشايب أن 'الأوضاع الاقتصادية الصعبة هي ما تجعل الناس ينتظرون إلى ما قبل العيد، ربما ينتظرون الراتب الشهري ولهذا يتأخرون'.

تأتي هذه الأجواء المتناقضة لتروي قصة مبهمة حول حال المدينة، فالبعض لا يدخل المدينة للشراء بالأساس، بل يقوم بشراء مستلزماته من المجمعات التجارية الكبيرة في مدينة نتسيرت عيليت ما يعكر صفو فرحة شوارع الناصرة في هذه الأيام ويجعلها خالية من الحركة الشرائية في نهاية شهر رمضان المبارك.

تحضيرات

أحد الشوارع الرئيسية القريبة من مركز البلدة القديمة في الناصرة شبه خالٍ في يوم بهيج كهذا، صحيح أن اكتظاظ المركبات والسيارات أمر غير قابل للنقاش في الناصرة، فالأزمة المرورية تكون في كل وقت، ولكنها لا تعكس أبدا نشاطا تجاريا واقتصاديا في المدينة إلا ما قل من بعض النساء بشكل خاص اللواتي يقمن بالتسوق.

وفي هذا السياق خرجت المواطنة عزمية قبلاوي لشراء حاجياتها من السوق استعدادا للعيد، وعن تحضيراتها قالت لـ'عرب 48' إن 'الأجواء جيدة وأنا الآن أقوم بشراء وتحضير الحلويات كالشكولاطة والكعك والمسليات، القهوة السادة، والملابس بالطبع لأنها أهم شيء في عيد الفطر، أي أن بهجة العيد تكمن بالتحضيرات التي تسبقه والتي تظهر من خلال المشتريات التي أقوم بها'.

الطفل محمود حبيب الله من عين ماهل أتى للناصرة خصيصا للتسوق في أحد متاجر الأحذية بالناصرة استعدادا للعيد، بعد أن أوشك على إنهاء الصف السادس مع نهاية السنة الدراسية الحاملة للعطلة والعيد معا، معبرا عن حزنه إزاء 'انتهاء رمضان بسرعة' فلم ينتبه لسرعة الوقت التي لم تمهله الاستمتاع بالشهر كما يحب، فعلى حدّ وصفه 'ملحقناش نتهنى فيه'، فما يحبه في العيد هو الاستمتاع بالوقت والخروج في نزهة والسباحة وكرة القدم.

لا شك أن العادات تتغير كل عام، وهذا هو حال عادات الفرح التي أخذت بالنزوح عن مسارها والاتجاه خارج المدينة مع الأسعار الأرخص والحملات الرأسمالية اللامتناهية للشركات الأخطبوطية، فالأمر ما عاد متعلقا فقط بالمكان بل بالمجتمع حين يتحول سلوكه إلى عادة مضرة لأهل مدينته، وبالرغم من ذلك لا تعميم على المدينة بأكملها بل هي حالة مبهمة من الممارسات الفردية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تحديد المناخ العام للمدينة. 

التعليقات